-A +A
خالد السليمان
يعد الغذاء أحد عناصر الهوية الثقافية للشعوب، كما تعد أساليب الطهي ومهاراته وتقاليده من عناصر التراث الثقافي الإنساني اللامادي، التي تعكس ثقافة المجتمع وعاداته وسلوكه، وتعد المملكة العربية السعودية من أكثر دول المنطقة امتلاكاً لتراث عريق ومتنوع من العادات الغذائية والمأكولات التقليدية، التي تعكس ثراءها الثقافي والاجتماعي الكبير، المعبر عن كافة مناطقها الممتدة عبر مساحتها الشاسعة، والتي تحتفظ جميعها بمأكولاتها وأطباقها وسفرتها المميزة وطابعها الغذائي الخاص، من مكونات وأساليب تحضير وطرق تقديم وخلافه !

ومن مهام وأهداف هيئة فنون الطهي التابعة لوزارة الثقافة، العمل على ترسيخ ثقافة الطهي السعودي وفنونه والمحافظة عليه كتراث إنساني يساهم في بناء الهوية السعودية، حيث أطلقت الهيئة مؤخراً مهرجان الوليمة للطعام السعودي، الذي يعد الأضخم من نوعه في الشرق الأوسط خلال الفترة من 22 نوفمبر وحتى 2 ديسمبر المقبل، ليعبر عن التفرد والأصالة والقيم التي تنطوي عليها ثقافة الغذاء بالمملكة، والعمل على تعريف العالم بها، وكذلك لتحويل المملكة إلى موطن للتجارب المميزة في هذا المجال، وجعل قطاع الطهي مصدر رزق للشباب والمجتمع !


والحقيقة أن مهرجان الوليمة لم يعبر عن الثقافة الغذائية للمملكة وحسب، بل ساهم في تقديم الثقافة السعودية بشكل عام، وأكد على قِيَمها ومكانتها محلياً وعالمياً، عبر التعريف بالطعام السعودي، وتقديم المملكة كوجهة عالمية لعشاق الطهي وتذوق الأطعمة، حيث يمثل المهرجان في جوهره احتفاءً بالتراث الغذائي الغني للسعودية عبر خلق تجارب أصيلة للزوار، وتمكينهم من تجربة الأطعمة التقليدية بطريقة فريدة وفي مكان واحد. كما نجح المهرجان في إبراز جهود المملكة ممثلة في وزارة الثقافة في الاهتمام بالطعام والطهاة، باعتباره أحد الموروثات الوطنية الأصيلة !

حالة فريدة تميز بها مهرجان الوليمة بين قرنائه من المهرجانات والفعاليات الكثيرة التي تزخر بها المملكة في السنوات الأخيرة، والتي تعبر عن حيوية المجتمع وثرائه، حيث عبر المهرجان عن اهتمام المملكة بكافة تفاصيل المجتمع السعودي، والعمل على تعزيزها وإبرازها وتعريف العالم بها، وهو ما يؤكد ثقة السعوديين بأنفسهم، وبما يملكونه من تراث عريق، وثقافة عميقة، وقدرات غير محدودة، نقدمها للعالم بفخر واعتزاز، ونرسخها لدى الأجيال المقبلة، كجزء من هويتهم الأصيلة، وكفرصة جديدة للاستثمار والتميز وريادة الأعمال، من أجل بناء مجتمع زاهر في دولة بحجم السعودية ومكانتها العالمية !