-A +A
أحمد الجميعة
استثمار الفرص الواعدة التي يتحدّث عنها سمو ولي العهد في اجتماعاته ولقاءاته وزيارته الدولية؛ تعكس جانباً مهماً في رسم علاقات المملكة الجديدة، وتعزيز المصالح المشتركة على أساس اقتصادي يمهد الطريق نحو التعاون في بقية المجالات الأخرى، حيث بدى واضحاً تأثير رؤية السعودية 2030 في لغة الحوار، والمجالس المشتركة، وتوقيع الاتفاقيات الدولية، والأهم هو التحول من إدارة المصالح إلى صناعة المصالح، من خلال خلق فرص جديدة للعمل المشترك، وتحديد المستهدفات، وقراءة المستقبل برؤية بعيدة المدى.

اليوم، وتحديداً مع حضور سمو ولي العهد لاجتماعات قادة دول مجموعة العشرين في الهند؛ تبرز الهوية السعودية الدولية في التعبير عن مكانة المملكة العالمية، وثقلها السياسي والاقتصادي، ودورها القيادي دولياً في ضمان استقرار الاقتصاد العالمي وأسواق الطاقة، إلى جانب ما يحظى به سمو ولي العهد من مكانة وتقدير دولي، وهو ما أعطى هذه الهوية قيمة مضافة في التعبير عنها، واستثمارها في إطلاق مشروعات حيوية تكون المملكة هي الرائدة والمحرك الرئيس لها، وكان أبرزها خلال قمة العشرين؛ الإعلان مع عدة دول عن ممر اقتصادي جديد يربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا لمرور السلع والخدمات، من خلال تطوير وتأهيل البنية التحتية التي تشمل سككاً حديدية وربطاً للموانئ.


في زيارة سمو ولي العهد الرسمية للهند نموذج آخر للهوية السعودية الدولية على مستوى العلاقات الثنائية، حيث أصبح واضحاً أن هناك رؤية وقدرة في استثمار المشتركات التاريخية والثقافية والتجارية على مدى 75 عاماً، وتحويلها إلى ورشة عمل كبرى بين البلدين الصديقين في عدة مشروعات تقنية واستثمارية وسياحية ونفطية وطاقة متجددة، من خلال إنشاء مجلس الشراكة الإستراتيجية السعودي-الهندي، ومجلس الأعمال السعودي- الهندي.

الهوية السعودية الدولية في علاقاتها الثنائية تتسم بالعمل المشترك مع الدول التي لديها طموحات مستقبلية، أو تتقاطع رؤيتها مع رؤية السعودية 2030، حيث تسعى الهند إلى تحقيق رؤيتها الاقتصادية 2030، التي تهدف لأن تصبح ثالث أكبر اقتصاد في العالم بحلول ذلك العام، وهو العام ذاته الذي تعمل المملكة على تحقيق رؤيتها 2030 عبر الوصول بالاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى المعدل العالمي، ومضاعفة الإيرادات غير النفطية إلى 50%.

التحالف السعودي- الهندي الذي يرسم ملامحه المستقبلية سمو ولي العهد؛ يقدم نموذجاً مختلفاً ليس على أساس الشرق أو الغرب، ولكن على أساس المصالح، وقراءة المستقبل، واستثمار الفرص، إذ تعد الهند ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة، بينما تعد المملكة رابع أكبر شريك تجاري للهند، وثاني أكبر مورد للنفط إلى الهند، كما برزت الجالية الهندية في المملكة كمصدر رئيسي للتحويلات الأجنبية في الهند.

كما تضم الهند ثالث أكبر جالية من المسلمين في العالم، حيث يشكل المسلمون قرابة 15% من سكان الهند البالغ 1.3 مليار نسمة، ومن المتوقع أن تكون الدولة الأولى خلال الأعوام المقبلة حسب المؤشرات العالمية، وهو عنصر مهم بالنظر للدور القيادي للمملكة في العالم الإسلامي.

هذه المؤشرات والمعطيات في العلاقة السعودية- الهندية تمنح البلدين فرصة أكبر لتقديم نموذج مختلف من العمل المشترك، ونقل المصالح بينهما إلى آفاق واسعة من التحالف السعودي-الهندي نحو المستقبل.