-A +A
أحمد الجميعة
تفاعل السعوديين مع أخبار وطنهم وقيادتهم ومشروعات رؤيتهم لم يعد بحاجة إلى وسيط، أو تذكير، أو حتى تهيئة مسبقة للتطورات والمتغيرات التي يعيشونها، هم في الواقع في حالة خاصة وفريدة يعبّرون فيها عن شراكتهم في الإنجاز، وطموحاتهم في تحقيق المستحيل، ووعيهم في تأطير المصلحة الوطنية لتكون فوق كل اعتبار، ورؤيتهم للمستقبل على أنه امتداد للحاضر الزاخر بقيم الموروث، وأصالة الماضي، وحضارة التاريخ، وجغرافيا المكان التي تستوعب جميع أبناء الوطن في قلب واحد، ومصير مشترك.

أتذكر تماماً كيف كان السعوديون على مدى عقود من الزمن في حالة دفاع عن أنفسهم تجاه قضايا مسيّسة، ومدفوعة الثمن للإساءة إليهم، وإلى سمعة ومكانة وطنهم، وكم أنفقنا الكثير من الوقت والجهد لإقناع دول كبرى، ومنظمات وهيئات دولية، ووسائل إعلام غربية بعدم صحة تلك الادعاءات، ولكن تحول الدفاع مع مرور الزمن إلى نقطة ضعف، وضغط من كل اتجاه، ولم يعد هناك أدوات تمكين حقيقية تثبت صحة ما نؤمن به، أو على الأقل ما ندافع عنه.


السعوديون اليوم تجاوزوا مع رؤيتهم وقائدهم الملهم الأمير محمد بن سلمان كل هذه التفاصيل، وتوجهوا إلى المستقبل، وفرضوا واقعهم الجديد، وأعادوا كتابة المبادئ والمصالح بلغة واحدة، وتجاهلوا بإرادتهم كل أصوات النشاز، وتعابير الحقد والحسد والطمع، ومضوا إلى حيث يطمحون، فلم تعد السعودية بقيادتها وشعبها بحاجة اليوم إلى إقناع أحد بمشروعها ورؤيتها، أو التنازل عن حقها، أو التخلي عن أحلامها؛ هي بالضبط تعيد تموضعها مع العالم الأول بندية الفرسان، وشموخ الكبار، وتنافسية الأرقام والمنجزات التي أثبتت أننا نستحق هذه القيمة والمكانة العالمية.

اليوم يتحدث السعوديون عن وطنهم الطموح، واقتصادهم المزدهر، ومجتمعهم الحيوي، وعن مشروعاتهم الكبرى في جميع المناطق، وملايين السيّاح الذين يتوافدون إليهم، وآلاف الفعاليات والمناسبات التي تحمل اسم السعودية عالياً، وقبل ذلك يتحدثون عن هيبتهم، وقوتهم، وتأثيرهم؛ هؤلاء السعوديون يكتبون تاريخاً جديداً مختلفاً، وفيه الكثير مما يستحقونه، والأكثر مما يطمحون في تحقيقه؛ فالجميع في مهمة وطنية لا تتوقف أو تنتظر أحداً.

من كان يتخيّل أن السعودية يوماً ما ستنظم كأس العالم، أو تستضيف معرض إكسبو، أو تستقطب نجوم الرياضة والفن العالميين، أو تنفتح على العالم بهذه السرعة والقيمة، وتذهب إلى ما هو أبعد من ذلك أن تكون راعية للسلم والأمن والاستقرار في المنطقة، وأسرع دول العالم نمواً، وأكثرها استثماراً، واستقطاباً لكبرى الشركات في العالم.

المسألة ليست أحلاماً، بل واقع نعيشه اليوم، وهي الأحلام التي تدفعنا لتحقيقها في المستقبل؛ لأننا باختصار نستحق أن نكون في المكان الذي يليق بنا، ونراهن أننا لن نتخلى عنه.