أصبحت كثير من السياسات الخارجية الأمريكية تجاه دول العالم المختلفة، أكثر رفضاً وازدراءً، لما تتسم به من سلبيات، بدأت تتزايد مؤخراً، نتيجة تصاعد الغرور الأمريكي، وتزايد أخطاء هذه السياسات، وما تسببه من كوارث ومحن، كان بالإمكان تفاديها لولا الغطرسة الأمريكية التي تقف خلف هذه السياسات. ولقد أوضحت أحداث العقد المنصرم، بخاصة، أن كثيراً من شعوب العالم؛ ومنها بعض الشعوب العربية والإسلامية، أخذت تعرب عن استيائها، ورفضها لمعظم مضامين السياسات الخارجية الأمريكية، تجاه دولها. وبعض الشعوب لا تخفي عدم احترامها لأمريكا، وعدم الشعور بأي ود، أو تقدير لها. وبعضها يخشى أمريكا، ويتحاشى الاصطدام بها، لكنه يمقتها ويستهجن سياساتها. وقد شاهدنا كيف أصبح بعض القادة المناوئين لأمريكا، أبطالاً حتى لدى الشعوب الأخرى، ليس حباً في هؤلاء، بل فقط لأن هؤلاء استطاعوا معارضة أمريكا -بشكل أو آخر-. وتتفاقم هذه النظرة السلبية لأمريكا، وللغرب المتنفذ (ناتو بخاصة)، بصفة عامة، في وقت تتصاعد فيه قوة الصين، وروسيا (وتكتل بريكس)، وتقل، بالتالي، سطوة هذا الغرب المتنفذ، لأسباب؛ منها استمرار توجهه الاستغلالي- الاستعماري.
إن السبب الأساسي في النظرة الشعبية السلبية، لمعظم شعوب العالم حالياً، لأمريكا هو: بعض سياسات هذه الدولة تجاه هذه الشعوب، وغيرها. ومن المسلم به أن هذه الكراهية لن تزول، إلا بزوال أسبابها. وإذا نظرنا إلى هذه المسألة من الزاوية الأمريكية أيضاً، نجد أن أمريكا دولة عظمى، لها «مصالح»، في كل أرجاء العالم، تقريباً؛ أي أن لها «أهدافاً» معينة في شتى أنحاء المعمورة. وأمريكا تستخدم -كغيرها من الدول- «وسائل سياسية» معينة، لتحقيق تلك الأهداف. ومعظم ساسة أمريكا يرون أن سياساتهم تخدم مصالحهم؛ أي تحقق أهدافهم، بصرف النظر عن رضا هذه الجهة أو تلك. والسؤال الأهم الذي غالباً ما يثار هنا، هو: هل كان بإمكان أمريكا أن تحقق معظم أهداف سياستها، دون استعداء الشعوب المعنية؟!
****
إن الجواب الفوري، والمنطقي، على هذا السؤال هو: نعم، إذ إن بإمكان أمريكا -في غالبية الأحوال والمناطق- أن تنال معظم أهداف سياستها، دون إغضاب وإذلال الشعوب المعنية، بل بالتراضي -أو بحدٍّ أدنى من التوافق- مع هذه الشعوب، وباتباع سياسة الكسب لكل الأطراف (Win-Win).
وهذا يقودنا لتلخيص أهم المآخذ الدولية والشعبية، على السياسات الأمريكية الخارجية الراهنة؛ أو بمعنى آخر، ما أبرز «سمات» وخصائص السياسة الخارجية الأمريكية المذكورة؛ التي أساءت لسمعة أمريكا، وأدت لرفض بعض سياساتها؟! يمكن، في الواقع، تلخيص أبرز هذه السمات كالتالي:
لم تعمل أمريكا بإخلاص، كدولة عظمى متنفذة، ومحترمة، يتطلع إليها العالم، طلباً للعون، على استتباب السلام والأمن والاستقرار الحقيقي بالعالم؛ وفق الأسس الصلبة المعروفة، القائمة على الرضا الفعلي للأغلبية. فتلك مصلحة «مشتركة» بين دول العالم وأمريكا. حيث إن استتباب السلام والأمن والاستقرار، على أسس صلبة، يسهم في دعم سلام وأمن واستقرار أمريكا نفسها، وبقية العالم. صحيح، أن من الإجحاف أن يطلب من أمريكا وحدها كل ذلك، لأن المسؤولية الأساسية عن السلام الإقليمي والعالمي تقع على عاتق كل دول العالم، وليس على أمريكا فقط. ولكن أمريكا (القادرة على المساهمة والمساعدة والدعم، بل والإنجاز) لم تفعل حتى الآن، في هذا الشأن، سوى القليل جداً. فالعالم ما زالت تسود به الحروب والصراعات والقلاقل، وما زال سائداً ببعض أرجائه استقرار مصطنع، قابل، في أي لحظة، للتحول إلى عدم استقرار سافر. وأمريكا، باعتبارها صاحبة أكبر «نفوذ» عالمي، تستطيع عمل الكثير والكثير في هذا الشأن، خاصة إن اتبعت مبدأ «الكل يربح»، كما نوهنا، ولم تستبعده، لتتبع مبدأ «لأربح، وليخسر الآخرون». ومما يلاحظ أيضاً على سياسة أمريكا نحو العالم، ومنه المنطقة العربية، أن:
- صديق الأمس قد يمسي عدو اليوم، والعكس يحصل خلال أشهر.
- التدخلات لحل أغلب مشاكل العالم لا تسفر عن حلها، بل تفاقمها. وهذا يذكر بما قاله، ذات مرة، عراب السياسة الخارجية الأمريكية المعاصرة «هنري كيسنجر» بأن: أمريكا عندما تتدخل في أي أزمة، فيجب ألا تسعى لحلها، بل لاستخدامها لما يخدم المصلحة الأمريكية! إن استخدام هذا الأسلوب لا يعني- في عرف المنصفين- سوى «البلطجة».
- التقلب في المواقف. فما هو صحيح اليوم، يصبح خطأ غدا.
- كثيرا ما يتم ضرب الأطراف ببعضها، فيحدث التصعيد، وتزداد فرص استيراد الأسلحة، ونشر الاضطرابات.
- الأنانية والانتهازية، فكثيراً ما تكون مصائب بعض الأقوام «فوائد».
- الدعم، العلني والخفي، للاستعمار الجديد، الذي تمارسه الدول الغربية الكبرى، وفي مقدمتها أمريكا نفسها.
- رفض «التعدد القطبي»، والإصرار على «الأحادية»، رغم أن التعدد قد أصبح أمراً واقعاً.
ولعل أكبر (وأسوأ) ما يلاحظ على السياسة الأمريكية، تجاه المنطقة العربية بخاصة، هو انحيازها التام لإسرائيل.. هذا الكيان الإرهابي، الذي يرتكب إحدى أكبر جرائم العصر؛ باحتلال فلسطين، والتنكيل بشعبها. أمريكا تهدف لتحقيق أهداف إسرائيل أولاً.. حتى إن تناقضت مع مصلحة أمريكا نفسها. فلقد هيمن السياسي الصهيوني على صناع القرار الأمريكيين، أو معظمهم، وأخذ يوجههم في الوجهة التي تخدم الصهاينة، دون سواهم. ومن المؤسف أن أغلب صانعي القرار الأمريكي قبلوا لعب هذا الدور، وبكل ارتياح وسرور. وما زالوا يعملون على ضمان أن معظم ما يحدث بالمنطقة العربية هو ما تريده إسرائيل، وتخطط لحصوله، ويصب لصالحها، دون اعتبار لمنطق الحق والإنسانية والقانون، أو أدنى مراعاة لحقوق أصدقائهم العرب.
إن السبب الأساسي في النظرة الشعبية السلبية، لمعظم شعوب العالم حالياً، لأمريكا هو: بعض سياسات هذه الدولة تجاه هذه الشعوب، وغيرها. ومن المسلم به أن هذه الكراهية لن تزول، إلا بزوال أسبابها. وإذا نظرنا إلى هذه المسألة من الزاوية الأمريكية أيضاً، نجد أن أمريكا دولة عظمى، لها «مصالح»، في كل أرجاء العالم، تقريباً؛ أي أن لها «أهدافاً» معينة في شتى أنحاء المعمورة. وأمريكا تستخدم -كغيرها من الدول- «وسائل سياسية» معينة، لتحقيق تلك الأهداف. ومعظم ساسة أمريكا يرون أن سياساتهم تخدم مصالحهم؛ أي تحقق أهدافهم، بصرف النظر عن رضا هذه الجهة أو تلك. والسؤال الأهم الذي غالباً ما يثار هنا، هو: هل كان بإمكان أمريكا أن تحقق معظم أهداف سياستها، دون استعداء الشعوب المعنية؟!
****
إن الجواب الفوري، والمنطقي، على هذا السؤال هو: نعم، إذ إن بإمكان أمريكا -في غالبية الأحوال والمناطق- أن تنال معظم أهداف سياستها، دون إغضاب وإذلال الشعوب المعنية، بل بالتراضي -أو بحدٍّ أدنى من التوافق- مع هذه الشعوب، وباتباع سياسة الكسب لكل الأطراف (Win-Win).
وهذا يقودنا لتلخيص أهم المآخذ الدولية والشعبية، على السياسات الأمريكية الخارجية الراهنة؛ أو بمعنى آخر، ما أبرز «سمات» وخصائص السياسة الخارجية الأمريكية المذكورة؛ التي أساءت لسمعة أمريكا، وأدت لرفض بعض سياساتها؟! يمكن، في الواقع، تلخيص أبرز هذه السمات كالتالي:
لم تعمل أمريكا بإخلاص، كدولة عظمى متنفذة، ومحترمة، يتطلع إليها العالم، طلباً للعون، على استتباب السلام والأمن والاستقرار الحقيقي بالعالم؛ وفق الأسس الصلبة المعروفة، القائمة على الرضا الفعلي للأغلبية. فتلك مصلحة «مشتركة» بين دول العالم وأمريكا. حيث إن استتباب السلام والأمن والاستقرار، على أسس صلبة، يسهم في دعم سلام وأمن واستقرار أمريكا نفسها، وبقية العالم. صحيح، أن من الإجحاف أن يطلب من أمريكا وحدها كل ذلك، لأن المسؤولية الأساسية عن السلام الإقليمي والعالمي تقع على عاتق كل دول العالم، وليس على أمريكا فقط. ولكن أمريكا (القادرة على المساهمة والمساعدة والدعم، بل والإنجاز) لم تفعل حتى الآن، في هذا الشأن، سوى القليل جداً. فالعالم ما زالت تسود به الحروب والصراعات والقلاقل، وما زال سائداً ببعض أرجائه استقرار مصطنع، قابل، في أي لحظة، للتحول إلى عدم استقرار سافر. وأمريكا، باعتبارها صاحبة أكبر «نفوذ» عالمي، تستطيع عمل الكثير والكثير في هذا الشأن، خاصة إن اتبعت مبدأ «الكل يربح»، كما نوهنا، ولم تستبعده، لتتبع مبدأ «لأربح، وليخسر الآخرون». ومما يلاحظ أيضاً على سياسة أمريكا نحو العالم، ومنه المنطقة العربية، أن:
- صديق الأمس قد يمسي عدو اليوم، والعكس يحصل خلال أشهر.
- التدخلات لحل أغلب مشاكل العالم لا تسفر عن حلها، بل تفاقمها. وهذا يذكر بما قاله، ذات مرة، عراب السياسة الخارجية الأمريكية المعاصرة «هنري كيسنجر» بأن: أمريكا عندما تتدخل في أي أزمة، فيجب ألا تسعى لحلها، بل لاستخدامها لما يخدم المصلحة الأمريكية! إن استخدام هذا الأسلوب لا يعني- في عرف المنصفين- سوى «البلطجة».
- التقلب في المواقف. فما هو صحيح اليوم، يصبح خطأ غدا.
- كثيرا ما يتم ضرب الأطراف ببعضها، فيحدث التصعيد، وتزداد فرص استيراد الأسلحة، ونشر الاضطرابات.
- الأنانية والانتهازية، فكثيراً ما تكون مصائب بعض الأقوام «فوائد».
- الدعم، العلني والخفي، للاستعمار الجديد، الذي تمارسه الدول الغربية الكبرى، وفي مقدمتها أمريكا نفسها.
- رفض «التعدد القطبي»، والإصرار على «الأحادية»، رغم أن التعدد قد أصبح أمراً واقعاً.
ولعل أكبر (وأسوأ) ما يلاحظ على السياسة الأمريكية، تجاه المنطقة العربية بخاصة، هو انحيازها التام لإسرائيل.. هذا الكيان الإرهابي، الذي يرتكب إحدى أكبر جرائم العصر؛ باحتلال فلسطين، والتنكيل بشعبها. أمريكا تهدف لتحقيق أهداف إسرائيل أولاً.. حتى إن تناقضت مع مصلحة أمريكا نفسها. فلقد هيمن السياسي الصهيوني على صناع القرار الأمريكيين، أو معظمهم، وأخذ يوجههم في الوجهة التي تخدم الصهاينة، دون سواهم. ومن المؤسف أن أغلب صانعي القرار الأمريكي قبلوا لعب هذا الدور، وبكل ارتياح وسرور. وما زالوا يعملون على ضمان أن معظم ما يحدث بالمنطقة العربية هو ما تريده إسرائيل، وتخطط لحصوله، ويصب لصالحها، دون اعتبار لمنطق الحق والإنسانية والقانون، أو أدنى مراعاة لحقوق أصدقائهم العرب.