-A +A
أحمد الجميعة
خلال الجلسة الحوارية عقب تدشين الإطار الوطني لسلامة الأطفال على الإنترنت، ضمن منتدى الأسرة السعودية الناجح في نسخته السادسة هذا العام؛ تحدث وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد الراجحي بواقعية المسؤول الذي يدرك التفاصيل عن مخاطر الإنترنت على الأطفال، والمواطن الذي يشارك بوعيه ومسؤوليته للحفاظ على سلامة أغلى ما يملكه الوطن في حاضره ومستقبله، والأب الذي يدرك واجباته في التصدي لكل من يحاول استغلال أطفاله في الفضاء السيبراني.

لقد تجلى الوزير الراجحي وهو يكشف بكل شفافية ووضوح التهديدات المباشرة التي يتعرّض لها أطفالنا اليوم على الإنترنت؛ سواءً في التنمر أو الابتزاز أو حتى التحرش الجنسي -لا سمح الله-، مستشهداً بالأرقام والاحصائيات والقصص، كما علق الجرس بصوت مرتفع من أن ترك الأطفال من دون متابعة أو توجيه أو تقنين في استخدام التقنية يعرّضهم وأسرهم للخطر، ويمتد ذلك إلى المجتمع.


اللافت خلال اللقاء؛ هو سؤال الوزير الراجحي التفاعلي مع الحضور عن عدد من يتابع محتوى أبنائه على الإنترنت، وارتفعت عشرات محدودة من الأيادي في القاعة، بينما المئات الأخرى لم تستطع ذلك، وهو مؤشر عبّر عنه معاليه بكل وضوح من أن لدينا مشكلة، وتحتاج إلى حل، وحلها ليس في الحجب أو المنع، ولكن بالتوعية والتثقيف من الأسرة أولاً، والمشاركة المجتمعية في المدارس ووسائل الإعلام وغيرها؛ لمساعدة الأطفال على تجاوز خطر المحتوى السلبي على الإنترنت.

معالي وزير الصحة خلال الجلسة شارك هو الآخر بالإجابة على السؤال، ولكن من جانب آخر، حينما أشار إلى أن متوسط ما يقضيه الطفل اليوم عالمياً على الإنترنت يصل إلى سبع ساعات ونصف الساعة، وهو ما يمثّل وقتاً طويلاً حول محتوى هذه المدة التي يقضيها الأطفال مع أجهزتهم، كما يمثّل تحدياً حول مدى قدرة الأسر اليوم على متابعة ذلك المحتوى، وحماية أطفالها من التنمّر والإصابة بالاكتئاب نتيجة التعرّض لمحتويات غير ملائمة.

يبدو أن سؤال الوزير الراجحي حول من يتابع محتوى أبنائه على الإنترنت؛ سيبقى مفتوحاً لإجابات كثيرة، وممارسات أسرية مختلفة، ولكن الجميل في هذا السؤال أنه يعيدنا للبحث عن إجابة، وهو بداية التحرّك، ثم يمنحنا الفرصة للتفكير، وهذا -بحد ذاته- اعتراف بالمشكلة للبحث عن حلول لها، ثم يعزز لدينا الشعور في التعبير عن المسؤولية والتشاركية المجتمعية، وهذا دليل على وعي المجتمع ونضجه، وهو ما نراهن عليه في تفعيل الإطار الوطني لسلامة الأطفال على الإنترنت الذي تم تدشينه؛ ليساهم كل واحد منّا بدوره في هذا الإطار، وهو الهدف الذي نسعى إليه جميعاً.