هناك بعض الملفات والقضايا الاجتماعية ذات العلاقة الثقافية والدينية تختفي ونعتقد أن موضوعها قد تمت معالجته ولم يعد له وجود، للأسف هناك من يتحرك لأجنداتهم الخاصة في مواضيع انتهينا أو اعتقدنا أنها قد خلصت إلى غير رجعة، تسأل أصحاب المحلات ذات العلاقة التي تغلق وقت الصلاة فيجيبون أن تعليمات الإدارة تنص على ذلك؛ بحجة إتاحة الفرصة للعاملين فيها لأداء الصلاة، وهذا لا غبار عليه ومن أبسط حقوقهم، ولكن في الغالب من يعملون في أغلب تلك المنشآت هم من غير المسلمين، لذا يمكن أن يقوموا بالأعمال في تلك المحلات، خاصة أن الحركة التجارية تكون بالأساس خفيفة في وقت الصلاة التي لا تتعدى نصف الساعة بالغالب. من مشاهدات وتجارب شخصية تكتظ المقاهي والمطاعم في صباحات الإجازة الأسبوعية من الرواد من المسلمين وغيرهم في تلك الأماكن والبعض عوائل من نساء وأطفال ومرتادين أجانب من دول أوروبية وغيرها في الغالب يحملون أجهزة كمبيوتراتهم المحمولة، وفي الغالب يقومون بأعمالهم التجارية أو الدراسية في تلك المقاهي في أجواء مريحة وخدمات إنترنت مجانية تقدمها تلك المقاهي والمطاعم وتعطيهم فرصة للخروج من أماكن سكنهم التقليدية، فتغير المكان له انعكاسات نفسية على مرتادي تلك الأماكن وتشعر الأجانب بالاندماج والتعرف على الثقافة المحلية من خلال الاحتكاك بأهل البلد من خلفيات وطبقات مختلفة، وهذا ما ننشده نحن عندما نسافر للدول الأجنبية في قضاء الساعات في المقاهي وخاصة في المجمعات التجارية، قضية العبادة وإقامة الصلاة هي في الأساس قضية قناعة شخصية لا علاقة لها بالقوانين والتشريعات، فكم من العاملين والزبائن لا يذهبون للمساجد، بل تجدهم خلف الأبواب في تلك المحلات أو في سياراتهم أو يدورون فيها حتى انتهاء وقت الصلاة، لن أتحدث عن الخسائر التجارية لهذه الإغلاقات، ولكن ما أتحدث عنه هو الربكة غير المبررة للزبائن غير المسلمين أو من النساء والأطفال أو من لهم أسباب خاصة للبقاء في تلك الأماكن والتي علينا احترامها وعدم إقحام المسائل الدينية في هذه التفاصيل الاجتماعية والاقتصادية وهي بعيدة عنها. العبادات وممارساتها هي قضية قناعات شخصية لا تفرض بالقوة أو بادعاء خصوصية واهية لا وجود لها على أرض الواقع، بلدنا يعيش في مرحلة تحول اقتصادي واجتماعي وثقافي وديني مشهودة تقدر الخصوصية الفردية اجتماعياً وثقافياً ودينياً للمواطن والمقيم والزائرين من كل بقاع الأرض، أصحاب ثقافات وأديان مختلفة يحترموننا ويسمحون لنا بإقامة مشاعرنا في دور العبادة من مساجد وغيرها، علينا خلق وإيجاد مساحة من الحرية الشخصية للكل؛ للمواطن والزائر المختلف، وخاصة أن جلب السياحة من مرتكزات الرؤية الاقتصادية والتي تجلب ملايين الأجانب والعرب لبلادنا وتدر مداخيل بالمليارات وتخلق الآلاف من الوظائف. لا نريد أن نستدل الستائر ويطلب من الزبائن مغادرة أماكن راحتهم في مقهى أو مطعم أو بهو فندق بادعاء إقامة الصلاة هنا أو هناك، يمكن في اعتقادي أن توقف الخدمة مثلاً في هذه الفترة ولكن لا يطلب من مرتادي تلك الأماكن المغادرة، وبالفعل يغادرون ويبقون في سياراتهم في أجواء الصيف اللاهبة، منتظرين فتح تلك الأماكن مرة أخرى من عاملين لم يغادروا أو بعضهم على الأقل لأداء الصلاة.