منذ السابع من شهر أكتوبر الماضي، عندما قامت الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس بالهجوم على بلدات غلاف غزة، ومع إدراك الجميع بأن الحرب واقعة لا محالة، وأن هذه الحرب سوف تغيّر الكثير من المعطيات حتى بدأ الحديث عن السيناريوهات المتوقعة لليوم التالي للحرب، حتى قبل أن يتبين الجميع مآلات هذا الصراع العسكري وكيف ستكون خاتمته. وزير الخارجية الأمريكية أثناء زياراته للمنطقة كان جزءٌ من نقاشاته متمركزاً حول هذه النقطة، ولكن هناك فارق جوهري بين الفهم الأمريكي ـ الإسرائيلي لمستقبل غزة والفهم الموجود لدى دول المنطقة، وخصوصاً الدول العربية. الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل تركزان على نقطة جوهرية تجيب عن التساؤل التالي: كيف يمكن تغيير الأوضاع في غزة بحيث لا تصبح مصدر تهديد لإسرائيل؟ وينبع عن ذلك أسئلة أخرى حول الترتيبات الأمنية في القطاع، ومن هي الجهة التي سوف تحكمه؟ وما مصير الفصائل الفلسطينية؟... إلخ. بينما السؤال المركزي لدى الدول العربية كيف يمكن الوصول إلى تسوية نهائية للصراع العربي ـ الإسرائيلي، وخصوصاً الفلسطيني الإسرائيلي؟، بحيث تخرج المنطقة برمتها من حلقة الحروب المفرغة التي عانت منها على امتداد الثمانية عقود الماضية؟
أياً كانت النتيجة التي سوف تؤول إليها الحرب الحالية، فإن العودة إلى السابع من أكتوبر، تعني استمراراً في المأساة التي تعيشها المنطقة، تقطيع أوصال الضفة وزيادة بناء المستوطنات وأعمال تهويد القدس القائمة على قدم وساق لم ينجح في جلب الأمن والطمأنينة للإسرائيليين، وهذا ما أثبتته الأسابيع الماضية، فضلا عن الظروف غير الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني، والتي سوف تُخرج مارد الرفض مهما كان التفوق الأمني والعسكري الذي تتمتع به إسرائيل. أما السيناريو الأخر فهو يتمثل في الأفكار المتطرفة التي يتبناها اليمين المتطرف الإسرائيلي، والذي يتبناه بعض شخوص الحكومة الإسرائيلية؛ وهو طرد الفلسطينيين في غزة سواء إلى مصر أو إلى مصر ودول أخرى، وهذا السيناريو يبدو شططاً أكثر منه هدفاً واقعياً، لأن الدول الأخرى من الصعب أن تقبل بهذا الهدف الإسرائيلي، وخصوصاً مصر التي اعتبرت أن هذا يمثل خطاً أحمر يمسّ أمنها القومي، ولكن الأهم من كل ذلك هو رفض الفلسطينيين أن يتم تهجيرهم مرة أخرى ويكرروا نكبتهم التي عاشوها طوال العقود الماضية. إذاً ليس أمام إسرائيل إلا حل من اثنين؛ إما الموافقة على حل الدولتين أو دولة واحدة ثنائية القومية من البحر إلى النهر يكون جميع المواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، ويبدو الحل الأخير كابوس بالنسبة للإسرائيليين لأن اليهود سيكونون أقلية. حل الدولتين هو الحل المتوافق عليه عربياً ودولياً من خلال المبادرة العربية؛ التي صاغتها المملكة العربية السعودية والتي تمثِّل حلاً عادلاً للقضية الفلسطينية، وهذا الحل ترى فيه أطرافٌ عدة ومنها واشنطن والدول الأوروبية ضمانة لوجود إسرائيل، ولكن الأزمة أن تل أبيب لم تترك مناسبة إلا وحاولت إفراغ هذا الحل من مضمونة ببناء المستوطنات وجعل الدولة الفلسطينية العتيدة حلماً لا يمكن تحقيقه. الكرة في الملعب الإسرائيلي ومن يقف وراء الدولة العبرية، أما إبقاء الشقاء الفلسطيني كما هو والبقاء في حالة من المراوحة في المكان فإن ذلك سوف يجعل ما يحدث من قتل ودمار ليس سوى حلقة من مسلسل يكاد لا ينتهي.
أياً كانت النتيجة التي سوف تؤول إليها الحرب الحالية، فإن العودة إلى السابع من أكتوبر، تعني استمراراً في المأساة التي تعيشها المنطقة، تقطيع أوصال الضفة وزيادة بناء المستوطنات وأعمال تهويد القدس القائمة على قدم وساق لم ينجح في جلب الأمن والطمأنينة للإسرائيليين، وهذا ما أثبتته الأسابيع الماضية، فضلا عن الظروف غير الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني، والتي سوف تُخرج مارد الرفض مهما كان التفوق الأمني والعسكري الذي تتمتع به إسرائيل. أما السيناريو الأخر فهو يتمثل في الأفكار المتطرفة التي يتبناها اليمين المتطرف الإسرائيلي، والذي يتبناه بعض شخوص الحكومة الإسرائيلية؛ وهو طرد الفلسطينيين في غزة سواء إلى مصر أو إلى مصر ودول أخرى، وهذا السيناريو يبدو شططاً أكثر منه هدفاً واقعياً، لأن الدول الأخرى من الصعب أن تقبل بهذا الهدف الإسرائيلي، وخصوصاً مصر التي اعتبرت أن هذا يمثل خطاً أحمر يمسّ أمنها القومي، ولكن الأهم من كل ذلك هو رفض الفلسطينيين أن يتم تهجيرهم مرة أخرى ويكرروا نكبتهم التي عاشوها طوال العقود الماضية. إذاً ليس أمام إسرائيل إلا حل من اثنين؛ إما الموافقة على حل الدولتين أو دولة واحدة ثنائية القومية من البحر إلى النهر يكون جميع المواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، ويبدو الحل الأخير كابوس بالنسبة للإسرائيليين لأن اليهود سيكونون أقلية. حل الدولتين هو الحل المتوافق عليه عربياً ودولياً من خلال المبادرة العربية؛ التي صاغتها المملكة العربية السعودية والتي تمثِّل حلاً عادلاً للقضية الفلسطينية، وهذا الحل ترى فيه أطرافٌ عدة ومنها واشنطن والدول الأوروبية ضمانة لوجود إسرائيل، ولكن الأزمة أن تل أبيب لم تترك مناسبة إلا وحاولت إفراغ هذا الحل من مضمونة ببناء المستوطنات وجعل الدولة الفلسطينية العتيدة حلماً لا يمكن تحقيقه. الكرة في الملعب الإسرائيلي ومن يقف وراء الدولة العبرية، أما إبقاء الشقاء الفلسطيني كما هو والبقاء في حالة من المراوحة في المكان فإن ذلك سوف يجعل ما يحدث من قتل ودمار ليس سوى حلقة من مسلسل يكاد لا ينتهي.