-A +A
علي محمد الحازمي
القصة تبدأ عندما تأخرت رحلة قطار الحرمين المغادرة من المدينة المنورة إلى مطار الملك عبدالعزيز الدولي في تمام الساعة 7 مساء بتاريخ 13 أغسطس، بسبب عطل فني لمدة ساعتين. كنت أتوقع أن يهرب القائمون على العمليات التشغيلية في محطة القطار إلى المكاتب، ويغلقوا على أنفسهم خوفاً من مواجهة المسافرين، أو في أحسن الظروف يواجهوا المسافرين بالعبارات الشهيرة التي يرددها القائمون على العمليات التشغيلية في وسائل النقل الأخرى كلما تأخرت أو ألغيت رحلة؛ «ما أعرف»، «ما عندي معلومة»، «أنت حر اللي تبغى تسويه سويه»، «ما لي دخل روح للمشرف»، «هذه مشكلة صيانة وليست مشكلتي».

ولكن هذه المرة خاب توقعي، فعلى الرغم من حداثة عهده الزمني، مقارنة ببعض وسائل النقل الأخرى، إلا أن الفريق التشغيلي في قطار الحرمين على وجه العموم ومحطة المدينة المنورة على وجه الخصوص، أعطى درساً عظيماً في خدمة وتجربة العميل في احتواء الموقف، من خلال اصطفافهم بابتسامتهم البراقة أمام الركاب، مجيبين عن كل الأسئلة التي كانت تشغل المسافرين بكل شفافية ودبلوماسية عالية، مبدين أسفهم على التأخير الخارج عن الإرادة، مؤكدين أن سلامتهم هي من أولوياتهم، وأنهم في ضيافتهم داخل المحطة إلى أن يُعلن عن موعد المغادرة الجديد.


القصة لم تنتهِ عند الاعتذار الجميل وحسن الضيافة فقط، بل امتدت إلى ما هو أبعد من ذلك، ألا وهو التعويض المادي عن التأخير. المفاجأة الخارجة عن المألوف، هو أن التعويض المادي تم بطريقة آلية بحتة من خلال رسائل نصية على الجوال من غير علم المسافرين ومن دون مطالبات أو استجداء، كما يحدث مع بعض الناقلات التي يصل معها الركاب في مرات كثيرة إلى مراحل «الشحاذة».

وأخيراً: الأعزاء القائمون على إدارة قطار الحرمين من أعلى الهرم إلى أدناه، لقد أثبتم بما لا يدع مجالاً للشك، أن تجربة العميل الناجحة هي السر الحقيقي وراء نجاح المنظمات. فضلاً وكرماً، التبرع ببعض الساعات التطوعية لإعطاء الناقلات الأخرى دروساً في فن خدمة وإثراء تجربة العميل.