نعم لكل وقت ظرفه، وأدواته، وناسه إلا أن الحياة في استمراريتها بحاجة إلى مولد حركة، وهذا المولد هو العمق الثقافي للمجتمع، ذلك العمق المترسخ في النفوس، ومهما تغير لا يفقد بريقه الذاتي، فالمتغيرات لا تعني الافتراق الكامل عن القيمة الاجتماعية ذات الضفائر الممهدة بعضها فوق بعض.
ولأننا في حالة تغير أممي، يتنبه المفكرون لما يحدث من تجريف للقيم في جوهرها الأساس، ويفترض منهم الإمساك بحبل القارب؛ لكي لا تسحبه المياه كقارب من غير قائد يوجه سيره داخل الأمواج المتلاطمة، هذه الصورة التقريرية يمكن لها حشد المئات من القضايا المتداخلة، التي يستوجب الحوار من أجل تجليتها، فهل انعدم الحوار حول تلك القضايا؟
يبدو أن قنوات ضخ الآراء أصبحت متعددة الشعب، وكل حوار يصب ماؤه في البحر.
نعم، حواراتنا حول القضايا المصيرية ليس لها وعاء جامع، الحوارات أصبحت كزغاريد الأفراح أو ندب على موتي، وكل منها تحدث ضجيجاً من غير اتضاح ما يقال.. الآن أستذكر تغريدة للدكتور عبدالله الغذامي قبل عام، هكذا كان نصها:
- من زمان لم يهاجمني أحد
هل لانت عريكتي؟
أم لانت عريكة الخصوم؟!
وقد أمنت على تلك التغريدة بالقول: نعم يا دكتور عبدالله، أحياناً تحتاج لبعض الحجارة تتساقط من حولك،
هذا لمن أدمن صعود الجبال يا دكتور عبدالله، فنحن جميعاً لم نتنبه لسرقة الوقت، فقد غدا الزمن غير الزمن.
فلن يهاجمك أحد، ولم تلن عريكتك، فكيف لم تتنبه لفراغ الساحة الثقافية، والفراغ هو فلسفة احتجت لأن أعمقها في رواية نباح، فالفراغ كالماء دائماً يجد منفذاً لكي يكون متواجداً.
والساحة الثقافية (فرغت) فاحتلها الفراغ.
فمع العراك أو لنقل الجدل السابق الطويل حققت الحركة الثقافية أحلامها بواقع نعيشه الآن، فلم تعد كثير من القضايا ذات رونق جاذب للمحاورة، وغدا جلها عديم الطرق كون القضايا ذات التشابكات أصبحت واقعاً، هذا على الجانب الثقافي المرتبط بالواقع الاجتماعي، وعلى المستوى الفكري سأكون صادماً إذا قلت إن فلسفة الاستهلاك مدت أطرافها فلم تعد القضايا الفكرية جاذبة، وإذا أهملنا هذه الجزئية، سنجد أنفسنا في زمن غير الزمن؛ بمعنى أن جل المتواجدين في مواقع التواصل هم من الشباب الذين قفزوا على الثقافة الكلاسيكية، وأصبحت اهتماماتهم ذات صبغة استهلاكية لا تعنى بما هو خارج اهتمامها اليومي، كما أن الثقافة غدت (جارية) في إمبراطورية الاقتصاد لا تقوى على التوجيه، بل هي (جارية) مسخرة تأتمر بالتوجهات الاقتصادية، وراضخة لقانون العرض والطلب، والمعروض الثقافي بالكثرة المشبعة، والطلب عليها قل أو تم توجيهه في اتجاهات استهلاكية يكون الشاب مقبلاً على مشاهدة المشاهير أكثر من إقباله لقراءة مقالة نقدية، وإن قرأ البعض ليس لديه (خلق) للمناقشة تأييداً أو رفضاً. لن أقول إن الثقافة دخلت إلى المتحف، وإنما أقول على الثقافة أن تكون متواجدة كسلعة حتى لو لم يتم استهلاكها على الأقل أن تظل متواجدة.
الآن، ومع تنوع قنوات الحوار، وتغير نمط المجتمع، ودخول ثقافات أممية، وأشكال فنية وثقافية مختلفة، علينا تضفير كل ما يموج على السطح من أجل تنقية الثقافة الخاصة، والتنقية ليست بمفهوم الحامل للحقيقة المطلقة، وإنما الحامل للقيم الذاتية... فثقافات الأمم تكون صائبة في ذهنية المنتمي لها، وبهذا ليس هناك ثوب متسخ.
ولأننا في حالة تغير أممي، يتنبه المفكرون لما يحدث من تجريف للقيم في جوهرها الأساس، ويفترض منهم الإمساك بحبل القارب؛ لكي لا تسحبه المياه كقارب من غير قائد يوجه سيره داخل الأمواج المتلاطمة، هذه الصورة التقريرية يمكن لها حشد المئات من القضايا المتداخلة، التي يستوجب الحوار من أجل تجليتها، فهل انعدم الحوار حول تلك القضايا؟
يبدو أن قنوات ضخ الآراء أصبحت متعددة الشعب، وكل حوار يصب ماؤه في البحر.
نعم، حواراتنا حول القضايا المصيرية ليس لها وعاء جامع، الحوارات أصبحت كزغاريد الأفراح أو ندب على موتي، وكل منها تحدث ضجيجاً من غير اتضاح ما يقال.. الآن أستذكر تغريدة للدكتور عبدالله الغذامي قبل عام، هكذا كان نصها:
- من زمان لم يهاجمني أحد
هل لانت عريكتي؟
أم لانت عريكة الخصوم؟!
وقد أمنت على تلك التغريدة بالقول: نعم يا دكتور عبدالله، أحياناً تحتاج لبعض الحجارة تتساقط من حولك،
هذا لمن أدمن صعود الجبال يا دكتور عبدالله، فنحن جميعاً لم نتنبه لسرقة الوقت، فقد غدا الزمن غير الزمن.
فلن يهاجمك أحد، ولم تلن عريكتك، فكيف لم تتنبه لفراغ الساحة الثقافية، والفراغ هو فلسفة احتجت لأن أعمقها في رواية نباح، فالفراغ كالماء دائماً يجد منفذاً لكي يكون متواجداً.
والساحة الثقافية (فرغت) فاحتلها الفراغ.
فمع العراك أو لنقل الجدل السابق الطويل حققت الحركة الثقافية أحلامها بواقع نعيشه الآن، فلم تعد كثير من القضايا ذات رونق جاذب للمحاورة، وغدا جلها عديم الطرق كون القضايا ذات التشابكات أصبحت واقعاً، هذا على الجانب الثقافي المرتبط بالواقع الاجتماعي، وعلى المستوى الفكري سأكون صادماً إذا قلت إن فلسفة الاستهلاك مدت أطرافها فلم تعد القضايا الفكرية جاذبة، وإذا أهملنا هذه الجزئية، سنجد أنفسنا في زمن غير الزمن؛ بمعنى أن جل المتواجدين في مواقع التواصل هم من الشباب الذين قفزوا على الثقافة الكلاسيكية، وأصبحت اهتماماتهم ذات صبغة استهلاكية لا تعنى بما هو خارج اهتمامها اليومي، كما أن الثقافة غدت (جارية) في إمبراطورية الاقتصاد لا تقوى على التوجيه، بل هي (جارية) مسخرة تأتمر بالتوجهات الاقتصادية، وراضخة لقانون العرض والطلب، والمعروض الثقافي بالكثرة المشبعة، والطلب عليها قل أو تم توجيهه في اتجاهات استهلاكية يكون الشاب مقبلاً على مشاهدة المشاهير أكثر من إقباله لقراءة مقالة نقدية، وإن قرأ البعض ليس لديه (خلق) للمناقشة تأييداً أو رفضاً. لن أقول إن الثقافة دخلت إلى المتحف، وإنما أقول على الثقافة أن تكون متواجدة كسلعة حتى لو لم يتم استهلاكها على الأقل أن تظل متواجدة.
الآن، ومع تنوع قنوات الحوار، وتغير نمط المجتمع، ودخول ثقافات أممية، وأشكال فنية وثقافية مختلفة، علينا تضفير كل ما يموج على السطح من أجل تنقية الثقافة الخاصة، والتنقية ليست بمفهوم الحامل للحقيقة المطلقة، وإنما الحامل للقيم الذاتية... فثقافات الأمم تكون صائبة في ذهنية المنتمي لها، وبهذا ليس هناك ثوب متسخ.