-A +A
عبد اللطيف الضويحي
تزامن تواجدي في منطقة الجوف مع مهرجان التمور المستحدثة طبيعياً «الجنايس» الذي أقامه المزارعون والأهالي لأول مرة في منطقة الجوف، وهو مهرجان مختلف تماماً عن مهرجانات التمور التي تشهدها مناطق المملكة المختلفة كل عام في مواسم التمور، حيث زفّ المهرجان واحتفل بما يناهز 60 نوعاً جديداً من «الجنايس» التمور الجديدة.

ويأتي تميّز هذا المهرجان عن نظيراته من مهرجانات التمور المختلفة في المملكة، أنه كان مخصصاً للإعلان وتدشين الأنواع الجديدة من «الجنايس» أو التمور المستحدثة طبيعياً. حيث يبدأ المهرجان بتذوق كل تلك الأنواع الجديدة من التمور والتي لم يسبق أن تم تسويقها ولم يسبق أن تذوقها الجمهور ومتذوقو التمور، ثم يبدأ مراسم إعلان الأنواع الأطيب والأكثر تميزاً بمذاقاتها من قبل لجنة من مزارعي النخيل والمتذوقين المعروفين بذائقتهم الخاصة للتمور في المهرجان.


لا شك أن لهذا المهرجان أهدافاً تعريفية وتسويقية، لكن ما لفت انتباهي أن هذا المهرجان كان يعقد تقريباً بالتزامن مع الاحتفالات الرسمية والشعبية باليوم الوطني السعودي 93 والتي عمّت أرجاء المملكة من أقصاها إلى أقصاها. فكأن النخلة التي تتوسط علَم المملكة العربية السعودية، أرادت أن تؤكد مركزيتها وقيمتها في اليوم الوطني هوية وثقافة واقتصاداً لهذا الوطن الذي أنعم الله عليه بالكثير من الموارد والخيرات ومنها التمور بكمياتها ونوعياتها.

لقد حققت المملكة المرتبة الأولى عالمياً في صادرات التمور من حيث القيمة حسب موقع خارطة التجارة «تريد ماب» التابع لمركز التجارة العالمي والذي يشتمل على 113 دولة في العالم. وتشير وزارة البيئة والمياه والزراعة إلى أن المملكة تصدر 300 صنف من التمور بإنتاج سنوي يتجاوز 1.54 مليون طن سنوياً، ناهيك عن دخول بنك الأصول الوراثية لأصناف النخيل والتمور موسوعة غينيس لـ127 صنفاً من أصناف النخيل واعتماد المملكة رئيساً مشاركاً في فريق إعداد مواصفات التمور عالمياً، بجانب إسهام المملكة باعتماد المؤتمر العالمي للتمور وتأسيس المجلس العالمي للتمور، ومبادرة تسجيل التمور فاكهة غير عادية لدى منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة وإقرار المنظمة السنة الدولية للتمور والتنسيق معها بشأن اليوم العالمي للتمور.

إنني أسجل بالتقدير الجهود الذاتية والتلقائية الفردية التي بذلها مزارعو النخيل والأهالي في منطقة الجوف لإطلاق وإدارة النسخة الأولى من مهرجان تذوق وتسمية وتصنيف واعتماد وتسويق الأصناف الجديدة من النخيل والتمور ذات المذاق الممتاز، أرى أن يتم تثبيت موعد النسخة الثانية وما يليها من نسخ لهذا الملتقى سنوياً بالتزامن مع الذكرى السنوية لليوم الوطني السعودي، وذلك لما للنخلة من قيمة ثقافية وزراعية وغذائية واقتصادية، بجانب القيمة الوطنية الرمزية التي تحملها النخلة والتي تتوسط سيفين متقاطعين في عَلَم المملكة العربية السعودية، حيث رمز الحيوية والنماء والرخاء، بجانب ما للنخلة من قيمة بين المسلمين خاصة في شهر الصيام.

كما إنني أقترح وأدعو الإخوة المُنظّمين لهذا الملتقى والإخوة المزارعين لتأسيس شركة زراعية غذائية تمتلك حقوقاً ملكية هذا الملتقى السنوي، وتسجيل حقوق ملكيته رسمياً ضمن الملكيات الفكرية باسم هذه الشركة، وأن يتم تشكيل تنظيم إداري يشتمل على أقسام من ضمنها: 1) مختبر. 2) قسم التذوق والجودة الصحية والغذائية. 3) قسم مسميات الأصناف الجديدة والتغليف والتسويق. 4) قسم تسجيل حقوق ملكية الأصناف الجديدة. 5) قسم الإكثار من الأصناف الجديدة ذات الجودة من خلال زراعة الأنسجة. 6) قسم بورصة التمور والدبس، بالإضافة للمنتجات والخدمات الأخرى المرتبطة بها.

كما أقترح وأدعو لأن تتسع دائرة مهرجان الجوف لأصناف التمور، بحيث تتم دعوة جميع مزارعي النخيل في مختلف مناطق المملكة سنوياً لتقديم أصناف التمور الجديدة، بحيث يتم حصرياً تسجيل حقوق مهرجان أصناف التمور الجديدة لهذا الملتقى والشركة الحاضنة له.

أخيراً، أدعو الإخوة القائمين على هذا المهرجان والشركة الحاضنة له، لكي تكون البداية قوية وكبيرة، بأن يتم التوقيع على اتفاقيات مع كل من المركز الوطني للتمور وجمعية حماية الملكية الفكرية ومع المنظمات والمؤسسات المحلية والدولية النظامية ذات الصلة والاستفادة من التجارب الناجحة في هذا المجال، بجانب الحصول على التمويل اللازم من الجهات الرسمية الممولة.