-A +A
محمد شايع الشايع
اعتاد الكثير على تبني الحكومات المنابر العلمية، وزاد على ذلك الاعتياد بأن البر والصدقة مساجد ودور عبادة، لكن التمايز الفكري خلق مركزاً استثنائياً في كل من الجوف والغاط، مسقط رأس الأمير الخيّر، وميدان عمله الإداري والوطني، وصلة بر له بذويه وأولاده، صور ومواقف ومبادرات رسمها وتبناها الأمير عبدالرحمن السديري بكل معانيها القيمة، ذو النظرة الثاقبة بأهمية المراجع والكتب، لتتحول لاحقاً لمكتبتين متميزتين «دار العلوم» بمدينة سكاكا، و«دار الرحمانية» بالغاط، حافظ فيه على الحاجة العلمية والخصوصية المجتمعية، وعكف (رحمه الله) ليكون المركز بوابة الإلهام الشمالية، ومنارة علم، ونافذة معرفة، وأيقونة ثقافية. اليوم نعيش ثورة علمية ومنارة علم تطبيقية، بل ودرس في الصدقة الجارية، وصلة الرحم من خلال إرث كبير من الكتب والدوريات، والمحاضرات والندوات والمؤتمرات. واستطاع القائمون على المركز تحويله ليصبح محوراً مؤثراً في الثقافة السعودية التي تجاوزت المحلية، وانتقل تأثيرها ودورها إلى رحاب أوسع مدى، ووصل صدى فعالياتها ومبادراتها في مجالات الثقافة والنشر وخدمة الموروث والتراث واللغة العربية إلى شتى بقاع عالمنا العربي بل والأوساط الثقافية الدولية.

والمنصف المتبحر يدرك دور مجالس الإدارات، والإدارات التنفيذية المتعاقبة والعاملين بالمركز والذين يُحسب لهم الدور الفاعل في تنوع الإنتاج الثقافي، والعمل المؤسساتي من خلال مجلة ثقافية فصلية «الجوبة»، وما تقوم به في المشهد الثقافي العربي، وما تنشره من ملفات دورية تصب في خدمة الثقافة والأدب، إضافة إلى دورية المركز المتخصصة في مجال التراث والآثار «أدوماتو»، والتي اكتسبت مكانة مرموقة في مجال النشر الأثري العلمي الرصين.


واليوم يعمل المركز للتجديد والتحديث من خلال تطوير برامج وأنشطة المركز لتكون مناراً ونافذة من نوافذ العلم والمعرفة والثقافة، ومركزاً متمايزاً في الابتكار والدعم للبحث العلمي والأدبي، بل وأيقونة تميز فاعلة في خدمة المجتمع، وذلك من خلال السعي لتقديم البرامج العلمية الثقافية المؤصلة ذات البعد المعرفي العميق من خلال التفاعل والمشاركة مع المجتمع المحلي، وتفعيل دور مكتباته العامة وتطويرها من خلال أنظمة المعلومات وأوعيتها المختلفة. إن مركز الأمير السديري منظومة علمية تدرك دور العلم وتقدره من خلال برامج بحثية لدعم تنمية الجوف والغاط والإسهام في تشجيع النهضة العلمية والثقافية المتميزة، وانعكس ذلك على تعزيز حركة البحث العلمي والإبداع الأدبي في المنطقة.

والتنوع والتجديد مستمر، ففي كل دورة سنوية تعمل البرامج على استنهاض وشحذ همم المبدعين ورعايتهم وتشجيعهم على تحقيق التميّز والإبداع، يدعم ذلك توفير الكتب والدوريات والمراجع بما يزيد على 16 ألف كتاب ومرجع في جنبات مكتبات المركز في الجوف والغاط، وبرامج زاد المنتفعون منها على 180 ألف فرد في برامج متنوعة تجاوز عددها الـ460 برنامجاً خلال عام واحد، والزائر لتلك المنابر يجد الحس الوطني البيئي من خلال العمارة الصديقة للبيئة كنموذج راقٍ في دار الرحمانية والذي يستحق الزيارة.

كل هذا التميز يتابع حراكه المبدعان في فن الإدارة المدير العام سلطان بن فيصل السديري والذي يتولى الجانب الإداري، فيما تتولى النائبة الأستاذة الدكتورة مشاعل بنت عبدالمحسن السديري شؤون البرامج العلمية، والاحتياجات النسائية وفق متطلبات المجتمع والتنمية.