من المؤكد أن الحياة رحلة كفاح بمجرياتها على أكثر من جبهة، لكنني أشك بأن من ليس في حالة دفاع هو في حالة هجوم. ولا أظن أن الناس دائماً إما ظالم أو مظلوم، لكنني لست متأكداً من حجم المساحة ومدى المسافة بين أن تكون دائناً ومديناً، وبين أن تكون ظالماً أو مظلوماً أو أن تكون في حالة دفاع أو حالة هجوم.
أناس كثيرون يعانون الفوضى ليس لأنهم كذلك كأفراد، وليس لأنهم لا يملكون البديل، لكنهم ذنبهم أنهم أتوا إلى ثقافة النجاح بعد أن عاشوا وتشربوا ثقافة البقاء. ثقافة البقاء وهي ذات سقف منخفض للطموحات الفردية وسقف مرتفع للتشاركية والمجتمعية والتعاونية، وخلافاً لثقافة البقاء هناك ثقافة النجاح، وهذه ثقافة تمتد جذورها للرأسمالية والفردية.
لكلٍ من هاتين الثقافتين والحاضنتين إيجابياتها وسلبياتها، ولست مع واحدة منهما ضد الأخرى، لكنني -وبصدق وأمانة- أحزن وأتعاطف كثيراً مع كل الذين أعطوا بسخاء وقدَّموا بتضحية عندما كانت الحياة تشاركية تعاونية، فيها نكران للذات، وعندما جاء وقت استحقاقهم نظير كل ما قدموه وضحوا به من وقتهم ومالهم وجهدهم، تغيرت قواعد اللعبة، حيث الفرد والفردية وحيث الرأسمالية وحيث النجاح الفرديُّ مقدّمٌ على البقاء الجماعي.
المجتمعات المتأصلة فيها القيم الدينية والاجتماعية المتوارثة، ومنها المجتمعات العربية، لا تزال تحتفظ بأصالتها، المرتكزة على التعاون الجماعي والوقوف مع الآخرين في ظروفهم عند الحاجة وفي الشدائد، ولا تزال تستمد طاقتها من الروح المجتمعية والبعد الاجتماعي المتجذر.
لكن في المقابل هناك البعض ممن يعاني أشد المعاناة بسبب التغيرات الكبيرة التي شهدتها فترات التحول من ثقافة ومدرسة البقاء إلى ثقافة ومدرسة النجاح.
يمكن القول بأن التقنية لعبت دوراً مهماً إلى حدٍ ما في ردم الهوة وتعويض البعض ممن يعانون الانكسار والحسرة، نتيجة لتغير قواعد اللعبة الاجتماعية، فأوجدت التقنية بعض الجسور من العلاقات البشرية العابرة للعلاقات الاجتماعية التقليدية والعابرة لحدود الدول، وهذا أسهم إلى حدٍ ما في التعويض المادي والعلاقات البشرية النوعية.
لكنني أخشى أن بيننا من هم لا يزالون يعانون الأمرين لوقوعهم بين ثقافتين واحدة أفلت وأخرى أتت، ولم يستطيعوا نتيجة للصدمة والمفاجأة أن يتموضعوا حتى الآن، وأصبحوا ضحية وفريسة لأزمات مالية واجتماعية ومعنوية ونفسية مركّبة.
هؤلاء نفوسهم عزيزة، هؤلاء يعيشون غربة قيميّة، إنهم يعيشون غُربة رقميّة فاقمت غربتهم وجذّرتها، نتيجة لفقدانهم التوازن الاجتماعي - الاقتصادي. هؤلاء ضحية لجملة من متغيرات متسارعة، هؤلاء يتحولون تدريجياً لفريسة سهلة لظروف لا ينتمون لها. هؤلاء لا بد من أن نعترف بهم ولا بد من أن نعالج أوضاعهم. هؤلاء لا بد من أن نعرف كم عددهم وما نسبتهم، وكيفية مساعدتهم ومد الجسور لهم.
أناس كثيرون يعانون الفوضى ليس لأنهم كذلك كأفراد، وليس لأنهم لا يملكون البديل، لكنهم ذنبهم أنهم أتوا إلى ثقافة النجاح بعد أن عاشوا وتشربوا ثقافة البقاء. ثقافة البقاء وهي ذات سقف منخفض للطموحات الفردية وسقف مرتفع للتشاركية والمجتمعية والتعاونية، وخلافاً لثقافة البقاء هناك ثقافة النجاح، وهذه ثقافة تمتد جذورها للرأسمالية والفردية.
لكلٍ من هاتين الثقافتين والحاضنتين إيجابياتها وسلبياتها، ولست مع واحدة منهما ضد الأخرى، لكنني -وبصدق وأمانة- أحزن وأتعاطف كثيراً مع كل الذين أعطوا بسخاء وقدَّموا بتضحية عندما كانت الحياة تشاركية تعاونية، فيها نكران للذات، وعندما جاء وقت استحقاقهم نظير كل ما قدموه وضحوا به من وقتهم ومالهم وجهدهم، تغيرت قواعد اللعبة، حيث الفرد والفردية وحيث الرأسمالية وحيث النجاح الفرديُّ مقدّمٌ على البقاء الجماعي.
المجتمعات المتأصلة فيها القيم الدينية والاجتماعية المتوارثة، ومنها المجتمعات العربية، لا تزال تحتفظ بأصالتها، المرتكزة على التعاون الجماعي والوقوف مع الآخرين في ظروفهم عند الحاجة وفي الشدائد، ولا تزال تستمد طاقتها من الروح المجتمعية والبعد الاجتماعي المتجذر.
لكن في المقابل هناك البعض ممن يعاني أشد المعاناة بسبب التغيرات الكبيرة التي شهدتها فترات التحول من ثقافة ومدرسة البقاء إلى ثقافة ومدرسة النجاح.
يمكن القول بأن التقنية لعبت دوراً مهماً إلى حدٍ ما في ردم الهوة وتعويض البعض ممن يعانون الانكسار والحسرة، نتيجة لتغير قواعد اللعبة الاجتماعية، فأوجدت التقنية بعض الجسور من العلاقات البشرية العابرة للعلاقات الاجتماعية التقليدية والعابرة لحدود الدول، وهذا أسهم إلى حدٍ ما في التعويض المادي والعلاقات البشرية النوعية.
لكنني أخشى أن بيننا من هم لا يزالون يعانون الأمرين لوقوعهم بين ثقافتين واحدة أفلت وأخرى أتت، ولم يستطيعوا نتيجة للصدمة والمفاجأة أن يتموضعوا حتى الآن، وأصبحوا ضحية وفريسة لأزمات مالية واجتماعية ومعنوية ونفسية مركّبة.
هؤلاء نفوسهم عزيزة، هؤلاء يعيشون غربة قيميّة، إنهم يعيشون غُربة رقميّة فاقمت غربتهم وجذّرتها، نتيجة لفقدانهم التوازن الاجتماعي - الاقتصادي. هؤلاء ضحية لجملة من متغيرات متسارعة، هؤلاء يتحولون تدريجياً لفريسة سهلة لظروف لا ينتمون لها. هؤلاء لا بد من أن نعترف بهم ولا بد من أن نعالج أوضاعهم. هؤلاء لا بد من أن نعرف كم عددهم وما نسبتهم، وكيفية مساعدتهم ومد الجسور لهم.