-A +A
وفاء الرشيد
خرج علينا مؤخراً الكاتب الكويتي وأستاذ علوم السياسة المعروف عبد الله النفيسي في أحد آرائه الشاذة المألوفة منه، مطالباً بما سماه الاستقواء بتركيا في تطوير حقل الدرة النفطي؛ الذي هو حقل سعودي - كويتي، وقد قرر البلدان استغلاله المشترك ورفضا الأطماع الإيرانية فيه.

ما نستشفه من تصريحات النفيسي هو نفس الموقف الإخواني المعروف من الدول الخليجية، بما يحمله من نظرة دونية لها، وتنقيص لمشروعها التعاوني الاندماجي، مع رفع الفزاعة الإيرانية لتخويفها والتبشير بالمظلة التركية لاحتوائها.


لقد كرر النفيسي مرات عديدة أن البلدان الخليجية لا مستقبل لها، ولا يمكن أن تستمر في الوجود لأسباب استراتيجية ومجتمعية قاهرة، في الوقت الذي أكدت الأحداث الحاسمة؛ التي مر بها العالم العربي في السنوات العشر الأخيرة، أن هذه البلدان طورت آليات فاعلة للاستقرار السياسي والاجتماعي لا تتوفر لغيرها، بل أصبحت اليوم الدعامة التي يستند إليها النظام العربي كله، ولا أحد غير خيال النفيسي المريض يتوقع لها الأفول أو الانهيار.

وعلى عكس ما توقع النفيسي، صمد مجلس التعاون الخليجي رغم كل المطبات والمصاعب، ولم يشل من جراء الخلافات الطبيعية التي تعرفها علاقات الدول في كل أنحاء العالم، وهو اليوم التجمع الإقليمي العربي الوحيد القائم والمستمر.

ما لم يفهمه النفيسي هو أن المشروع الإخواني فشل فشلاً كاملاً في المنطقة؛ فبعد أن أخفق في البلدان التي عرفت مسار «الربيع العربي» وآخرها تونس التي تحررت من القبضة الإخوانية، فقد الذراع الإقليمية التي كانت تحميه بعد أن اكتشفت تركيا أن مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية مع دول المحور العربي الفاعلة؛ مثل السعودية ومصر والإمارات وليست مع التنظيمات الإخوانية الراديكالية والمتشددة المعزولة والمطاردة.

بل إن إيران التي كانت وراء أغلب الأزمات الإقليمية التي عرفتها المنطقة في الأعوام الماضية، أدركت مؤخراً أن من مصلحتها الانفتاح على الدول الخليجية والتعاون معها بدلاً من الاستناد على المليشيات الموالية لها في تفتيت البلدان العربية وتدميرها.

يخيرنا النفيسي بين المظلة الإيرانية والمظلة التركية دون أن يعي أن موضوع حقل الدرة ليس مطروحاً للاستقطاب الإقليمي، بل هو ملف سعودي كويتي محض يديره البلدان بالتوافق والثقة الكاملة، ولا يحتاج إلى درع حماية خارجي.

ما يتعين التنبيه إليه هو أن النفيسي لم يستطع أبداً أن يفهم طبيعة التجربة الإصلاحية الجديدة في السعودية التي تهجم عليها مراراً وتكراراً، على طريقة شركائه وحلفائه من الإخوان.

ما يجري في السعودية أيها النفيسي هو حركة تحديثية وإصلاحية عميقة، ترفض التفسيرات المتشددة للدين، وتحرر إسلامنا الحنيف من التلاعب الأيديولوجي والتوظيف السياسي، وتفتح آفاقاً رحبة للمجتمع السعودي في مسالك التطور والتنمية والتقدم.

لا تظن يا نفيسي أن ثمة من يصدق معلوماتك المختلقة التي تحيل فيها إلى مصادر زائفة ومراجع خيالية. أما نحن السعوديين فلم نعد نقيم شأناً لتوهماتك الحاقدة وأفكارك الأكاديمية المفتعلة التي هي غطاء مموه لشعارات ومواقف الإخوان.