-A +A
حمود أبو طالب
من أجمل الأخبار التي سمعناها، على هامش مؤتمر الصحة العالمي الذي بدأ في الرياض يوم الأحد، إعلان وزير الصحة عن برنامج التأمين الصحي الوطني بمواصفاته التي ذكرها، ومنها أنه تأمين ممول من الدولة، ليس له تجديد سنوي، يستمر مدى الحياة، وليس له سقف محدد، ولا يتطلب موافقات مسبقة، على أن تبدأ مرحلته الأولى منتصف 2024، وعلى أمل أن يكتمل تطبيقه بصيغته النهائية عام 2026.

نقول إنه من أجمل الأخبار، لأن موضوع التأمين استغرق وقتاً طويلاً من الانتظار، سنوات طويلة وهو يراوح بين الأخذ والرد، والتعديل والتأجيل. وربما كان سيطول الانتظار أكثر لو لم يحدث برنامج التحول في القطاع الصحي كأحد أبرز برامج رؤية 2030. كانت هناك مشاكل مزمنة في منهجية إدارة القطاع الصحي الرئيسي، أي وزارة الصحة ومرافقها، لأنها كانت تقوم بكل شيء، بناء المرافق، التشغيل، الإدارة، الصيانة، التوظيف، بالإضافة إلى وضع الأنظمة والتشريعات، وكان ذلك من خلال التركيز على الطب العلاجي بشكل رئيسي، تلك الأوضاع لم تكن تتيح التنافسية مع القطاعات الصحية الأخرى كالقطاع الخاص، وبالتالي لم يكن تطبيق أي من النماذج التأمينية الصحية يؤدي الغرض منه بشكل جيد.


الذي تم في برنامج التحول الصحي خلال السنوات الماضية يمثل تغييراً مهماً في منهج إدارة القطاع الصحي، فقد تمت حلحلة الترهل بإعادة هيكلة القطاع بشكل شبه جذري، وكان إنشاء التجمعات الصحية كمنظومة متناسقة ومتكاملة خطوة مهمة في هذا الاتجاه، مع التذكير بأن نموذج التجمعات ما زال مقتصراً على المدن الكبرى وبحاجة لتغطية مناطق المملكة.

هذه التغييرات المهمة جعلت بالإمكان بدء تطبيق نموذج وطني للتأمين الصحي يتناسب مع مبدأ والتزام الدولة في تقديم الرعاية الصحية الجيدة المجانية لكل مواطن، وهو ما تم الإعلان عنه قبل يومين كمرحلة أولى. لا شك أن المواطنين مبتهجون بهذا الخبر، لكن من المهم جداً أن تكون الخدمات المقدمة في كل المناطق متساوية من حيث الجودة وسرعة الوصول إليها، وأن يتم وضع آليات تضمن سرعة التحويل إلى المستشفيات المرجعية والمراكز المتخصصة، بالإضافة إلى التقييم المستمر لتجربة التأمين الوطني كي يحقق الغرض منه على أكمل وجه.