-A +A
محمد مفتي
تتفاوت دول العالم فيما بينها سواء بمواردها أو بحسن استثمارها لمواردها وقدراتها، كما تتفاوت فيما بينها بحسن إدارتها لأمورها وقدرتها على تيسير شؤون شعوبها وبحكمة قاداتها وقدرتهم على التخطيط استراتيجياً لإدارة شؤون الدولة، ولهذا نجد دوماً دولاً تسبق أخرى وأخرى تتراجع على الرغم من ثراء مواردها وتعددها، ولذلك فهناك الكثير من الدول التي تتواجد فعلياً على خارطة العالم، لكن القليل منها هو من يؤثر في قرارات المجتمع الدولي بالفعل، فالكثير من دول العالم إما تعاني من مصاعب اقتصادية أو اضطرابات داخلية.

في المقابل هناك عدد محدود من الدول التي تؤثر بقوة وعمق في كافة شؤون الدول الأخرى، وتسعى بكل ما أوتيت من قوة لإجبار الجميع على الدوران في فلك سياساتها الاقتصادية، وذلك إما بحكم موقعها الجغرافي المميز أو بحكم قوة صناعتها العسكرية، ولهذا فهي لا تسمح أبداً لأي دولة أخرى لأن يكون لها نفوذ منفصل عن نفوذها.


غير أن المملكة منذ نشأتها وحتى يومنا هذا وهي تحتل مكانة عالمية وإقليمية مميزة كونها أرض الحرمين الشريفين، بخلاف مساحتها الجغرافية الشاسعة الممتدة من البحر الأحمر إلى الخليج العربي شرقاً، إضافة إلى تمتعها بموقع جغرافي واستراتيجي متميز حيث تتوسط العالم وتشرف على ممرات بحرية في غاية الأهمية بالنسبة للعالم، كما أن مساحتها الشاسعة بفضل الله عامرة بالموارد الثرية والمتنوعة مما منحها المزيد من التميز، وهو ما جعلها قوة إقليمية ودولية مؤثرة، لكن ليس هذا فقط، فهناك بعض الدول لديها موارد ثرية تسبب زعماؤها في إهدارها بحماقات سياسية واقتصادية، لكن قيادات المملكة منذ تأسيسها عززت نفوذها الاقتصادي والسياسي بعلاقات ودية مع الدول الأخرى.

لقد شهدت المملكة خلال السنوات القليلة الماضية ومنذ انطلاق رؤية ولي العهد الشاب محمد بن سلمان العديد من الإصلاحات الجوهرية العميقة التي طوّرت الكثير من المفاهيم السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية لصالح شعبها، ومن المؤكد أن ما حدث خلال الأعوام القليلة الماضية بقيادة الأمير الشاب ولي العهد كان بمثابة استغلال لموارد المملكة وإمكاناتها بالشكل الأمثل لتحقيق رؤية تنموية «2030»، وتركز هذه الرؤية الطموح على تنويع مصادر الدخل وتوطين العديد من المهن وكذلك توطين الصناعات المختلفة داخل المملكة.

وقد ساهم تمكين المرأة من العمل في خلق المزيد من فرص العمل مما دفع عجلة الاقتصاد بقوة، وأسهم في استحداث الكثير من القطاعات الاقتصادية التي لم تكن موجودة من قبل، ليتم ضخ المزيد من الدماء الشابة المتحمسة في شرايين الاقتصاد السعودي ليحقق طفرات اقتصادية ملموسة.

غير أن بعض المشككين من السفهاء من أصحاب المنابر الباطلة ممن يعيشون في المنفى بالخارج يسعون للتشكيك في صحة هذه الإنجازات وفي نتائجها، وبعيداً عن الجدل الذي لا يسمن ولا فائدة مرجوة منه مع مثل هؤلاء، فإن الزيارات المتعددة التي قام بها قادة ورؤساء العالم للمملكة خلال الأشهر القليلة الماضية لأسباب سياسية واقتصادية تؤكد في نهاية الأمر على مدى الأهمية التي غدت تحظى بها المملكة في عالمنا اليوم، فقد زارها الرئيس الأمريكي بايدن ورئيس الصين والرئيس الفرنسي ورئيس وزراء بريطانيا الأسبق ورئيس وزراء اليابان، وأخيراً الرئيس التركي، بخلاف الدعوات التي تلقاها سمو ولي العهد أيضاً لزيارتهم، في إشارة لا يمكن أن تخطئها عين عن المكانة التي غدت تحتلها المملكة بلا منازع حالياً، وهو ما تتم ترجمته بشكل مباشر على أنه نجاح حقيقي للسياسة السعودية على العديد من الأصعدة.

النجاح الذي أحرزته المملكة بفضل الله عز وجل كان ثمرة حسن الإدارة والقدرة على إدارة دفة الملفات السياسية والاقتصادية على أحسن وجه، والتي عضدها توجه المملكة نحو السلم كمنهج لتصفية الخلافات مع الجميع والتي توجها اتفاق السلام مع إيران، كما انعكس في مسارعة العديد من الدول للاستعانة بالمملكة وسيطاً محايداً ومنصفاً وموضوعياً وقادراً على القيام بمهام تقريب وجهات النظر، وما نشهده الآن هو ثمار اهتمام القيادة السعودية بشعبها، وقد أصبحت الإنجازات التي يحاول الحاقدون التشكيك فيها واقعاً يدحض شائعاتهم.