-A +A
بشرى فيصل السباعي
في كل ردة فعل إسرائيلية انتقامية على عمليات للجماعات الفلسطينية ينتج عنها مجازر ومقتل الآلاف من المدنيين الفلسطينيين العزّل خلال أيام غالبهم من النساء والأطفال وأضعافهم ممن أصيبوا بإعاقات وتشوهات وتقطعت أطرافهم وفقدوا بصرهم وأضعافهم ممن تم اعتقالهم وسيتعرضون للتعذيب والسجن لفترات تضيع أعمارهم وتتعرض مدنهم للدمار الشامل ويفقد الفلسطينيون كل شيء، في كل مرة ينقسم العرب إلى فريقين وأحد الفريقين يزايد على الآخر ويرميه بأنواع التهم والتخوين؛ لأن الفريق الآخر يقول بصوت العقل والمنطق الذي منطلقه حبه للفلسطينيين واهتمامه الحقيقي بمصلحتهم وبالتالي لا يؤيد عمليات الجماعات ضد إسرائيل بسبب ما ينتج عنها من ردة فعل إسرائيلية انتقامية ومجازر ودمار في جانب الفلسطينيين، ومن هؤلاء المعارضين الشيخ الألباني الذي عارض العمليات ضد إسرائيل بسبب ردة الفعل الانتقامية الكارثية لإسرائيل والعقوبات الجماعية الفادحة للفلسطينيين وبدون أي فائدة واقعية للعمليات، بينما الفريق المزايد على غيره دافعه الحقيقي لتأييد العمليات هو نشوة الكبرياء الشخصي/‏غرور الأنا ولا يبالي بالجحيم والمجازر والدمار والعذاب الذي يتعرض له الفلسطينيون مقابل عمليات ليس لها أي فائدة ولا مكسب واحد للجانب الفلسطيني؛ فوجود إسرائيل هو جرح وكسر وشرخ جذري في الكبرياء العربي، ولذا أي عملية ضد إسرائيل تحدث نشوة في الكبرياء الشخصي الفردي الذي خلفيته الكبرياء الجمعي العربي، والبعض لأجل نشوة كبريائهم يشجعون الفلسطينيين على المزيد من العمليات التي ستلحق بالفلسطينيين دماراً شاملاً ومجازر مروعة، بينما هو جالس في أمان ورفاهية في بيته وبين أهله، فهو فعلياً يرى الفلسطينيين كمجرد حطب لنار كبريائه ولا يهتم بحق بمعاناتهم ومصلحتهم تماماً كما الجماعات التي تقوم بالعمليات ضد إسرائيل والتي قامت ببناء أنفاق ومخابئ آمنة لعناصرها تحت الأرض لكنها لم تبنِ ملجأ واحداً للمدنيين يحميهم من المجازر اليومية في ردة الفعل الانتقامية الإسرائيلية على عمليات تلك الجماعات، ومن يقول هذه الحقائق الواقعية يتم رميه بأنواع التهم والتخوين، بينما الحكمة تقول «صديقُك من صدَقَك لا من صدَّقك»، أي صديقك الحقيقي هو الذي يخبرك بالحقيقة وإن كانت مخالفة لأهوائك وليس الذي يوافقك ويؤيدك دائماً، ومن يزايدون على غيرهم ويرمون غيرهم بالتهم والتخوين لأنهم لا يؤيدون عمليات الجماعات التي تستجلب على المسلمين ردة الفعل الانتقامية المدمرة التي حوّلت حياة المسلمين لجحيم في أنحاء العالم هم لافتقارهم للوعي بالذات لا يميزون حقيقة دوافعهم من وراء ذلك التأييد وأنه نشوة وحمية كبرياء غرور الأنا الغرائزي اللاواعي وليس الصلاح وقوة الإيمان أو حب الإسلام والمسلمين، تماماً كما ورد بالصحيح (ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقال له في ماذا قتلت؟ فيقول: أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت. فيقول الله له: «كذبت».. ويقول الله: «بل أردت أن يقال فلان جريء فقد قيل ذاك».. ثم قال: أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة) صححه الألباني/‏2382. والمعنى أن هؤلاء استخدموا الدين ودعواه كوسيلة للحصول على نشوة الكبرياء/‏غـرور الأنا وهم أنفسهم لم يكونوا مميزين لحقيقة دوافعهم، ولذا حتى أمام الله سيقولون أن دافعهم كان حب الدين واتباع أوامره، ولن يشفع لهم ولا ينجيهم أنهم قتلوا في سبيل دعواهم تلك، وجهل الإنسان وعدم تمييزه لحقيقة دوافعه الكامنة وراء أفعاله ومواقفه وأهوائه ناتج عن جهله بالمعرفة الجوهرية المعمقة التي توجد في كتب الحكمة الروحية وعلم النفس والتنمية الذاتية، ولا عذر لأحد بالجهل والمعرفة متوفرة بضغطة زر.