بعد مرور أسبوع أو أكثر بقليل ما تزال إسرائيل تعيش على وقع الصدمة التي أحدثها هجوم قوات القسام التابعة لحماس على غلاف غزة، الذي أدى إلى سقوط عدد كبير من العسكريين والمدنيين الإسرائيليين بلغ عددهم الآلاف، وهم أكبر عدد من الإسرائيليين يسقط في يوم واحد. وبالنظر إلى التصريحات عالية النبرة توقعنا أن يكون هناك منجز عسكري يعتد به يمكن أن نلاحظه بعد مرور ساعات أو أيام، ولكن هذه النبرة تمت ترجمتها بهستيريا القصف الجوي الذي جعل المدنيين هدفاً له وحتى كتابة هذه السطور قارب عدد الشهداء من المدنيين الفلسطينيين الثلاثة آلاف، ولكن تلك العربدة الجوية يستبعد الكثير من الخبراء العسكريين أن تكون كافية لتحقيق الأهداف الإسرائيلية التي عبّر عنها رئيس الوزراء نتنياهو بالقضاء الكامل على حماس، المؤكد أن هذا الهدف لن يتحقق عبر القصف الجوي بل لا بد من الوجود على الأرض، ومن الواضح أن القيادة الإسرائيلية تتدارس هذا الهجوم كما لو كانت تلوك لقمة حارقة وتخشى من ابتلاعها. إسرائيل تدرك قبل غيرها العوائق الكفيلة بتحويل العملية البرية إلى فخ قاتل يتم استدراجها إليه وهذا ما تم التعبير عنه سواء على لسان خبراء عسكريين أمريكيين أو حتى حذّر منه الاعلام الغربي. أولى تلك العوائق أن القوات الإسرائيلية سوف تقاتل في مناطق مدنية ويتوقع أن يسقط عدد كبير من المدنيين الفلسطينيين مما يرفع الغطاء الدولي الممنوح للدولة العبرية، وحتى لو افترضنا أن إسرائيل ليست معنية برأي المجتمع الدولي فإن العائق الثاني لا شك بأنه يقلقها لأن العملية البرية تعني أنها ستدخل عملية طويلة الأمد ومن المتوقع أن تكون خسائر الجيش الإسرائيلي كبيرة للغاية، والأهم أن التفوق العسكري الهائل للقوات الإسرائيلية سوف يتلاشى عندما يتحول الصراع إلى حرب شوارع ينتقل من حارة إلى أخرى ومن بيت إلى آخر، وكلما طال أمد الحرب وازدادت الخسائر الإسرائيلية، كلما تلاشى الدعم المفتوح الذي نلاحظه من المجتمع الإسرائيلي. والعائق الثالث هو العماء الاستخباراتي بحيث إن معلومات إسرائيل حول استعداد الفصائل الفلسطينية يبدو محدوداً للغاية؛ لأن إسرائيل لو كانت لديها القدرة على اختراق الفصائل لاستطاعت توقّع هجوم السابع من أكتوبر. العائق الرابع الذي تحاول إسرائيل إعلامياً تجاهله، ولكنه مؤثر بشكل كبير على مخططاتها العسكرية، هو وجود الأسرى والرهائن لدى حماس، وبالتالي سقوط هؤلاء ضحايا لتلك العملية البرية سوف تدفع ثمنه الحكومة الإسرائيلية غالياً.
لو افترضنا أن إسرائيل استطاعت تحمّل كل تلك العوائق، وأن تدخل حرباً طويلة ربما تستمر لأسابيع أو حتى لأشهر، ولو افترضنا جدلاً أن إسرائيل استطاعت القضاء على حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، فهل تمتلك إسرائيل الإجابة عن سؤال: ماذا بعد؟ لا يبدو ذلك واضحاً إذا أخذنا تصريحات الجانب الإسرائيلي على المستويين العسكري والسياسي. وهذا ما دفع الكثير من أصدقاء إسرائيل إلى دعوتها لوضع استراتيجية للخروج قبل بدء أي عملية برية. طبعاً هناك عامل آخر لا يقل أهمية وهو فتح جبهات أخرى وتحوّل الصراع إلى صراع إقليمي كما حذّر الجانب الروسي. بالمطلق يبدو أن إسرائيل تسير إلى المستنقع تدفعها رغبة غير عقلانية بالانتقام، وهي لن تكون مستثناة من دفع ثمن تلك الرغبة.
لو افترضنا أن إسرائيل استطاعت تحمّل كل تلك العوائق، وأن تدخل حرباً طويلة ربما تستمر لأسابيع أو حتى لأشهر، ولو افترضنا جدلاً أن إسرائيل استطاعت القضاء على حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، فهل تمتلك إسرائيل الإجابة عن سؤال: ماذا بعد؟ لا يبدو ذلك واضحاً إذا أخذنا تصريحات الجانب الإسرائيلي على المستويين العسكري والسياسي. وهذا ما دفع الكثير من أصدقاء إسرائيل إلى دعوتها لوضع استراتيجية للخروج قبل بدء أي عملية برية. طبعاً هناك عامل آخر لا يقل أهمية وهو فتح جبهات أخرى وتحوّل الصراع إلى صراع إقليمي كما حذّر الجانب الروسي. بالمطلق يبدو أن إسرائيل تسير إلى المستنقع تدفعها رغبة غير عقلانية بالانتقام، وهي لن تكون مستثناة من دفع ثمن تلك الرغبة.