من أبرز مواصفات رجل الدولة الفذ عند الملك عبدالعزيز بناؤه لكيان عصري كبير، موحد ومستقر (المملكة العربية السعودية)، أصبح بعد تأسيسه بتسعة عقود يحتل الترتيب الثالث عشر، مساحة على مستوى العالم.. والثاني على مستوى العالم العربي، بمساحة تبلغ ٢.١٥ مليون ك م٢. هذا الكيان الكبير أسّسه الملك عبدالعزيز، طوبة طوبة، إذا جاز التعبير، أضحى بعد ١٢٠ عاماً من بداية فتوحاته، أكثر دولِ المنطقةِ استقراراً.. وأغناها ثراء وعصرنة.. وأرسخها نفوذاً، وأكثرها حضوراً وتأثيراً عالمياً. كيف تمكن الملك عبدالعزيز، من ذلك في ثلاثة عقود فقط.
كان الملك عبدالعزيز، على موعد مع حركة التاريخ. جاء في فترة حاسمة تاريخياً، يحتضر فيها نظام دولي قائم (العهد البريطاني Pax Brittanica).. مفضياً لنظام دولي انتقالي غير مستقر (عصبة الأمم League of Nations)، وصولاً لنظام دولي، بقطبيه ثنائية متوازنة إستراتيجياً، بردع نووي متبادل، أكثر استقراراً (الأمم المتحدة United Nations). في هذه الفترة التاريخية الحاسمة في تتابع الأنظمة الدولية المعاصرة، لم يحدث تغييرٌ في مؤسسات النظام الدولي، فحسب... بل في قِيَمِهِ، أيضاً. بفطرة عبقرية فذة، عرف الملك عبدالعزيز دوره وموقعه في حركة التاريخ، فاستقل قطار مسيرتها الخيرة، لوجهتها البعيدة (سيادة السلام).
الملك عبدالعزيز، شأنه شأن بناة الدول والعروش الفاتحين العظام في التاريخ، من تحتمس الثالث إلى الإسكندر الأكبر، مروراً بعبد الملك بن مروان وأبو العباس السفاح وصلاح الدين، وبعدهم نابليون وبسمارك، وصولاً لستالين وتشرشل وهتلر، حيث كانت الحرب أداتهم الرئيسية في الفتح والتوسع، وصولاً لتحقيق طموحاتهم السياسية، انتصاراً للقيم التي يؤمنون بها، لا لشن الحرب للحرب. الحربُ برغم عنف حركتها ومآسي تبعاتها، إلا أنها من أهم أدوات حركة التاريخ.
في الفترة، التي بدأ بها الملك عبدالعزيز فتوحاته، من أجل استعادة ملكَ آبائه وأجداده، كانت الحربُ يحكمها ويُشَرِّعُ لحركتها العنيفة قانون الحرب (حق الفتح Right of Conquest). حديثاً: عندما اكتمل عقد منظومة الدول المستقلة، كأعضاء أساسيين في النظام الدولي المعاصر، حُرم حق الفتح، ومعه أي محاولة للتوسع من قبل أي عضو في النظام الدولي على حساب أراضي أي عضو آخر، عدا ما يتوصل إليه أطراف أي صراع عن تراضٍ لأي تعديلات في الحدود، تفصل بين دولهم.
تاريخياً: كان الملك عبدالعزيز آخر الفاتحين العظام، الذين استخدموا الحرب كأداة مشروعة وفقاً للقانون الدولي حينها، لاستعادة ملك آبائه وأجداده وبناء مملكته الجديدة. حينها، لم يكن قد شُرِّعَ بَعْدُ تجريم الحرب دولياً. وقت فتوحات الملك عبدالعزيز: لم تكتمل بَعْدُ، منظومةُ الدول المستقلة ذات السيادة، التي تتمع بحق الدفاع الشرعي النفس، مستخدمةً الحرب، كأداة مشروعة حصرياً، لمواجهة أي عدوان خارجي، وليس للفتح والتوسع.
الملك عبدالعزيز لم يكن فاتحاً ملهماً، فحسب... بل كان أيضاً رجل دولة محنكاً من طراز فريد، يعرف متى يتحرك في توسع مشروعه الإقليمي باستخدام القوة، ومتى يختار طريقاً آخر لإكمال مشروع بناء دولته الجديدة، بطرق ووسائل أقل تكلفة. إذا ما نظرنا لخريطتي الدولة السعودية الأولى (١٧٤٤ – ١٨١٨) والدولة السعودية الثالثة (الحالية)، نجد أن الملك عبدالعزيز قد استعاد معظم أقاليم الدولة السعودية الأولى، ووقف عند أطرافها، بالذات: الأطراف الشمالية والشرقية والجنوبية الشرقية!
هنا يأتي دورُ السياسي رجل الدولة المحنك، الذي يوازن بين خياراته، بمعيار الربح والخسارة.. وحساب تكلفة المضي في بناء دولته، بدقة وعقلانية. لقد قايض الملك عبدالعزيز حصوله على شرعية ما توسع به بالقوة، مقابل عدم التورط في معارك خاسرة مع أعداء محتملين يفوقونه قوة بدبلوماسية فذة، لا تقل عن عبقرية حنكته العسكرية المتناهية، وقف الملك عبدالعزيز بجيوشه، حيث لا يمكنها التقدم، بأكثر مما حققته فتوحاته من مكاسب إقليمية. الطرف الآخر، هذه المرة كانت (بريطانيا العظمى)، وليس مشايخ وزعامات متصارعة، قبلية ضعيفة ومنقسمة.. ولا إمارات تخلت عنها قوى عظمى، ولا مناطقَ كانت تحكمها الخلافة العثمانية، الآيلة للسقوط.
الملكُ عبدالعزيز عبقرية عسكرية فذة.. تصحبها مَلَكةٌ سياسيةٌ فطرية نادرة، جعلت منه آخر الفاتحين العظام، في التاريخ.. وأحد رجالات الدولة والسياسة الأفذاذ. الملكُ عبدالعزيز، كان باختصار: على موعد مع التاريخ.. وأحد صانعي أحداثه المعاصرين العظام.
رحم الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود.
كان الملك عبدالعزيز، على موعد مع حركة التاريخ. جاء في فترة حاسمة تاريخياً، يحتضر فيها نظام دولي قائم (العهد البريطاني Pax Brittanica).. مفضياً لنظام دولي انتقالي غير مستقر (عصبة الأمم League of Nations)، وصولاً لنظام دولي، بقطبيه ثنائية متوازنة إستراتيجياً، بردع نووي متبادل، أكثر استقراراً (الأمم المتحدة United Nations). في هذه الفترة التاريخية الحاسمة في تتابع الأنظمة الدولية المعاصرة، لم يحدث تغييرٌ في مؤسسات النظام الدولي، فحسب... بل في قِيَمِهِ، أيضاً. بفطرة عبقرية فذة، عرف الملك عبدالعزيز دوره وموقعه في حركة التاريخ، فاستقل قطار مسيرتها الخيرة، لوجهتها البعيدة (سيادة السلام).
الملك عبدالعزيز، شأنه شأن بناة الدول والعروش الفاتحين العظام في التاريخ، من تحتمس الثالث إلى الإسكندر الأكبر، مروراً بعبد الملك بن مروان وأبو العباس السفاح وصلاح الدين، وبعدهم نابليون وبسمارك، وصولاً لستالين وتشرشل وهتلر، حيث كانت الحرب أداتهم الرئيسية في الفتح والتوسع، وصولاً لتحقيق طموحاتهم السياسية، انتصاراً للقيم التي يؤمنون بها، لا لشن الحرب للحرب. الحربُ برغم عنف حركتها ومآسي تبعاتها، إلا أنها من أهم أدوات حركة التاريخ.
في الفترة، التي بدأ بها الملك عبدالعزيز فتوحاته، من أجل استعادة ملكَ آبائه وأجداده، كانت الحربُ يحكمها ويُشَرِّعُ لحركتها العنيفة قانون الحرب (حق الفتح Right of Conquest). حديثاً: عندما اكتمل عقد منظومة الدول المستقلة، كأعضاء أساسيين في النظام الدولي المعاصر، حُرم حق الفتح، ومعه أي محاولة للتوسع من قبل أي عضو في النظام الدولي على حساب أراضي أي عضو آخر، عدا ما يتوصل إليه أطراف أي صراع عن تراضٍ لأي تعديلات في الحدود، تفصل بين دولهم.
تاريخياً: كان الملك عبدالعزيز آخر الفاتحين العظام، الذين استخدموا الحرب كأداة مشروعة وفقاً للقانون الدولي حينها، لاستعادة ملك آبائه وأجداده وبناء مملكته الجديدة. حينها، لم يكن قد شُرِّعَ بَعْدُ تجريم الحرب دولياً. وقت فتوحات الملك عبدالعزيز: لم تكتمل بَعْدُ، منظومةُ الدول المستقلة ذات السيادة، التي تتمع بحق الدفاع الشرعي النفس، مستخدمةً الحرب، كأداة مشروعة حصرياً، لمواجهة أي عدوان خارجي، وليس للفتح والتوسع.
الملك عبدالعزيز لم يكن فاتحاً ملهماً، فحسب... بل كان أيضاً رجل دولة محنكاً من طراز فريد، يعرف متى يتحرك في توسع مشروعه الإقليمي باستخدام القوة، ومتى يختار طريقاً آخر لإكمال مشروع بناء دولته الجديدة، بطرق ووسائل أقل تكلفة. إذا ما نظرنا لخريطتي الدولة السعودية الأولى (١٧٤٤ – ١٨١٨) والدولة السعودية الثالثة (الحالية)، نجد أن الملك عبدالعزيز قد استعاد معظم أقاليم الدولة السعودية الأولى، ووقف عند أطرافها، بالذات: الأطراف الشمالية والشرقية والجنوبية الشرقية!
هنا يأتي دورُ السياسي رجل الدولة المحنك، الذي يوازن بين خياراته، بمعيار الربح والخسارة.. وحساب تكلفة المضي في بناء دولته، بدقة وعقلانية. لقد قايض الملك عبدالعزيز حصوله على شرعية ما توسع به بالقوة، مقابل عدم التورط في معارك خاسرة مع أعداء محتملين يفوقونه قوة بدبلوماسية فذة، لا تقل عن عبقرية حنكته العسكرية المتناهية، وقف الملك عبدالعزيز بجيوشه، حيث لا يمكنها التقدم، بأكثر مما حققته فتوحاته من مكاسب إقليمية. الطرف الآخر، هذه المرة كانت (بريطانيا العظمى)، وليس مشايخ وزعامات متصارعة، قبلية ضعيفة ومنقسمة.. ولا إمارات تخلت عنها قوى عظمى، ولا مناطقَ كانت تحكمها الخلافة العثمانية، الآيلة للسقوط.
الملكُ عبدالعزيز عبقرية عسكرية فذة.. تصحبها مَلَكةٌ سياسيةٌ فطرية نادرة، جعلت منه آخر الفاتحين العظام، في التاريخ.. وأحد رجالات الدولة والسياسة الأفذاذ. الملكُ عبدالعزيز، كان باختصار: على موعد مع التاريخ.. وأحد صانعي أحداثه المعاصرين العظام.
رحم الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود.