-A +A
عبده خال
دائماً أقول، إن الحياة لا تعود إلى الخلف، وفي سيرها تكتسب حركية الزمن بأدواته، ومتغيراته، ولا أريد الانعطاف إلى الخلف للتذكير أو التذكر، وإنما أرغب في السير إلى الأمام فرحاً بكل منجزاتنا المختلفة، والتي تؤكد على تسارع العزيمة مع أي منجز تحققه البلاد من خلال شبابها ودعم القرارات السيادية في تسهيل وتسخير كل الإمكانيات للوصول إلى المراتب المتقدمة في المنجز.

ولو أردنا التمعن في رحلة الرائدين الفضائيين ريانة برناوي وعلي القرني فأول إشارة لامعة، أن الرحلة ليست مشاركة مع رواد آخرين ليقال إن السعودية تجدد مشاركة روادها في رحلات فضائية، لا لا، فما انطلاق الرحلة إلا إعلان عن استثمار السعودية في الفضاء، وحين يذكر الاستثمار، وخاصة استثمار الدولة، فإن للمفردة حمولات كبيرة تتسق مع الرغبات المتعددة في تنوع الموارد المستثمر فيها، والتي تعود على البلاد بتنوع مصادر الدخل الوطني، والمستهدف الرئيس استدامة التنمية بأفضل الوسائل، والفضاء هو الوسيلة المستقبلية لضخ الاستثمارات الضخمة من أجل الغد.


ومن الإشارات المفرحة الاستثمارية (ليست في المال فقط، وإنما الاستثمار في القوى البشرية لدينا)، فمع رحلة الرائدين السعوديين بدأت أولى التجارب العلمية حول الفضاء، (والتي ينفذها أكثر من 9 آلاف طالب وطالبة على الأرض عبر الارتباط اللحظي مع تجارب رائدي الفضاء السعوديين ريانة برناوي وعلي القرني في محطة الفضاء الدولية).

وقد جاءت الأخبار، أن الطلبة يعملون على (تنفيذ 3 تجارب علمية في أوقات مختلفة، حيث تستهدف كل تجربة مرحلة تعليمية معيّنة)، ومن الأمس دخل طلاب المراحل التعليمية (الابتدائي والمتوسط والثانوي) في التجارب الفضائية، والتي سوف تستمر لثلاثة أيام داخل مراكز أعدت لهذا الغرض، وسوف أنسخ خبر هؤلاء الطلاب ومشاركتهم في التجارب الأرضية مع رائدي الفضاء، بحيث تم تمكين الطلاب من التواصل مع الرواد مستخدمين أحدث التقنيات (التي تتيح الارتباط بالمركبة الفضائية، إلى جانب أجهزة الاتصال عالية الالتقاط؛ لضمان جودة الصوت والصورة، حيث سيتاح للطلبة مشاركة تجاربهم، والاطلاع على تفاصيل الحياة على متن محطة الفضاء الدولية، إلى جانب طرح الأسئلة على رائدي الفضاء من خلال الاتصال اللاسلكي، والتعرف بشكل مباشر على أبرز اللحظات والأنشطة المتعلقة بالفضاء.

وتمتلك محطة الفضاء الدولية برنامج اتصال لاسلكياً خاصاً بها، يهدف إلى إلهام الطلاب والطالبات في جميع أنحاء العالم؛ لتطوير مسيرتهم وتنمية شغفهم العلمي، عبر تمكين الطلبة من إجراء الاتصال مع طاقم محطة الفضاء الدولية).

ماذا بعد هذا؟

يمكن وبجرأة غير مبالغ فيها، أن نقول نحن الآن نستثمر عقول أبنائنا من أجل رفعة بلادهم في المنجزات العلمية.. والله قليل هو الكلام عن هذه التجارب المنفتحة على المستقبل بكل رحابة.

هل تذكرون البرنامج الإذاعي (طلابنا في الخارج)؟ ذلك البرنامج الذي كان يحمل بشائر ابتعاث أبنائنا للخارج والعودة إلى بلادهم وهم يحملون الشهادات العلمية الرفيعة، والآن سوف نستعيد نفس المسمى ونقول: أبناؤنا في الفضاء الخارجي.