-A +A
عبداللطيف الضويحي
لم تتعرض وزارة أو مؤسسة حكومية للتغيير والتطوير خلال العقود الثلاثة الماضية، مثلما تعرضت له ومارسته وزارة التعليم. فما إن يبدأ التعليم نظاماً جديداً إلا ويتم تغييره والعودة عنه إلى ما قبله أو ما بعده من أنظمة تم تجريبها أو سيتم تجريبها. لم تترك وزارة التعليم نظاماً إدارياً أو تنظيمياً أو رقمياً -حسب متابعتي- إلا وجرّبته ثم لفظته وغيرته، ولم توفر هذه الوزارة منهجاً تربوياً وتعليمياً إلا وأخذت به ثم تخلت عنه وبحثت عن غيره!

ومع ذلك، لا تزال مُخرجات التعليم العام متواضعة، ومهارات الطلبة الأساسية في انحدار شديد، وقاطرة التعليم عاجزة عن قيادة قاطرة التعليم، فضلاً عن قيادة قاطرة التنمية.


الطلبة يُدرّسهم ويقوم على تعليمهم فعلياً، آباؤهم وأمهاتهم، بجانب بعض المواقع والمنصات الرقمية، أما المعلمون فحائرون لا أحد يسألهم أو يأخذ برأيهم رغم أنهم أكبر محركات التغيير في العملية التعليمية، والطواقم التوجيهية والإدارية والفنية في الوزارة وفروع الوزارة، فيطبّقون نظرية «المدير أبخص». وحدها الأسرة تعيش قلقاً أشد بكثير من قلق الأمم المتحدة، ولا أعرف إن كانت الوزارة تستمع لقلق ذوي الطلبة، ولا أعرف إن كانت تسمع لآراء المعلمين والمعلمات أو الطلبة والطالبات!

لعلي أسوق مقترحي هذا إلى المسؤولين في وزارة التعليم، بالتزامن والتفاعل مع #اليوم_العالمي_للمعلم. والاقتراح هو أن تتخلى وزارة التعليم عن مرحلة الثانوية إدارياً وتعليمياً وفنياً، لصالح الجامعة المحلية الأقرب أو الأنسب لكل ثانوية. بحيث يتم إلحاق ثانويات كل منطقة من مناطق المملكة الثلاث عشرة بالجامعة الأقرب في تلك المنطقة، فتكون بذلك مدارس الثانوية في نجران تحت إشراف جامعة نجران، وثانويات الجوف تحت إشراف جامعة الجوف، وثانويات مكة المكرمة تحت إشراف إحدى الجامعات في منطقة مكة المكرمة أو كلها. وكذلك في الرياض وحائل والشرقية إلخ. ولا يكون للتعليم العام أي ارتباط مع التعليم في المرحلة الثانوية إلا من خلال التنسيق بين التعليم العام والتعليم الجامعي.

تأتي وجاهة هذا المقترح من أن أهداف ومنطلقات التعليم في المرحلة الثانوية هي أقرب بكثير لأهداف الجامعة منها إلى أهداف ومنطلقات التعليم العام من حيث الشكل والمضمون. ثانياً: الكادر البشري المتخصص والمؤهل في الجامعات أقدر وأكثر في الجامعات مقارنة بالكادر البشري في التعليم العام. ثالثاً: طلبة وطالبات الثانوية بحاجة ماسة في هذه المرحلة لبناء جسور معرفية ومهنية وتخصصية مع الجامعة، وهذه فرصة ثمينة للطلبة من ناحية والجامعة من ناحية أخرى لتجسير وربط اهتمامات الطلبة التخصصية ومساراتهم التعليمية مع التخصصات الأكاديمية والمهنية المقابلة لها في الجامعة. رابعاً: هذا المقترح يخفف عن الوزارة وفروعها وكوادرها عبئاً إدارياً وتعليمياً وفنياً كبيراً، ويتيح فرصة كبيرة وعظيمة لكوادر التعليم العام للتفرغ والتركيز على المراحل التعليمية التأسيسية وما بعد التأسيسية في بناء الشخصية وتعليم المهارات التعليمية الأساسية مثل القراءة والكتابة والتحدث والرياضيات.

أخيراً، إذا تم الأخذ بهذا المقترح «وهو ما أتمناه»، أرجو أن يأخذ التطبيق وقته الكافي وأن يتم تطبيقه على أسس صحيحة غير مجتزأة أو مختصرة أو عشوائية، لكي يتسنى التقييم الدقيق والتطوير المناسب ومعالجة أوجه القصور في الوقت المناسب.