-A +A
عبداللطيف الضويحي
ليس فينا من لم يتعرض للاحتيال المالي أو يعرف من تعرض للاحتيال المالي في دائرة معارفه الضيّقة أو الواسعة خلال السنتين الأخيرتين، فلماذا تستمر إذاً ظاهرة الاحتيال المالي بهذه الوتيرة؟ وهل للاحتيال المالي علاقة بغياب الشفافية السائدة في ثقافة البنوك وضبابية الإجراءات الطلاسمية التي تعمل بها بعض البنوك؟ وماذا عن التناقض بإجراءاتها وافتقارها للشفافية ؟

ولماذا المسؤولية الخجولة والمتحفظة للبنك المركزي، والتي لا تصل إلى التشهير بها ونشر أسماء وهويّات المُحتالين أفراداً ومؤسسات، داخلياً وخارجياً، على غرار التشهير بالمتورّطين بقضايا الفساد؟ ولماذا لا يأخذ البنك المركزي على عاتقه رفع وعي الناس وثقافتهم المالية من خلال إصدار ونشر تقرير شهري أو ربع سنوي، مشتملاً على تصنيف وترتيب البنوك الأسوأ والأفضل بمكافحة الاحتيال المالي، ومن خلال الأفضل والأسوأ في شفافية الإجراءات حتى يكون ذلك مرتبطاً بالتمايز بين البنوك في سمعتها وحصتها السوقية من ناحية، ومن ناحيةٍ أخرى حتى يصبح ذلك إجراءً وقائياً للمتعاملين مع البنوك، والحذر من التعامل مع البنوك الحاضنة لأكثر عمليات الاحتيال المالي أو الأقل اكتراثاً له؟


فهل يمكن وهل يُعقل أن تتساوى البنوك المحلية والعاملة محليا كلها في مكافحة الاحتيال المالي وإجراءات مكافحة الاحتيال المالي والشفافية في تعاملها مع الجمهور؟ أليس من حق المتعاملين مع تلك البنوك من مودعين ومشترين وبائعين أن يعرفوا البنوك المحصّنة والآمنة برامجها وتطبيقاتها ومواقعها، والواضحة إجراءاتها والمؤتمنة نظمها؟ أليس من حق البنوك ذوات الإدارة المهنية المحترفة وذات الموظفين الصادقين والموثوقين والمحترفين أن يتميّزوا وأن يكافأوا بحصة أكبر في السوق مقارنةً بتلك البنوك التي لا تختلف إداراتها عن إدارة بقالة ولا تختلف ذمم ومهنية بعض موظفيها عن ذمم ومهنية بعض الباعة المتجولين؟

أليست هذه مفاتيح بالغة الأهمية للمودعين والمشترين والبائعين وكل المتعاملين مع البنوك، والتي في ضوئها يمكن أن تُتّخذ قرارات مالية كثيرة وكبيرة؟

أعلم أن البنك المركزي يسعى جاهداً لمكافحة الاحتيال المالي من خلال الكثير من الجهود، ويمكن أن أستشهد بتجربتي شخصياً مع أحد البنوك، التي جعلتني أكتشف حجم الشفافية المفقودة في ذلك البنك وحجم التضارب بالمعلومات الذي يقع به العاملون في هذا البنك وربما في غيره خلال وبعد عملية الاحتيال المالي التي تعرضت لها، فهل يعقل أن تتغير مواقف البنك في تعامله مع عملية الإحتيال تلك وتبدّلت من:

1) الادعاء بتحميلي مسؤولية الاحتيال المالي بسبب إعطائي رمز العملية للمحتال، ثم

2) الادعاء بدخولي مواقع «مضروبة» ثم إلى

3 ) اعتراف البنك وإقراره على لسان موظف البنك بأن العملية فعلاً عملية احتيال مالي، بعدما تأكد البنك، وسيتحمّلها البنك بكافة السحوبات التي تمت على البطاقة الائتمانية وأنني لستُ مسؤولاً عن الاحتيال ثم

4) يتنكر البنك للمكالمة وعلى لسان نفس الموظف، وينكر أنها عملية احتيال مالي.

ما جعلني أعود وأحمل أسئلتي وشكواي من جديد إلى البنك المركزي: لماذا لا يعترف هذا البنك بأن المشكلة في نظامه بعدما فشل في إثبات ادعائه بأنني مسؤول عن إرسال رمز عمليات السحوبات وأنني قد دخلت مواقع «مضروبة» كما يقول؟ ثم لماذا لا يعترف هذا البنك بأن المشكلة منه وفيه مع تكرار عمليات السحب على مدى أسبوع كامل وبعد تلقيه كل البلاغات بإيقاف البطاقة أولاً وإلغائها؟ وهل يمكن أن يكون بعض موظفي هذا البنك متورطين بعملية الاحتيال، طالما أن بعض عمليات السحب تمت بعد إلغاء البطاقة، وهل ذلك يفسر المماطلة في إيقاف البطاقة والتلكؤ بإلغائها؟

وهل يمكن أن يتستر البنك على موظفيه في مثل هذه الحالات حرصاً على سمعته أم أن هناك آليات يمكنها أن تكشف المتورطين، خاصة أن الأنظمة الرقمية أصبحت متقدمة في كل المجالات؟

أتمنى أن يلزم البنك المركزي البنوك بالشفافية الكافية والضرورية التي تسمح للمتعاملين مع البنوك باتخاذ القرارات المالية الصائبة والمدروسة بموجب معلومات تحدد البنوك المأمونة والموثوقة والمحترفة في إجراءاتها ونظم عملها مقارنةً بغيرها.

كما أتمنى أن يُطوِّر البنك المركزي موقعه الإلكتروني، بحيث يسمح للمتضررين أن يُحدّثوا الشَّكوى ضد البنوك كلما جدّت مستجدات في قضاياهم موضوع الشَّكوى. كما أتمنَّى أن يقترب البنك المركزي من الناس أكثر بإيجاد آليات سريعة بالوصول له والتواصل معه إتاحة البيانات المحدّثة التي تعطي البنوك ما تستحق من تصنيف، يسمح لتلك البنوك بأن تأخذ ما تستحق من حصة السوق وترفع في الوقت نفسه وعي الناس في التعامل مع البنوك بناءً على فروقات جوهرية مثل أكثرها إرادة وقدرة على مكافحة الاحتيال المالي.

في تقديري لا يجوز أن تتم المساواة بين بنك من الدرجة العشرين من حيث مكافحة الاحتيال المالي وبنك من الدرجة الثالثة والثانية أو الأولى في هذا المجال. من حق الناس أن يجدوا من يبصرهم بالبنوك الحقيقية والموثوقة والمهنية في خضم هذا الكم من الحملات الإعلانية والترويجية المضللة في كثير من الأحيان.

أما لجنة المنازعات المصرفية الموقرة، فأتمنى أن يتعرفوا على بريدي الإلكتروني الذي احتاج مني عدة أيام حتى يتواءم مع صيغة الاستمارة المعدّة في موقع اللجنة، وبعد تكرار المكرر وتجريب المجرب والاستعانة بالقريب والبعيد، تم إرسال الشكوى حسب الاستمارة النموذجية المطلوبة، ما لبث بعدها الرد جاءني من اللجنة بأنه يتعذر التعرف على البريد المرسل، ومع تكرار المحاولات سكتت اللجنة واختفى البريد!