-A +A
عقل العقل
عندما تطرح معارضة وجود أحزاب دينية في عالمنا العربي، تأتي الإجابة من مناصريهم بأن في أوروبا أحزاباً دينية مسيحية، وهؤلاء يحاولون الخلط والتبرير للأحزاب الدينية في عالمنا العربي المشتغلة بالسياسة؛ سواءً في التيارات الدينية السنية والشيعية التي تستغل الدين لتمرير أجنداتها السياسية بخطاب ديني، وأن من يعارضها فهو يعارض الدين الإسلامي خاصة في مجتمعات يلعب الدين أدواراً مهمة في ثقافة الشعوب العربية، رغم استغلال تلك التيارات الإسلاموية للدين ذاته للوصول للحكم في الدول العربية، وقد يكون -كما يعتقد البعض- أنه حق مشروع لأي تيار سياسي العمل السياسي والانخراط في العملية السياسية للوصول للحكم أو السيطرة على البرلمانات في بعض الدول العربية، ولكن القضية المهمة أن الدين نفسه يصبح ورقة سياسية وانتخابية حيث يصل لدرجة التكفير للآخر المختلف معهم سياسياً، فالدين في هذه الحالة يوظف في غسل أدمغة الشعوب العربية بأن من يعارض التيارات السياسية الإسلامية هو يعارض الإسلام نفسه، وقد تصل حالة الصراع مثلاً مع التيارات العلمانية وغيرها إلى التكفير والاغتيال باسم الدين وقد شهدنا حالات مثل هذه في العديد من دول العالم الإسلامي.

الأحزاب ذات التأثير المسيحي في الغرب هي أحزاب علمانية متأثرة بالمبادئ المسيحية العامة، وهي تعمل وتنافس في دول علمانية عكس ما يحدث في عالمنا العربي التي تدعو إلى الرجوع مثلاً لدولة الخلافة، والويل والثبور لمن يخالفها فهو كافر وخارج عن الدين.


الصراع في فلسطين بين شعبها العربي الفلسطيني ومع اليهود منذ تأسيس الدولة اليهودية، وهذا الصراع يدور بين تيارات دينية إسلامية ويهودية، صحيح أن التيارات العلمانية القومية هي من عمل على تأسيس دولتهم في إسرائيل مستخدمة مفاهيم قومية ودينية، في المقابل على الجانب العربي تختزل القضية الفلسطينية ببعض المقدسات، وهذا فوت على القيادات الوطنية الفلسطينية الحل منذ 48 على أساس الشعبين، ولكن في النهاية وفي نهاية كل مرحلة تاريخية يخسر الشعب الفلسطيني حقوقاً كان يمكن أن يوافق عليها في فترات ماضية، في النهاية التيارات الدينية اليهودية المتطرفة هي من وصلت للحكم عن طريق الانتخابات، في مقابلها هناك تيارات دينية متطرفة تقود القضية الفلسطينية لعبث سياسي وعسكري، والنتيجة للأسف معروفة ومجربة سلفاً، وهي آلاف القتلى والجرحى والمآسي، خاصة بين أبناء الشعب الفلسطيني، وقتل أبرياء من نساء وأطفال من المدنيين من الشعب الإسرائيلي.

قد يعتقد البعض أن مثل هذا الطرح هو ضد حل عادل للقضية الفلسطينية، ولكن باعتقادي أن التيارات الدينية على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لن تقود إلى حل سياسي، وهذا بسبب بنيوية التيارات الدينية نفسها، ولنا تذكير بالثورة الإيرانية ومصير الأحزاب العلمانية والشيوعية المشاركة بالثورة الإيرانية التي كان مصيرها الذبح بسكاكين الملالي.