ألقت الدول العربية في اجتماع القمة العربية الذي استضافته المملكة العربية السعودية في شهر أيار/ مايو الماضي حجراً كبيراً في المياه الراكدة في ما يتعلق بالملف السوري وتفاعل الأزمة في هذا البلد العربي. الرؤية العربية التي قادتها المملكة العربية السعودية تقوم على أساس أن استمرار الأوضاع على ما هي عليه لا يخدم أي طرف من الأطراف، وبالتالي يجب إنهاء معاناة الشعب السوري وإيجاد حل سلمي للأزمة، ومن هنا جرى استعادة مقعد سوريا في الجامعة العربية ومشاركة الرئيس السوري بشار الأسد في اجتماعات القمة. لقد قادت المملكة العربية السعودية وبجهد كبير من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان دبلوماسية نشطة لصياغة رؤية عربية وتكرّس ذلك في اجتماع جدة واجتماع عمان، وأفرز ذلك إستراتيجية الخطوة خطوة، والتي تقوم على بناء حل يفصل معضلات الأزمة بعضها عن بعض وتقديم رؤى مباشرة لحلها. وفي كل خطوة يجب أن تقدم الحكومة السورية على إجراءات تؤدي إلى حل لهذه المعضلة أو على الأقل خطة من أجل حلها. وحتى لا يبقى الكلام عمومياً فإن هناك ملفات أساسية في الأزمة السورية، فأساس الحل كما عبر عن ذلك وزير الخارجية الأردني السيد أيمن الصفدي ومن قلب العاصمة السورية دمشق هو قرار مجلس الأمن رقم 2254، وهذه مسألة جوهرية؛ لأن الدول العربية تدرك جيداً أنها لا تعمل في الفراغ وبالتالي لا بد أن يكون هناك إطار يسمح بتكوين رؤية للحل تكون مقبولة من المجتمع الدولي، والحقيقة أن الحكومة السورية لم تبدِ موافقتها على أفق الحل المقترح عربياً بشكل صريح وواضح مما دفع المجتمع الدولي إلى حالة من الشك بإمكانية نجاح الدول العربية بإقناع القيادة السورية بهذا الإطار الجامع. المسألة الأخرى وهي استعادة السيادة السورية على أراضيها، وهذه مسألة معقدة بسبب حالة التقسيم الموجودة بحكم الأمر الواقع ووجود جيوش ومليشيات أجنبية، ولكن كان يفترض بالحكومة السورية أن توحد البندقية في مناطق سيطرتها أو على الأقل وضع خطة قابلة للتنفيذ وهذا ما لم يتم حتى الآن. مسألة المليشيات هي مسألة مثيرة للقلق بالنسبة لدول الجوار وهي تجر المنطقة برمتها إلى الفوضى، وبالتالي هي ليست مسألة سورية صرفة. هناك مسألة أخرى وتحظى بأهمية وعناية فائقة من قبل الدول العربية كافة وخصوصاً دول الخليج والأردن وهي تهريب المخدرات، وحتى الآن لم تقم الحكومة السورية بالكثير في هذا الصدد، وشحنات المخدرات المتجهة إلى الدول العربية تزداد، ولولا سهر قوات الأمن في المملكة العربية السعودية وحرس الحدود في المملكة الأردنية لكان الأوضع أكثر كارثية مما هو عليه اليوم. ويمكن أن نضيف إلى كل ذلك الجمود الذي يعتري مسائل بناء الثقة والتي تهيئ الأجواء لحل الأزمة عبر الإفراج عن المعتقلين وعودة النازحين في المرحلة الأولى ثم اللاجئين في مرحلة لاحقة إلى ديارهم ووضع خطط وإستراتيجيات لذلك.
المملكة العربية السعودية كما الدول العربية التي رسمت أفقاً لحل الأزمة السورية بذلت جهوداً جبارة وعملت على إقناع المجتمع الدولي بضرورة هذا الحل وفوائده من الناحية السياسية والأمنية والإنسانية، ولكن إذا لم تساعد نفسك فلا أحد يستطيع مساعدتك، وربما الحالة السورية تتطلب من الحكومة السورية مقاربة مختلفة تسمح بالخروج من عنق الزجاجة.
المملكة العربية السعودية كما الدول العربية التي رسمت أفقاً لحل الأزمة السورية بذلت جهوداً جبارة وعملت على إقناع المجتمع الدولي بضرورة هذا الحل وفوائده من الناحية السياسية والأمنية والإنسانية، ولكن إذا لم تساعد نفسك فلا أحد يستطيع مساعدتك، وربما الحالة السورية تتطلب من الحكومة السورية مقاربة مختلفة تسمح بالخروج من عنق الزجاجة.