-A +A
علي محمد الحازمي
عُقد هذا الأسبوع في الرياض مؤتمر الأعمال العربي الصيني الذي يؤكد مكانة المملكة العربية السعودية كقائد للمنطقة قادر على المساهمة في تحقيق نهضة عربية شاملة وفي نفس الوقت يُجسّد هذا المؤتمر عمق العلاقات الصينية العربية التاريخية التي يمكن إرجاعها إلى طرق التجارة القديمة على طريق الحرير، التي ربطت الصين بالشرق الأوسط وما وراءه. تاريخياً، كانت العلاقات العربية الصينية قائمة أساساً على التجارة، حيث تحظى السلع الصينية مثل الحرير والبورسلين والشاي بتقدير كبير في العالم العربي. وفي الوقت نفسه، كان الطلب على السلع العربية مثل البهارات واللبان والمر مرتفعاً في الصين. سهلت طرق التجارة على طريق الحرير هذا التبادل السلعي وساعدت على إنشاء روابط ثقافية بين المنطقتين، لذلك أن التعامل الصيني مع العرب مبني على أساس الصداقة والعلاقات التاريخية.

العقود الأخيرة، نمت العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية والصين بشكل ملحوظ حتى أصبحت الصين الشريك التجاري الرئيسي لكل الدول العربية بتجارة بينية تتجاوز 430 مليار دولار، تستحوذ المملكة على 26% من حجم هذه التجارة. فلا غنى للصين عن الدول العربية التي تستورد منها معظم وارداتها من النفط، ولا غنى للدول العربية عن الصين التي تعتبر المورد السلعي الأول. بالإضافة إلى ذلك، استثمرت الصين بكثافة في مشاريع البنية التحتية في الدول العربية، مثل بناء الموانئ والسكك الحديدية والطرق السريعة.


ومن الأمثلة على هذه العلاقة الاقتصادية منتدى التعاون بين الصين والدول العربية (CASCF) الذي يعد علامة فارقة في العلاقات الصينية العربية، الذي تأسس عام 2004 لتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين الصين والدول العربية. ويضم المنتدى 22 دولة عربية، حيث لعب هذا المنتدى دوراً محورياً ومهماً في تقريب وجهات النظر في العيدي من القضايا الاقتصادية مما انعكس إيجاباً على زيادة حجم التجارة والاستثمار بين المنطقتين.

أكدت التجربة التاريخية للعرب مع الصينيين عبر طريق الحرير أن الصين تختلف عن دول الاستعمار والإمبريالية التي تعتبر المنطقة العربية مكاناً غنياً بالموارد الطبيعية فقط. تحتاج المنطقة العربية اليوم إلى شريك حقيقي يمتلك قوة اقتصادية وعسكرية ونفوذاً سياسياً دولياً مثل الصين من أجل إنجاح مبادرة الحزام والطريق وترسيخ العلاقات الصينية العربية والارتقاء بها إلى مستوى التحالف الإستراتيجي. تختلف الصين عن باقي الدول الأخرى كونها على استعداد للمساهمة في نقل خبراتها وتجاربها الإنمائية والتكنولوجية للدول العربية وفي ذات الوقت تؤمن الصين أن نهضة الدول الشريكة والصديقة جزء لا يتجزأ من توجهاتها العالمية.