فاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بفترة رئاسية ثالثة في انتخابات الإعادة (الأحد: ٢٨ مايو الماضي)، حصل على ٥٢.١٨٪ من أصوات الناخبين مقابل حصول منافسه كمال كليجدار أوغلو على ٤٧.٨٢٪، بفارق ٢.٣ مليون صوت. هذه النسبة المئوية التي فاز بها الرئيس أردوغان أفضل (كمياً) من تلك، التي حصل عليها الرئيس جو بايدن في انتخابات نوفمبر الرئاسية ٢٠٢٠ (٥١.١٣٪).
بمعايير الممارسة الديمقراطية، في دول المجتمعات الديمقراطية التقليدية، تُعد نتيجة الانتخابات التركية اعتيادية، وإن تفوقت في نسبة الإقبال (٨٤٪)، على انتخابات الرئاسة الأمريكية نوفمبر ٢٠٢٠، (٦٦.٩٪).
من أهم القضايا التي تناولتها الجولة الأولى (١٤ مايو الماضي) بشقيها التشريعي والرئاسي؛ تبني المعارضة العودة للنظام البرلماني. أحلام المعارضة العودة للنظام البرلماني تبددت بفوز تكتل الجمهور برئاسة حزب العدالة والتنمية بالأغلبية المطلقة ٣٢٣ من ٦٠٠ مقعد.
مما لا شك فيه أن النظام الرئاسي، بصيغته الائتلافية الحالية، يتوافق (نسبياً) مع شخصية الرئيس أردوغان المؤدلجة المتحكمة، الواعية بإمكانات السلطة.. المستوعبة لدروس التاريخ، الحالمة باستعادة أمجاد أمته. رغم خسارة حزب العدالة والتنمية ٢٧ مقعداً في الجمعية الوطنية الكبرى لتركيا، مقارنة ببرلمان ٢٠١٨، يظل تكتل الجمهور (العدالة والتنمية ٢٦٨ مقعداً، الحركة القومية ٥٠ مقعداً، وحزب الرفاه ٥ مقاعد) يتمتع بالأغلبية في البرلمان الجديد. النظام الرئاسي، إذن: يسمح للرئيس أردوغان الحكم بأريحية، دون مضايقات تذكر من البرلمان، مما لو كان رئيساً للوزراء في نظام برلماني لا يتمتع فيه حزبه وحده بالأغلبية المطلقة.
بصفة عامة: النظام الرئاسي يتيح للرئيس أردوغان الحكم بمراسيم، والسيطرة الكاملة على رموز إدارته، بعيداً عن وصاية البرلمان.. وكذا السماح له البقاء في الحكم لخمس سنوات، دون تهديد البرلمان بإجراء انتخابات مبكرة. كما يسمح النظام الرئاسي للرئيس أردوغان التحرك بأريحية في مجال السياسة الخارجية.. وقيادة الجيش.. وله أيضاً حق الاعتراض (الفيتو) على مشاريع القوانين التي يَسُنها البرلمان.. وغير ذلك من السلطات التي لا يتيحها النظام البرلماني لرئيس مجلس الوزراء.
في ظل النظام الرئاسي، بنسخته التركية، تزداد سطوة الرئيس على البرلمان، بضَعْفِ رقابة الأخير على الرئيس وحكومته، وهذا يضعف رقابة الشعب على الحكومة، بفرعيها الرئاسي والتشريعي. في الولايات المتحدة، على سبيل المثال: تُعقد انتخابات تشريعية نصفية كل سنتين، بينما الانتخابات الرئاسية تُجرى كل أربع سنوات. هذا يتيح للناخب الأمريكي والكونغرس مراقبة أشد على مؤسسة الرئاسة بالحكم على أداء الرئيس وإدارته، في منتصف فترته الدستورية. كما أن جدل استقرار الحكم يقتضي توافق الرئاسة مع البرلمان، لا يستقيم هنا لإخلاله بآلية الفصل بين السلطات، التي يتفوق بها النظام الرئاسي مقارنة بالنظام البرلماني.
أخذاً في عين الاعتبار هذه السلطات التي يتيحها النظام الرئاسي للرئيس أردوغان، ستُعَزز سلطة الرئاسة، على حساب البرلمان، ومن ثَمّ تعزيز مكانة حزب الرئيس، حتى لا يحتاج مستقبلاً للائتلاف مع أحزاب الأخرى.. ويضمن دوماً أغلبية في البرلمان، فتضعف المعارضة وتقل احتمالات وصولها للحكم، مع الوقت. وإن كان النظام الرئاسي لا يقر الانتخابات المبكرة، إلا أنه احتمال تجديد الانتخابات في فترة الرئيس الثانية (المادة: ١١٦ من الدستور)، يتيح للرئيس بدعوة من البرلمان (ثلاثة أخماس الأعضاء) إجراء انتخابات عامة تشريعية ورئاسية جديدة، وبالتالي: تجاوز عقبة فترتي الرئاسة. كما لا ننسى سلطة الرئيس الدعوة لإجراء استفتاء لتعديل الدستور، بل وحتى تغييره. في خطاب تنصيبه يوم السبت الماضي، كشف الرئيس أردوغان عن نيته كتابة دستور جديد لتركيا.
هذه التوجهات للرئيس أردوغان في تكريس النظام الرئاسي، التي بصفة عامة ربما تفسر سر بقائه في السلطة لعقدين من الزمان، مستخدماً «تكتيكات» الديمقراطية وحيلها، هي ما يخشى منه معارضوه، حتى رفاقه من داخل حزبه، ويوصمونه بالدكتاتورية والتسلط. بينما كل ما يفعله الرئيس أردوغان هو: استخدام شعبيته وإنجازاته وربما مغامراته (ديمقراطياً)، في تحقيق طموحاته السياسية.
هذه هي الديمقراطية على الطريقة التركية (الأردوغانية)، بابتكاراتها «الإبداعية»، التي لا تخلو من حيل ومناورات السياسة وألاعيبها، إلا أنها بالتأكيد إضافة للممارسة الديمقراطية، تُظْهِرُ أن الديمقراطيةَ ليست حكراً على مجتمعات الشمال وحدها.
بمعايير الممارسة الديمقراطية، في دول المجتمعات الديمقراطية التقليدية، تُعد نتيجة الانتخابات التركية اعتيادية، وإن تفوقت في نسبة الإقبال (٨٤٪)، على انتخابات الرئاسة الأمريكية نوفمبر ٢٠٢٠، (٦٦.٩٪).
من أهم القضايا التي تناولتها الجولة الأولى (١٤ مايو الماضي) بشقيها التشريعي والرئاسي؛ تبني المعارضة العودة للنظام البرلماني. أحلام المعارضة العودة للنظام البرلماني تبددت بفوز تكتل الجمهور برئاسة حزب العدالة والتنمية بالأغلبية المطلقة ٣٢٣ من ٦٠٠ مقعد.
مما لا شك فيه أن النظام الرئاسي، بصيغته الائتلافية الحالية، يتوافق (نسبياً) مع شخصية الرئيس أردوغان المؤدلجة المتحكمة، الواعية بإمكانات السلطة.. المستوعبة لدروس التاريخ، الحالمة باستعادة أمجاد أمته. رغم خسارة حزب العدالة والتنمية ٢٧ مقعداً في الجمعية الوطنية الكبرى لتركيا، مقارنة ببرلمان ٢٠١٨، يظل تكتل الجمهور (العدالة والتنمية ٢٦٨ مقعداً، الحركة القومية ٥٠ مقعداً، وحزب الرفاه ٥ مقاعد) يتمتع بالأغلبية في البرلمان الجديد. النظام الرئاسي، إذن: يسمح للرئيس أردوغان الحكم بأريحية، دون مضايقات تذكر من البرلمان، مما لو كان رئيساً للوزراء في نظام برلماني لا يتمتع فيه حزبه وحده بالأغلبية المطلقة.
بصفة عامة: النظام الرئاسي يتيح للرئيس أردوغان الحكم بمراسيم، والسيطرة الكاملة على رموز إدارته، بعيداً عن وصاية البرلمان.. وكذا السماح له البقاء في الحكم لخمس سنوات، دون تهديد البرلمان بإجراء انتخابات مبكرة. كما يسمح النظام الرئاسي للرئيس أردوغان التحرك بأريحية في مجال السياسة الخارجية.. وقيادة الجيش.. وله أيضاً حق الاعتراض (الفيتو) على مشاريع القوانين التي يَسُنها البرلمان.. وغير ذلك من السلطات التي لا يتيحها النظام البرلماني لرئيس مجلس الوزراء.
في ظل النظام الرئاسي، بنسخته التركية، تزداد سطوة الرئيس على البرلمان، بضَعْفِ رقابة الأخير على الرئيس وحكومته، وهذا يضعف رقابة الشعب على الحكومة، بفرعيها الرئاسي والتشريعي. في الولايات المتحدة، على سبيل المثال: تُعقد انتخابات تشريعية نصفية كل سنتين، بينما الانتخابات الرئاسية تُجرى كل أربع سنوات. هذا يتيح للناخب الأمريكي والكونغرس مراقبة أشد على مؤسسة الرئاسة بالحكم على أداء الرئيس وإدارته، في منتصف فترته الدستورية. كما أن جدل استقرار الحكم يقتضي توافق الرئاسة مع البرلمان، لا يستقيم هنا لإخلاله بآلية الفصل بين السلطات، التي يتفوق بها النظام الرئاسي مقارنة بالنظام البرلماني.
أخذاً في عين الاعتبار هذه السلطات التي يتيحها النظام الرئاسي للرئيس أردوغان، ستُعَزز سلطة الرئاسة، على حساب البرلمان، ومن ثَمّ تعزيز مكانة حزب الرئيس، حتى لا يحتاج مستقبلاً للائتلاف مع أحزاب الأخرى.. ويضمن دوماً أغلبية في البرلمان، فتضعف المعارضة وتقل احتمالات وصولها للحكم، مع الوقت. وإن كان النظام الرئاسي لا يقر الانتخابات المبكرة، إلا أنه احتمال تجديد الانتخابات في فترة الرئيس الثانية (المادة: ١١٦ من الدستور)، يتيح للرئيس بدعوة من البرلمان (ثلاثة أخماس الأعضاء) إجراء انتخابات عامة تشريعية ورئاسية جديدة، وبالتالي: تجاوز عقبة فترتي الرئاسة. كما لا ننسى سلطة الرئيس الدعوة لإجراء استفتاء لتعديل الدستور، بل وحتى تغييره. في خطاب تنصيبه يوم السبت الماضي، كشف الرئيس أردوغان عن نيته كتابة دستور جديد لتركيا.
هذه التوجهات للرئيس أردوغان في تكريس النظام الرئاسي، التي بصفة عامة ربما تفسر سر بقائه في السلطة لعقدين من الزمان، مستخدماً «تكتيكات» الديمقراطية وحيلها، هي ما يخشى منه معارضوه، حتى رفاقه من داخل حزبه، ويوصمونه بالدكتاتورية والتسلط. بينما كل ما يفعله الرئيس أردوغان هو: استخدام شعبيته وإنجازاته وربما مغامراته (ديمقراطياً)، في تحقيق طموحاته السياسية.
هذه هي الديمقراطية على الطريقة التركية (الأردوغانية)، بابتكاراتها «الإبداعية»، التي لا تخلو من حيل ومناورات السياسة وألاعيبها، إلا أنها بالتأكيد إضافة للممارسة الديمقراطية، تُظْهِرُ أن الديمقراطيةَ ليست حكراً على مجتمعات الشمال وحدها.