-A +A
هيلة المشوح
يعد مشروع «تحلية المياه المالحة» في السعودية من أهم القطاعات الحيوية التي تلامس أهم مقومات الحياة في صحراء شاسعة ومساحات ضخمة لتتصدر اليوم المركز الأول عالمياً في إنتاج المياه المحلاة، حيث تمتلك أكبر شبكة من محطات التحلية في العالم بقدرة إنتاجية تصل إلى حوالي 18% من إجمالي المياه المحلاة في العالم وتغذي أكثر من 40 مدينة ومحافظة وقرية بمياه الشرب والطاقة الكهربائية ومعدل إنتاج نحو 60% من إجمالي مياه الشرب في السعودية، الأمر الذي دفع مجلس الشورى مؤخراً لاستعراض التقرير السنوي للمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة والإشادة بالإنجازات الكبيرة للمؤسسة وتقديم مقترح للجنة المياه والزراعة والبيئة بضرورة تمكين المؤسسة من أداة تعاقدية تتيح لها الاستفادة من الفرص الاستثمارية الإقليمية والدولية بما يعزز فرصها في الوصول للريادة العالمية في مجالي التقنية والتدريب والإسهام في تنويع الإيرادات غير النفطية، والمطالبة بدعم المؤسسة لتتمكن من تنفيذ مشاريع الربط التكاملي لأنظمة نقل المياه بين مناطق المملكة، لتعزيز الأمن المائي ورفع الجاهزية للتعامل مع حالات الطوارئ.

تستمد «التحلية» استراتيجياتها من رؤية القيادة الرشيدة ورسالة دولة تنمو وتزدهر لتكون نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم من خلال تنفيذها حلولاً مبتكرة وتقنيات مستدامة تعزز دورها الريادي في شتى المجالات؛ ومنها صناعة التحلية والإسهام في الارتقاء بجودة الحياة، والعمل بكامل قدراتهـا لرفع كفاءة المنتج والعمليات وتطوير صناعة وتحويـل الرجيـع الملحـي إلـى منتجـات صناعيـة ذات عوائد عالية تسهم في توطيـن وتعزيز النمـو الاقتصادي وخلـق الفـرص الاستثمارية لبناء منظومة متكاملة بالمملكة، وهذا ما يتم تحقيقه على أرض الواقع وكما جاء في التقرير السنوي الخاص بالتحلية للعام المنصرم 2022م، حيث حققت أرقاماً قياسية عالمياً في الإنتاج تقدر بـ(6.6) مليون م3/‏يوم، وكشفت فيه عن تطبيق حساب الموازنة لتعزيز تحول قطاع المياه للعمل على أسس تجارية بتوقيع (8) اتفاقيات تجارية لكافة منظومات إنتاجها، كما أولت التحلية في تقريرها عنايتها بزيادة فرص المنتجات الحيوية التي تعزز نمو الاقتصاد الوطني كتعدين البحار، ما سيحقق عوائد تقدر بـ8 مليارات ريال في 2030م، ودعماً للناتج المحلي عقدت اتفاقية إنشاء أول مصنع لإنتاج أغشية التناضح العكسي في المملكة بالشراكة مع هيئة المحتوى المحلي، يعد الأول من نوعه بالشرق الأوسط وثاني مصنع متكامل بالعالم خارج اليابان سيبدأ إنتاجه 2025م، وسيحقق عائداً على الناتج المحلي 1.14 مليار في 5 سنوات، وبأثر سنوي على الميزان التجاري يبلغ 135 مليون ريال، ويخدم قطاع المياه والقطاعات الصناعية الأخرى.


تمتلك المملكة اليوم شبكة منظومات نقل مياه ضخمة تربط عدداً من المناطق ببعض تصل سعاتها إلى (12.5) مليون م3/‏يوم، تبدأ شرقاً من سواحل الجبيل ورأس الخير لتصل إلى منطقة الرياض ومنها إلى منطقة القصيم يصل طول الأنابيب فيها إلى أكثر من (3) آلاف كم، وتزيد سعاتها على (3.3) مليون م3/‏يوم. أما في الغرب فترتبط منطقة مكة المكرمة مع منطقة الباحة بشبكة نقل واحدة ويجري الإعداد لربطهما شمالا مع منطقة المدينة المنورة وجنوبا مع منطقتي عسير وجازان المرتبطتين بشبكة واحدة حالياً. وجاءت توصية مجلس الشورى بدعم المؤسسة لتنفيذ مشاريع الربط التكاملي لأنظمة نقل المياه متوافقة مع رؤية المؤسسة بربط شبكة منظومات شرق المملكة مع غربها، عن طريق ربط منطقة المدينة المنورة مع منطقة القصيم لتصبح أكبر شبكة نقل مياه بالعالم، ويرفع الجاهزية بتنويع المصادر، ويمكن «التحلية» و«شركة نقل المياه» من التحكم بإمدادات المياه من خلال مركز إسناد موحد يدار من خلاله ملايين الأمتار المكعبة من المياه يتم ضخها عبر آلاف الكيلومترات من منظومات النقل الممتدة كشرايين في جسد المملكة تروي العديد من مناطقها ومشاريعها التنموية، وسيتوج هذا العمل إبّان تنفيذه جهود المملكة لخلق نموذج لا يُضاهى وسيكون قصة نجاح ملهمة لإنجازات المملكة وتطورها.