-A +A
محمد مفتي
لم ولن تتوقف يوماً الأبواق المعادية للمملكة عن توجيه سهام نقدها اللاذع لكل إنجاز ملموس، فمع كل إنجاز جديد يستشيطون غضباً وترتفع داخلهم وتيرة الرغبة في تشويه كل ما أمامهم، وعلى الرغم من عدم قدرتهم على مجاراة كل إنجاز إلا أن حماسهم لم يخفت وعزيمتهم لم تضعف، فالحقد الدفين داخلهم أعمق من أن تمحوه الإنجازات الحقيقية، وهو ما يدفعهم للدخول في دائرة خبيثة متكررة من النقد الهدام، الذي كشف من تلقاء نفسهم عن اعترافهم بهذه الإنجازات التي يسعون لتشويهها.

لا يتمتع هؤلاء المرجفون بالذكاء الكافي ليدركوا أنهم يشيدون بكل إنجاز قبل أن يطرحونه للنقد، فمع كل انتقاد جديد نجدهم وقد اعترفوا -بشكل غير مباشر- بالإنجاز الذي تم تحقيقه، غير أنهم يسعون لتحليله بطريقة مشوهة بعيدة عن الواقع، فعلى سبيل المثال ذكر أحد هذه المواقع المشبوهة -وفي إطار نقده لمسيرة التنمية السعودية- أن المملكة تحقق إيرادات غير مسبوقة في تاريخها، وبعد اعترافهم الصريح هذا نجدهم وقد شرعوا في انتقاد مجالات الإنفاق العام، لقد تغافل هؤلاء عن أن أي دولة تحقق إيرادات قوية فإن هذا مؤشر على حسن إدارتها لمواردها، وهو إشارة ضمنية لنجاح رؤية 2030 في تنويع مصادر الدخل واستغلال كافة إمكانات الدولة لزيادة دخلها وتحقيق الازدهار الاقتصادي لشعبها، فالنجاح منظومة متكاملة وليست مُجزأة.


قضية أخرى تلوكها هذه المواقع وهي قضية إزالة العشوائيات، وهو منطق غريب يعافه العقل والمنطق، فالعشوائيات بؤر سكانية شديدة الخطورة على العديد من الأصعدة، واستمرار وجودها يشبه وجود سكين حاد قابع داخل غمده ينتظر الانطلاق في أي لحظة، وإزالة هذه العشوائيات من أجل استبدالها بمناطق ومرافق سكنية حديثة لا يمكن أن يتم بين عشية وضحاها، كما أن التخلص من العشوائيات يساعد في تعزيز المنظومة الأمنية وهو مطلب كل مواطن.

ولعل إحدى حملات النقد المثيرة للسخرية اعترافهم بأن هناك حملة قوية على تجارة المخدرات وضد مروجيها، وهي مؤشر من وجهة نظرهم على وجود المخدرات في البلد، ولعل هذا النقد يعد دليلاً دامغاً على مدى ضآلة وضحالة فكرهم، فالمخدرات منتشرة في غالبية دول العالم غير أن الدولة الناجحة هي التي تشنّ حملات قوية لمكافحتها، والحملة التي تقودها الأجهزة الأمنية هي دليل دامغ على جاهزية وبراعة الأجهزة الأمنية.

من المؤكد أن انطلاق الدولة في تنمية مشاريعها المستدامة هو سياسة اقتصادية أقل ما يقال عنها إنها ناجحة واستثنائية، والإدارة الحكيمة لا تدير ما هو متاح وموجود بالفعل فقط، بل تدير الفرص الممكنة والمحتملة كافة ثم تدمجها في رؤية شاملة ومتكاملة لواقع وحاضر ومستقبل الدولة، مع المراعاة التامة لأن تتصف بالمرونة والتكيف الكافيين للتأقلم مع المتغيرات والمستجدات كافة التي تواجه عالمنا الذي غدا سريع التغير.

مائدة النقد الهدام عامرة بكل صنوف الانتقادات المتجددة والمقترنة بكل إنجاز جديد، فتارة ينتقدون وتيرة الإنجازات ويصفونها بأنها مجرد أحلام غير قابلة للتحقيق، وتارة أخرى ينتقدون تطوير المجال الرياضي ويعتبرون استقطاب الرموز الرياضية أحد أوجه السفه والإسراف، علماً بأن استقطاب رموز رياضية هو سلوك عالمي تفعله الكثير من الدول، كما نال مجال الترفيه نصيبه أيضاً من الانتقاد، وما لا يدركه هؤلاء هو أن مجالات التطوير كافة تنبثق من منبع واحد، فهي ليست عشوائية كما تبدو في مخيلتهم الهشة، فالمملكة تخط طريقها في عالم اليوم بخطى واثقة كوجهة استثمارية وسياحية رائدة، مدعومة بجناحي السياسة الخارجية النشطة والاقتصاد القوي.

تضع القيادة في المملكة شعبها كأولوية قصوى، وبخلاف نجاح المملكة في أن تصبح وجهة ترفيهية إقليمية مميزة، فإن اهتمامها بشعبها هو ما أملى عليها فتح باب مجال الترفيه وتحويل المملكة لمنطقة جذب استثمارية وسياحية قوية، وما لا شك فيه أن هذه السطور المحدودة لن تكفي لشرح السياسة المتكاملة التي تنتهجها المملكة حالياً لتتحول لقوة إقليمية كبرى اعتماداً على تطويرها للعديد من المحاور، وهو ما تحقق بالفعل وبشهادة أعدائها، الذين أدانوا أنفسهم بأنفسهم دون إدراك منهم لذلك!.