-A +A
بشرى فيصل السباعي
من يستمع لجلسة لكبار السن في هذه الفترة سيتفاجأ أن أبرز موضوع يتكلمون فيه هو قصص تعرّضهم للاحتيال والنصب الذي سرق منهم مدخرات العمر، وكل واحد منهم يعرف عدداً ممن هم من جيله أيضاً يحدّث عن قصص تعرّضهم للنصب والاحتيال وسرقة ثروة العمر وتحمّل ديون فوقها، وفعلياً يبدو كما ولو أن الأمر صار ظاهرة تتطلب إجراءات على كافة الصعد لوقفها، والسبب فيها أن أجيال كبار السن التي تمكّنت من استعمال وسائل التواصل لم تصل فيها لدرجة القدرة على التمييز بين التعاملات النظامية والتعاملات الاحتيالية ولا أساليب الهندسة الاجتماعية بالاحتيال والنصب، ولذا هناك حاجة للتوعية الإعلامية المكثفة التي لا تحذر بشكل معمم إنشائي إنما تعرض نماذج للتعاملات الاحتيالية وغير النظامية وبخاصة أساليب الهندسة الاجتماعية في استدراج الضحايا، وسيكون مفيداً توفير دورات للمسنين لزيادة وعيهم بكيفية تجنب التعرض للاحتيال، وزيادة معرفتهم وتمرسهم باستعمال التكنولوجيا ووسائط التواصل، وأيضاً خط هاتفي للاستشارات المالية، ويجب توعية كبار السن بأنه لمصلحتهم أن يشركوا في تعاملاتهم وقراراتهم المالية فرداً حصيفاً من الأبناء ولا يمنعهم الكبرياء عن ذلك، وأيضاً هناك حاجة لإجراءات حمائية من قبل البنوك عندما تحصل حركة غير عادية في رصيد العميل إن كان من الفئات العمرية المسنة التي تتعرض للاحتيال لتقديم المشورة له لوقف عملية سرقة مدخرات وثروة العمر وهو لا يشعر، وحسب الإحصاءات الرسمية؛ السعودية سجلت أكثر من 13 ألف بلاغ عن الاحتيال المالي، خلال السنوات الأربع الماضية، وغالبها لكبار السن، وهناك أضعافها لم يبلغ عنها أصحابها لأنهم يشعرون بالحرج والعار من تعرّضهم للنصب والاحتيال ويخفون الأمر حتى عن عوائلهم حتى تصدم العائلة أن عائلهم انتقل من مكانة مليونير إلى مفلس عليه ديون، فالنصب والاحتيال لا يتوقف على التعاملات المالية البسيطة إنما وصل إلى ثروات بالملايين وعقارات لكبار السن، والمسن يشعر بالخزي وأنه كان ساذجاً ولذا يمتنع عن تقديم بلاغ، وحتى يخشى أن يحجر عليه أولاده إن عرفوا أنه بدّد ثروة العائلة بسبب انخداعه بصفقة نصب واحتيال لأنه سيبدو كما ولو أنه لم يكن في كامل قدراته العقلية عندما انخدع بحيلة ساذجة بالنسبة للأجيال الجديدة لكنها ليست كذلك بالنسبة للمسنين، والعامل النفسي هو أكبر سبب في تعرّض المسنين للنصب والاحتيال، فهم يمنعهم الكبرياء عن استشارة أبنائهم في قراراتهم المالية، وعندما يشكون بتعرّضهم للخديعة أيضاً يمنعهم الكبرياء عن الإقرار بتعرّضهم للخديعة وتقديم شكوى قبل أن يكون قد فات الأوان على إمكانية فعل شيء، لذا هناك حاجة لحملة كبرى لمخاطبة كبار السن لكسر حاجز الكبرياء بينهم وبين الأبناء وإقناعهم بأن استعانتهم بخبرة أبنائهم في التعاملات المالية هو من قبيل استشارة خبير ولا يجب أن يمنعهم الكبرياء عنه وأنه لصالحهم وبدونه يمكن أن يتعرّضوا للاحتيال بسهولة كما حصل مع كثيرين، وتبعات إفلاس كبار السن بسبب النصب والاحتيال عليهم كارثية بل وحتى قاتلة؛ فهم حتى يفقدون المدخرات التي كان يفترض أن تكون مسخرة لاحتياجاتهم للمعالجة الطبية فوق الضغوط الصحية لصدمة التعرض للإفلاس في سن ما عاد يمكنهم فيه تعويض ما ضاع ولا إيجاد مصدر دخل جديد، وأيضاً الإجراءات الحمائية التي يمكن أن توضع في البنوك على حسابات كبار السن يمكن أن تشعر كبار السن بأنها تمس كبرياءهم، ولذا أيضاً يجب عمل حملة تعريفية بأسبابها ومزاياها التي تكون لصالح العملاء من كبار السن، والأهل والأبناء أيضاً عليهم مسؤولية بجعل كبار السن يتقبلون استشارة الأبناء لضمان سلامة تعاملاتهم وقراراتهم المالية.