-A +A
خالد السليمان
في بعض الدول المتعثرة تنموياً والتي تعاني من جمود الأداء الحكومي بسبب تجاذبات وصراعات التيارات السياسية وتقاطع مصالحها، لا تصبح الديمقراطية ذات قيمة عالية، ولا تكون حرية الرأي مفيدة سوى في ندب الحال وممارسة نقد لا يسهم في إصلاح !

اللافت أن بعض هذه الدول تعاني من قضايا الفساد وأخبار نهب المال العام واستغلال السلطة وفضائح قضايا مالية وسياسية، كما أن سجونها لا تخلو من أصحاب رأي في قضايا رأي، بينما يعيش بعضهم في المنفى !


إذن نحن لسنا أمام حالة ديمقراطية خالصة أو نقية، بل هي نسبية وتملأها ثقوب المواقف الانتهازية وتناقضات وتقلبات المصالح السياسية والمالية، وفي كل الأحوال ليست نموذجاً مغرياً، بل إن كثيراً ممن كانوا يتطلعون لتجارب برلمانية تعزز الإصلاحات والمسيرة التنموية في دول أخرى تراجعوا عن حماستهم وباتوا ينظرون بعين الريبة لمغامرات تهدد أمن البلاد ووحدة المجتمع في ظل الافتقار لمقومات وعناصر الممارسة الديمقراطية الصحيحة !

وعندما تكون مواطناً فكل ما يشغل بالك هو الفوز بحياة كريمة آمنة تسخر فيه ثروات البلاد لتنميتها ورخاء مجتمعها في ظل إدارة حازمة وأمينة، أما أن تكون جائزتي الوحيدة من الديمقراطية أن أمتلك حرية ندب الحال المايل وشتم من يتسببون به فإن هذا مجرد تنفيس لا يسمن ولا يغني من جوع، وهدر للوقت والقدرات والثروات !

إن المجتمعات التي لا تستفيد من تجارب أزماتها الوطنية الكبرى وتغرق في حالة وهمية من التفرد المزعوم ستجد نفسها مع الوقت تواجه أزمات أكبر، وقد لا تتكرر لها الظروف المناسبة للنجاة منها، ما لم ترجح كفة العقلاء وتسود الواقعية ويتوقف الواهمون عن النظر للآخرين من برج عالٍ مصنوع من القش !