-A +A
عقل العقل
هناك شعوب تهتم بتكريم المميزين في تاريخها في جميع المجالات السياسية والعسكرية والعلمية وغير ذلك، فالمدن البريطانية، مثلاً، يلفت نظرك وجود هذه اللوحات الزرقاء على بعض المباني وهي تعطي معلومات عمَّن سكن في هذا المنزل في فترة تاريخية من العظماء الذين خدموا بريطانيا والإنسانية، وخاصة في المجالات الأدبية من شعراء وروائيين ورحالة ورجال العلم الذين اكتشفوا أدوية وشخصوا أمراضاً كانت تفتك بالبشرية.

في شارع (اجور روود) الشهير عند الجالية العربية؛ الذي يطلق عليه شارع العرب في لندن، تحس وأنت فيه أنك في مدينة عربية، فالمحلات والمطاعم تقدم المأكولات العربية وتوجد فيه المقاهي والملاهي التي تصدح فيها الموسيقى العربية والشرقية بشكل عام. في طرف الشارع في اتجاه حديقة الهايد بارك الشهيرة توجد لوحة زرقاء يمر عليها الكثير من دون انتباه في الغالب، وهي تدل على أن الزعيم البريطاني ونستون تشرشل سكن في فترة من حياته في ذلك المنزل، لا شك أن هذه الثقافة الإنجليزية بتكريم المميزين من شعوبها فيها من الوفاء لهم في المقام الأول، وتعطي دوافع للأجيال اللاحقة باتخاذهم قدوة ومعرفة الجهد والعمل الذي قدموه لبلادهم والبشرية في بعض المجالات.


نحن للأسف تنعدم لدينا مثل هذه الثقافة الحميدة، وخاصة في أسماء بعض شوارعنا، فبعضها غارق في القدم من دون إنجازات تذكر، ولا تعني قضية القِدم مسألة سلبية بالعموم، ولكن أتحدث عن أهمية عصرنة الأسماء المعاصرة في تاريخنا الحالي في كل المجالات، فمثلاً توضع لوحات تعريفية على منازل بعض الأدباء الراحلين وغيرهم في كل التخصصات، فبعض الأحيان نمرُّ بأحد الشوارع ونجد أنه مسمى على أحد الأعلام مثلاً، لكن لا توجد معلومات عنه أو عنها، فمثلاً لو توضع لوحة من بلدية المدينة تعطي نبذة مختصرة عن تلك الشخصية تحت لوحة اسم الشارع، فمثلاً شارع الشيخ حمد الجاسر يعطي نبذة عنه لتعمّ الفائدة وخاصة للأجيال الناشئة، والأديب عبدالكريم الجهيمان، وشارع الشيخ محمد بن جبير، رحمهما الله، وغيرهما كثر يحتاجون إلى معلومات تعريفية مختصرة عن شخصياتهم وإنجازاتهم الوطنية والإنسانية.

الغالبية منا يبحثون عن معنى وعن خلفية الشخصيات التي تطلق على الشوارع التي يسكنونها في محرك البحث (جوجل) لمعرفة من تكون تلك الشخصية، وفي الغالب نجد في محركات البحث المعلومات المنشودة، لكن من دون دقة، وهذا باعتقادي مسؤولية أمانات المدن أو اللجان التي تختار وتقرر أسماء شوارعنا.

بعد فوز المملكة المستحق بتنظيم معرض إكسبو يتوقع أن يصل عدد الزائرين له فقط حوالي ٤٠ مليون زائر، إضافة إلى ملايين الزائرين سنوياً، الذين يتوافدون للمملكة سنوياً لأغراض السياحة والحج والعمرة والتجارة بعد تسهيل وتعدد التأشيرات للدخول للمملكة، وهذه الأعداد من الزائرين والمقيمين يعتبرون فرصة للتعريف بثقافة المملكة المتنوعة؛ ومنها أسماء شوارعنا وتعريفها للجميع بلغات عصرية مختصرة إلى جانب اللغة العربية.