-A +A
حمود أبو طالب
علمنا فجأةً من الصحف ومنصات التواصل الاجتماعي عن عقد منتدى مهم يوم أمس بمدينة جدة بعنوان: المنتدى الدولي: «الإعلام ودوره في تأجيج الكراهية والعنف». أقول علمنا فجأةً لأنني ككاتب رأي معني بالكتابة عن شؤون وشجون الإعلام، وأزعم أنني متابع لأخبار المنتديات المختلفة عنه، لم أعلم عن عقد المنتدى، الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي واتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامي، إلا يوم انعقاده، وإلا كنتُ حرصت على حضوره حتى دون دعوة للاستفادة مما يُطرح فيه. وقبل أن نعتب على الرابطة أو منظمة التعاون، سنفترض أن لهم وجهة نظر في عدم دعوة الكتاب، لا نعلمها وليس مهماً الآن أن نعلمها بعد انتهاء المنتدى.

على أية حال، هذا الموضوع يمثل أهمية بالغة في هذه المرحلة، موضوع تأجيج الكراهية والعنف عبر وسائل الإعلام، وهنا لا بد من التنويه أن منصات التواصل الاجتماعي المشاعة والمفتوحة لكل البشر لا تعتبر وسائل إعلام بالمعنى والمصطلح والمفهوم والمعروف للوسيلة الإعلامية، وبالتالي يكون المقصود بوسائل الإعلام هي تلك الوسائل المقروءة والمسموعة والمشاهدة، التي لها مرجعيات مهنية ويجب أن تلتزم بأدبيات وأخلاقيات ومسؤوليات المهنة الإعلامية في كل ما ينشر ويبث من خلالها.


للأسف فإن بعض وسائل الإعلام الآن في كثير من دول العالم تساهم بقصد في إثارة نزعات الكراهية بين الهويات والأعراق والديانات، وهي بذلك تنفذ أجندات سياسية وحزبية متطرفة تميل لها، أو تخضع لها لاعتبارات وأسباب مختلفة، كما أنها تكرس الشحناء وترفع منسوب التباغض، وتمهد لأسباب العنف حتى داخل المجتمع الواحد، ناهيكم عن إثارته بين الشعوب والمجتمعات المختلفة. وعندما تفعل وسائل الإعلام ذلك فإنها تتخلى عن أهم مواثيق المهنة، وبدلاً من ممارسة دورها في الالتزام بالحقيقة فإنها لا تتورع عن تزييفها من أجل تحقيق الأهداف البغيضة التي ترمي إليها.

وباستعراض سريع وبسيط لما يحدث الآن في كثير من وسائل الإعلام العالمية نتيجة الظروف السياسية المتأزمة، والانحيازات المتطرفة لبعض الحكومات سوف نتأكد من حقيقة أن تلك الوسائل تصب كثيراً من الوقود على اللهب الذي لا يحتاج إلى مزيد من التأجيج. وبالتالي فإن الإعلام سلاح خطير إذا حاد عن أهدافه ومبادئه ورسالته، وكنا نتمنى لو سنحت لنا فرصة سماع آراء الجمع الذي احتشد في المنتدى الذي عقد يوم أمس عن هذه القضية المهمة.