-A +A
عبده خال
ودّع معرض الرياض للكتاب أيامه الرائعة، أيام ساح الزوّار بين ساحات وأروقة وأجنحة المعرض، وبهم فرحة تتقافز من العيون، ومن الخطوات المتثاقلة المتأملة للكتب، والناس.

كان عليك السير بتريث، فأجنحة المعرض بلغت 1800 جناح، لا بد من التريث والتأمل في كل شيء، فالمعرض ضم أجنحة قادمة من 32 دولة بعناوين مختلفة للكتاب، وبلغات إنسانية من كل مكان، وأفكار تتقافز من كل عقل حضر هناك.


عالم الكتاب يثمن التريث، والتفكير، ولذا كنت أسير متريثاً ومتأملاً كل شيء، وإن أراد الزائر الاقتعاد فهناك صالات ومسرح تقام بها الندوات والحوارات، وإن أراد الاسترخاء فسيجد أماكن لشرب الشاي والقهوة، والتهام ما يرغب في أكله.. معرض جهز كل وسائل المتعة والراحة.

وانتهاء أيام المعرض تشعرك بحزن غامض، لا تعرف أسباب تلك الغيمة الرمادية غير المرحب بها، فما الذي يعترينا من حزن على غياب ظرف من الظروف؟

أعتقد أن ذلك الحزن وغيمته هو الشعور بالانتقال من حالة لحالة، فالفرحة موجة عالية وحين تغادر تحدث منخفضاً يسحبنا نحو الحزن.

نعم، عشنا أياماً سعيدة، بالكتاب، بالأصدقاء، بالحوارات، بالناس، كل ما كان يحدث هو إعادة توثيق كل ما مضى به الزمن وما هو أتٍ.

معرض الكتاب بوصلة لقياس الفرح، نعم قياس الفرح، وقياس أننا نعيش في أجواء اجتماعية صحية، قياس أننا مجتمع يتصاعد في نموه، واتساع صدره، وفكره.

سابقاً كنا نقيس حالة التشدد الاجتماعي من خلال معرض الكتاب.

وأنا أتجول في ردهات المعرض، داهمني الضحك وأنا أتذكر مقولة «الذئاب البشرية»، وإمعاناً في تخيل تلك المقولة أخذت عيناي تجولان بحثاً عن تلك الذئاب، ومع الواقع نفضت تلك الصورة البائسة، مكرراً:

واقعك أكثر قوة، وأكثر تصميماً لإبقاء الأجواء الصحية مشرقة.

ومع تفحص جماليات المعرض، ليس أمامك سوى ترديد الشكر لكل من صنع وأسهم في إخراج جمال المعرض في كل زواياه وساحاته.. شكراً.