-A +A
وليد الكاملي
والغمة كما تقول العرب هي الحزن والأسى والكآبة التي لا تفارق صاحبها، وكل هذا لن يفارقك طالما أنك مولع بكرة القدم ومنتمٍ لنادٍ تجاوز في كينونته نادياً رياضياً تقفز لفوزه أو تدّعي أنك لم تشاهد مباراته التي هُزم فيها إلى رفيق عمر تعيش معه حكاية حب وانتماء دراماتيكية، فتحزن لهزيمته وتبرر لها وتفرح لانتصاره وتتجاوز حينها كل ما أفضى إلى هذا الانتصار حتى لو كان بثنائية الصافرة والفار.

انتهى مؤخراً ديربي الرياض الشهير بفوز هلالي كاسح ولم ولن تنتهي جماهير الفريقين من «الطقطقة» وكيل التهم بأن كل فريق هو «المدلل»، وهو الذي حظي ويحظى بامتيازات الدعم المادي والمعنوي، وهذا يدفعنا لمشاركة الجماهير سؤال الفريق الأكثر «دلالاً» لا لشيء ولكن لأن ذلك قد يشفي بعض غليل التنافسية التي تسكن في قلب كل أحد ينتمي لهذين الناديين.


لعله من الصعب والصعب جداً أن تقبض على إجابة سؤال كهذا، حتى وإن كان ثمة إجماع كبير على أن الهلال الفريق الكبير والعريق والقوي جداً هو الأكثر «دلالاً» من غيره، ولعل دليل ذلك يكمن في أن سقطة أحد لاعبيه في منطقة الـ18 ليست كسقطة أحدهم حتى لو كانت من فوق برج المملكة، رغم أن الفريق بقوته وذكاء اختيارات لاعبيه ليس بحاجة لذلك، إلا أن ذلك يحدث في واقع الأمر ويبدو جلياً حتى لمتابع رياضة «الكريكيت»، ومع هذا فإن ذلك لا يعفي النصر الذي يمتلك بين ظهرانيه نجوماً يكادون يطاولون بنجوميتهم عنان السماء من الشعور الدائم بالمظلومية كما لو أنهم أقلية تعيش بين جمع غريب عنها، ولا غيره - أي ولا غير النصر - من الأندية الكبيرة التي تنافس الهلال على مركزه الثابت.

لست ناقداً رياضياً حتى أتحدث عن بعض الأمور الفنية التي غالباً ما يعانيها النصر الفريق الكبير بتاريخه وبعالميته التي حتى في ظل كسبه لتنافسيتها «بالأولوية» دون أن يتوجها بأي بطولة إلا أنه يعيش قبل كل مباراة مع الهلال «هاجس» انحياز التحكيم لصالح الهلال وينسى فكرة العمل على ترتيب أجندته حتى للخروج بالتعادل من هذا الديربي الذي يستحيل للنصر إلى نهائي مبكر بينما يذهب منافسه الهلال ليلعب مع فريق آخر متواضع بالمستوى ذاته الذي لعب به مع النصر ودون أي تفرقة بين النصر وغيره ولعل هذا هو ما يجعل الهلال متقداً دائماً كما لو أنه على صفيح ساخن طيلة موسمه الأمر الذي جعله الأفضل من بين الأندية.

عموماً ولأن ثنائية الهلال والنصر أو العكس - ولكم أن تتخيلوا كيف أن الأمر قد بلغ أعلى درجات التشنج للدرجة التي تحتار في من يتقدم على الآخر عندما تكتب اسمَي الفريقين - أقول: إن ثنائية الهلال والنصر من الثنائيات التي قد تجلب الغمة للشخص إلا أنها الثنائية غير القابلة لأي مثالية قد تفسدها وتخرجها من روحها التي توارثتها مدرجات الناديين، وصدقوني وهذه الخاتمة تخص تماماً من يستغربون حب الرياضيين لأنديتهم: غُمة وانتماء خير من سعادة ولا انتماء قد يحيلك إلى كائن بيولوجي لا يمارس دوراً في الحياة غير أنه يأكل ويشرب.

وأخيراً:

هل جماهير الهلال يصابون بالغُمة؟