عند اتخاذ قرار مصيري يجب التفكير في جميع الاحتمالات الممكنة كتبعات له وخاصة إذا كانت قرارات استراتيجية تتعلق بمستقبل أمة بأكملها، ومن المهم التركيز على وجه التحديد على «الاحتمال الأسوأ» وأخذه في الاعتبار، فقد يكون الأشد ألماً من بقية الاحتمالات الأخرى، ومن المؤكد أنه من أشد الأخطاء -لا سيما أوقات الحروب والصراعات- أن يفرح الطرف المنتصر بانتصاره (المؤقت) وينتشي به ويعتقد أنه انتصار نهائي، ويتصور أنه من خلال تحقيق هذا الانتصار فقد بات بمأمن من العواقب السلبية، وهو ما قد يدفعه لأن يغض البصر عما يرتب له الطرف المنهزم، الذي غالباً ما يعد عدته ليعاود الهجوم مرة أخرى ليثأر لهزيمته ويحقق الانتصار، ويزخر التاريخ بالعديد من هذه النماذج، حيث يتفاجأ المنتصرون في جولات سابقة بهزيمة منكرة من الطرف الأضعف.
يزخر التاريخ أيضاً بالكثير من القادة والزعماء الحمقى الذين لا يجيدون ممارسة السياسة، ولا يعرفون سوى لغة القوة وسياسة العنف، وفي سياق الصراع العربي الإسرائيلي نجد أن الرعيل الأول من زعماء إسرائيل أمثال بن جوريون وإسحاق شامير وجولدا مائير وليفي أشكول وغيرهم كانوا في غاية التعنت، وبرحيلهم ظهر الجيل الثاني أمثال نينتياهو؛ الذي تأثر أيضاً للأسف الشديد بثقافة فرض القوة وسياسة التعنت، وفي حقبة الخمسينات والستينات كانت التقنيات التي كانت بحوزة الفلسطينيين بحكم التطور التكنولوجي محدودة تماماً، فلم تكن هناك تقنية الاتصالات الحديثة والطائرات المسيرة والطائرات الشراعية التي يمتلكونها الآن، غير أننا لاحظنا، خلال الصراع الأخير، الذي لا تزال وقائعه تدور حتى لحظة كتابة هذه السطور أن الجانب الفلسطيني تمكن من تغيير تقنياته وأساليبه وأدواته، وتمكن من مباغتة الجانب الإسرائيلي بحسن تخطيطه وإدارته، وبفضل تطورات ثورة الاتصالات الحديثة أيضاً.
في مقالي السابق «أوهام القبة الحديدية» والمنشور بصحيفة «عكاظ» في أغسطس 2022، ذكرت -كرد على تصريح أحد الجنرالات الإسرائيليين المنتشين وقتذاك بتكنولوجيا القبة الحديدية الدفاعية المتطورة- بأن الفلسطينيين سيكونون قادرين على امتلاك تقنيات حديثة قادرة على اختراق منظومة دفاعات القبة الحديدية، وقد ذكرت -وقتذاك- ما نصه حرفياً «قد تستيقظ إسرائيل ذات يوم لتجد الفلسطينيين وقد امتلكوا من الأسلحة ما يمكّنهم من اختراق تلك القبة.. وقد يكون هذا اليوم قريباً..» وها قد جاء هذا اليوم؛ واستيقظ العالم كله مذهولاً من الاختراق الفلسطيني لإسرائيل.
إسرائيل لا تفتأ تهدد وتتوعد وتعد بالويل والثبور رغم تأكيد الكثير من الخبراء والمحللين الإسرائيليين والدوليين بأن أحداث طوفان الأقصى الأخيرة هي دليل دامغ على فشل الاستخبارات الإسرائيلية التي فشلت في معرفة تلك الأحداث قبل وقوعها أو التنبؤ بها، كما أنها تسعى لحفظ ماء الوجه بعد اختراق قبتها الحديدية التي كانت دائمة الزهو والافتخار بها، وتكرر إسرائيل تهديداتها بأنها ستدمر غزة عن بكرة أبيها بعدما أذلها المقاتلون الفلسطينيون وأضاعوا هيبتها، غير أن غرورهم لم يصور لهم استعداد الفلسطينيين لهذا النوع تحديداً من رد الفعل، فمن المؤكد أن الجانب الفلسطيني الذي خطط بكل هذا الدهاء لخوض تلك العملية قد أخذ في حسبانه تأمين قواته وحماية آلياته وإعداد خطط تتضمن الرد على الاعتداءات الإسرائيلية المتوقعة، ولن يكون أمام إسرائيل سوى قتل المدنيين بدم بارد من خلال حصار ظالم، ولكن ما الجديد في ذلك، فغزة التي يعيش بين جنباتها ما يزيد على مليوني فلسطيني تعاني حصاراً دامياً منذ ما يزيد على العقد ونصف العقد.
من المؤكد أن التنكيل بالفلسطينيين الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا وعاشوا في غزة لن يحل القضية بأي صورة من الصور، فلن ينعم الإسرائيليون بالأمان أبداً وبجوارهم ينزف الجار الفلسطيني، وإن ذهب الجيل المناضل حالياً فسيأتي بعده جيل آخر أشد حماسة ونضالاً وقد يمتلك تقنيات أكثر تقدماً، وستظل الجروح مفتوحة للأبد تستنزف الجميع من كافة الأطراف، وكل ما ستورثه إسرائيل للأجيال القادمة هو كره عميق لها ولأفعالها ونسف عملية السلام واستمرار توتر الأوضاع في المنطقة العربية.
تعتقد إسرائيل أن دك المنازل على رؤوس ساكنيها وزيادة معاناة الشعب الفلسطيني سترغم الفلسطينيين على نسيان قضيتهم، راضين بالفتات الذي تلقيه لهم بعد أن سلبتهم أرضهم ووطنهم وبيوتهم وحياتهم وحياة أبنائهم، غير أنها لن تصحو إلا على عمليات مستقبلية مشابهة تهزها هزاً وترج قاطنيها رجاً، وفي كل مرة ستفاجأ إسرائيل بخطط مختلفة وتقنيات متطورة لم تحسب لها حسباناً، لذلك فإن أمن اسرائيل يعتمد بالمقام الأول على أمن الفلسطينيين وحصولهم على حقوقهم المشروعة، وإلا سترث الأجيال القادمة فيها صراعاً وحروباً لا يعلم مداها إلا الله.
يزخر التاريخ أيضاً بالكثير من القادة والزعماء الحمقى الذين لا يجيدون ممارسة السياسة، ولا يعرفون سوى لغة القوة وسياسة العنف، وفي سياق الصراع العربي الإسرائيلي نجد أن الرعيل الأول من زعماء إسرائيل أمثال بن جوريون وإسحاق شامير وجولدا مائير وليفي أشكول وغيرهم كانوا في غاية التعنت، وبرحيلهم ظهر الجيل الثاني أمثال نينتياهو؛ الذي تأثر أيضاً للأسف الشديد بثقافة فرض القوة وسياسة التعنت، وفي حقبة الخمسينات والستينات كانت التقنيات التي كانت بحوزة الفلسطينيين بحكم التطور التكنولوجي محدودة تماماً، فلم تكن هناك تقنية الاتصالات الحديثة والطائرات المسيرة والطائرات الشراعية التي يمتلكونها الآن، غير أننا لاحظنا، خلال الصراع الأخير، الذي لا تزال وقائعه تدور حتى لحظة كتابة هذه السطور أن الجانب الفلسطيني تمكن من تغيير تقنياته وأساليبه وأدواته، وتمكن من مباغتة الجانب الإسرائيلي بحسن تخطيطه وإدارته، وبفضل تطورات ثورة الاتصالات الحديثة أيضاً.
في مقالي السابق «أوهام القبة الحديدية» والمنشور بصحيفة «عكاظ» في أغسطس 2022، ذكرت -كرد على تصريح أحد الجنرالات الإسرائيليين المنتشين وقتذاك بتكنولوجيا القبة الحديدية الدفاعية المتطورة- بأن الفلسطينيين سيكونون قادرين على امتلاك تقنيات حديثة قادرة على اختراق منظومة دفاعات القبة الحديدية، وقد ذكرت -وقتذاك- ما نصه حرفياً «قد تستيقظ إسرائيل ذات يوم لتجد الفلسطينيين وقد امتلكوا من الأسلحة ما يمكّنهم من اختراق تلك القبة.. وقد يكون هذا اليوم قريباً..» وها قد جاء هذا اليوم؛ واستيقظ العالم كله مذهولاً من الاختراق الفلسطيني لإسرائيل.
إسرائيل لا تفتأ تهدد وتتوعد وتعد بالويل والثبور رغم تأكيد الكثير من الخبراء والمحللين الإسرائيليين والدوليين بأن أحداث طوفان الأقصى الأخيرة هي دليل دامغ على فشل الاستخبارات الإسرائيلية التي فشلت في معرفة تلك الأحداث قبل وقوعها أو التنبؤ بها، كما أنها تسعى لحفظ ماء الوجه بعد اختراق قبتها الحديدية التي كانت دائمة الزهو والافتخار بها، وتكرر إسرائيل تهديداتها بأنها ستدمر غزة عن بكرة أبيها بعدما أذلها المقاتلون الفلسطينيون وأضاعوا هيبتها، غير أن غرورهم لم يصور لهم استعداد الفلسطينيين لهذا النوع تحديداً من رد الفعل، فمن المؤكد أن الجانب الفلسطيني الذي خطط بكل هذا الدهاء لخوض تلك العملية قد أخذ في حسبانه تأمين قواته وحماية آلياته وإعداد خطط تتضمن الرد على الاعتداءات الإسرائيلية المتوقعة، ولن يكون أمام إسرائيل سوى قتل المدنيين بدم بارد من خلال حصار ظالم، ولكن ما الجديد في ذلك، فغزة التي يعيش بين جنباتها ما يزيد على مليوني فلسطيني تعاني حصاراً دامياً منذ ما يزيد على العقد ونصف العقد.
من المؤكد أن التنكيل بالفلسطينيين الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا وعاشوا في غزة لن يحل القضية بأي صورة من الصور، فلن ينعم الإسرائيليون بالأمان أبداً وبجوارهم ينزف الجار الفلسطيني، وإن ذهب الجيل المناضل حالياً فسيأتي بعده جيل آخر أشد حماسة ونضالاً وقد يمتلك تقنيات أكثر تقدماً، وستظل الجروح مفتوحة للأبد تستنزف الجميع من كافة الأطراف، وكل ما ستورثه إسرائيل للأجيال القادمة هو كره عميق لها ولأفعالها ونسف عملية السلام واستمرار توتر الأوضاع في المنطقة العربية.
تعتقد إسرائيل أن دك المنازل على رؤوس ساكنيها وزيادة معاناة الشعب الفلسطيني سترغم الفلسطينيين على نسيان قضيتهم، راضين بالفتات الذي تلقيه لهم بعد أن سلبتهم أرضهم ووطنهم وبيوتهم وحياتهم وحياة أبنائهم، غير أنها لن تصحو إلا على عمليات مستقبلية مشابهة تهزها هزاً وترج قاطنيها رجاً، وفي كل مرة ستفاجأ إسرائيل بخطط مختلفة وتقنيات متطورة لم تحسب لها حسباناً، لذلك فإن أمن اسرائيل يعتمد بالمقام الأول على أمن الفلسطينيين وحصولهم على حقوقهم المشروعة، وإلا سترث الأجيال القادمة فيها صراعاً وحروباً لا يعلم مداها إلا الله.