-A +A
حمود أبو طالب
المنظمات الدولية المعنية بمتابعة أداء الدول في مختلف المجالات، والاقتصادية منها على وجه الخصوص، مثل صندوق النقد الدولي، لا ترجو منها الدول أكثر من الإنصاف في تقاريرها، خصوصاً الدول التي تقع خارج منظومة الدول الكبرى، أما الإشادة والثناء فذلك ما يندر حدوثه، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية المرتبكة التي شهدها العالم منذ جائحة كورونا وما زال يعاني تبعاتها، ثم الحرب الروسية الأوكرانية، وغيرها من الأوضاع المضطربة في كثير من مناطق العالم، ومع ذلك اتضح أن الحقائق تفرض نفسها، وليس ثمة خيار سوى الاعتراف بها.

التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي بشأن مشاورات المادة الرابعة لعام 2023 مع المملكة نموذج للتقارير النادرة التي يصدرها الصندوق لأنه يخلو من أي ملاحظة سلبية، ولأنه منصف لأداء المملكة، فلم تكن هناك سوى عبارات الإشادة بالنموذج السعودي والثناء عليه، في وقت لا تطمح فيه كثير من دول العالم لأكثر من ستر عثرات اقتصاداتها. التقرير شمل جوانب كثيرة وأشار إلى نقاط عديدة، يمكن لأي راغب في التفاصيل الاطلاع عليها في نص التقرير، ولكن تكفي الإشارة إلى ما أكده التقرير بأن التحول الاقتصادي للمملكة يسير بشكل جيد واقتصادها يعيش حالة من الازدهار كأسرع اقتصادات مجموعة العشرين نمواً في عام 2022، وأن الآفاق الاقتصادية للمملكة تتسم بقوتها على المدى القريب، مع توازن المخاطر إلى حد كبير، وأن المركز الخارجي للمملكة قوي مع وجود احتياطيات وقائية كافية، بالإضافة إلى التأكيد على أن أداء القطاع المصرفي قوي، تدعمه الجهود المستمرة لتحديث الأطر التنظيمية والرقابية.


تأتي هذه الحقائق، التي أكدها التقرير، في وقت تقوم فيه المملكة بإنفاق هائل على مشاريعها العملاقة وفق رؤية 2030، دون إخلال بالإنفاق على بقية التزاماتها الداخلية والخارجية، والحرص على حفظ التوازن في كل المسارات، وكل ذلك يحدث في أوضاع اقتصادية عالمية صعبة، فما هو سر النجاح؟ وما هي عناصر المعادلة التي أوصلت إليه؟

الجواب بسيط ومباشر، التخطيط الذكي والرؤية الثاقبة وتوفر العناصر الكفيلة بالنجاح، مع المتابعة الدقيقة والإصرار على تحقيق الأهداف. وهذا ممكن جداً مهما كانت الظروف عندما توجد الإرادة وحسن الإدارة للموارد واستثمار العقول المؤهلة، ممكن جداً عندما يكون الوطن أولاً، هذه هي الوصفة السعودية للنجاح.