من الشعارات الرنانة التي كان ينشرها فلول اليسار العربي والإسلامويين المتطرفين خلال الثمانينات الميلادية هي منع التواجد الغربي في المنطقة، وإخراج المشركين من جزيرة العرب، كانتا متلازمتين، ويتناوب كل منهما نشر دعايته من خلالها بهدف تشويه دول الخليج وعلى رأسها السعودية.
كان الغرب حينها غير معني بمنطقة الخليج، فجل اهتمامه في أفغانستان، حيث تدور آخر معارك المعسكرَين الغربي الليبرالي، والشرقي الشيوعي، واكتفى الغربيون بتواجد على حواف المنطقة مع تواجد شكلي، بل إنه لم يكن هناك إلا بارجة أمريكية متوسطة الحجم اسمها (لاسال) ترسو في ميناء عسكري لتمويل سفنها متى احتاجت إلى ذلك، حتى قامت إيران في منتصف الثمانينات بما سمّي لاحقاً «حرب الناقلات»، ليتغير وجه الخليج العربي للأبد.
حرب الناقلات هو مصطلح يشير إلى فترة حرب الخليج بين «إيران والعراق» وقيام طهران بضرب ناقلات النفط العابرة للخليج العربي باتجاه الأسواق العالمية، تركّزت الهجمات البحرية والجوية الإيرانية على ناقلات النفط الخليجية، بدعوى أن دول الخليج العربي تدعم المجهود العسكري العراقي، وهي تفعل ذلك لوقف مبيعات النفط وبالتالي منع تدفق الأموال على العراق.
تركزت معظم الضربات على ناقلات النفط الكويتية، الأمر الذي دفع حكومة الكويت للبحث عن حلول تحمي بها صادراتها النفطية، واضطرت العام 1986 إلى طلب حماية دولية لناقلاتها، الكويت حصلت على أول حماية من الاتحاد السوفيتي بداية عام 1987، إثر موافقته على تأجير ناقلاته لشركة نفط الكويت، وهو ما دفع بعد ذلك الأساطيل الغربية للدخول إلى منطقة الخليج والتواجد فيها بكثافة. الولايات المتحدة الأمريكية والأوروبيون تدخلوا أيضاً بأساطيلهم وجنودهم وسفنهم العسكرية بعدما رفعت الكويت أعلام تلك الدول على ناقلاتها البحرية.
وكأن الزمن يعود اليوم على أيدي الحوثيين الذين أخرجوا البحر الأحمر من كونه بحيرة عربية إلى بحيرة تتواجد وتنتشر فيها قوات وجيوش عسكرية أجنبية لحماية السفن التجارية التي تعبر باب المندب القادمة من شرق آسيا باتجاه العالم العربي وأوروبا.
هكذا تفعل بعض التصرفات الشعبوية، وغير المجدية، في إعادة إنتاج الهيمنة الغربية على المنطقة، المهم أن من يأتي بها ويبرر تواجدها هم أكثر من يصرخون في وسائل الإعلام بكراهيتهم للأمريكان والغربيين، لكن أفعالهم على الأرض هي أكثر ما يخدم واشنطن ولندن وباريس وتل أبيب.
من المتوقع خلال الأيام القادمة تشكيل تحالف دولي لحماية السفن التجارية العابرة لباب المندب، وهو تحالف يشبه كثيراً تحالف حماية الناقلات منتصف الثمانينات من الضربات الإيرانية ومن القراصنة الصوماليين الذين هاجموا السفن واختطفوا العديد منها منتصف التسعينات. القراصنة الصوماليون كانوا مجرد لصوص للمال، لكننا اليوم أمام لصوص للحق العربي باسم مساندة غزة ومقاومة المد الغربي.
ما يحصل في خليج عدن هو أحد تداعيات حرب غزة، ويبدو أننا ما زلنا في بداية طريق طويل لإعادة تشكيل المنطقة، وإعادة تموضع القوى الكبرى فيها، فالغرب لن يتهاون في قطع طريق تجارته كما فعل في منتصف الثمانينات في الخليج العربي عندما حاولت إيران قطع إمدادات الطاقة، والتواجد الغربي في المنطقة لن يرحل بل سيزداد كثافة في البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط والخليج العربي، وعندها سيقول الحوثيون ومن ويقف وراءهم إن أمن البحار والمضائق مسؤولية دولية، لكنهم لم ولن يسألوا أنفسهم من فرّط في ذلك بمزايداته وصواريخه.
كان الغرب حينها غير معني بمنطقة الخليج، فجل اهتمامه في أفغانستان، حيث تدور آخر معارك المعسكرَين الغربي الليبرالي، والشرقي الشيوعي، واكتفى الغربيون بتواجد على حواف المنطقة مع تواجد شكلي، بل إنه لم يكن هناك إلا بارجة أمريكية متوسطة الحجم اسمها (لاسال) ترسو في ميناء عسكري لتمويل سفنها متى احتاجت إلى ذلك، حتى قامت إيران في منتصف الثمانينات بما سمّي لاحقاً «حرب الناقلات»، ليتغير وجه الخليج العربي للأبد.
حرب الناقلات هو مصطلح يشير إلى فترة حرب الخليج بين «إيران والعراق» وقيام طهران بضرب ناقلات النفط العابرة للخليج العربي باتجاه الأسواق العالمية، تركّزت الهجمات البحرية والجوية الإيرانية على ناقلات النفط الخليجية، بدعوى أن دول الخليج العربي تدعم المجهود العسكري العراقي، وهي تفعل ذلك لوقف مبيعات النفط وبالتالي منع تدفق الأموال على العراق.
تركزت معظم الضربات على ناقلات النفط الكويتية، الأمر الذي دفع حكومة الكويت للبحث عن حلول تحمي بها صادراتها النفطية، واضطرت العام 1986 إلى طلب حماية دولية لناقلاتها، الكويت حصلت على أول حماية من الاتحاد السوفيتي بداية عام 1987، إثر موافقته على تأجير ناقلاته لشركة نفط الكويت، وهو ما دفع بعد ذلك الأساطيل الغربية للدخول إلى منطقة الخليج والتواجد فيها بكثافة. الولايات المتحدة الأمريكية والأوروبيون تدخلوا أيضاً بأساطيلهم وجنودهم وسفنهم العسكرية بعدما رفعت الكويت أعلام تلك الدول على ناقلاتها البحرية.
وكأن الزمن يعود اليوم على أيدي الحوثيين الذين أخرجوا البحر الأحمر من كونه بحيرة عربية إلى بحيرة تتواجد وتنتشر فيها قوات وجيوش عسكرية أجنبية لحماية السفن التجارية التي تعبر باب المندب القادمة من شرق آسيا باتجاه العالم العربي وأوروبا.
هكذا تفعل بعض التصرفات الشعبوية، وغير المجدية، في إعادة إنتاج الهيمنة الغربية على المنطقة، المهم أن من يأتي بها ويبرر تواجدها هم أكثر من يصرخون في وسائل الإعلام بكراهيتهم للأمريكان والغربيين، لكن أفعالهم على الأرض هي أكثر ما يخدم واشنطن ولندن وباريس وتل أبيب.
من المتوقع خلال الأيام القادمة تشكيل تحالف دولي لحماية السفن التجارية العابرة لباب المندب، وهو تحالف يشبه كثيراً تحالف حماية الناقلات منتصف الثمانينات من الضربات الإيرانية ومن القراصنة الصوماليين الذين هاجموا السفن واختطفوا العديد منها منتصف التسعينات. القراصنة الصوماليون كانوا مجرد لصوص للمال، لكننا اليوم أمام لصوص للحق العربي باسم مساندة غزة ومقاومة المد الغربي.
ما يحصل في خليج عدن هو أحد تداعيات حرب غزة، ويبدو أننا ما زلنا في بداية طريق طويل لإعادة تشكيل المنطقة، وإعادة تموضع القوى الكبرى فيها، فالغرب لن يتهاون في قطع طريق تجارته كما فعل في منتصف الثمانينات في الخليج العربي عندما حاولت إيران قطع إمدادات الطاقة، والتواجد الغربي في المنطقة لن يرحل بل سيزداد كثافة في البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط والخليج العربي، وعندها سيقول الحوثيون ومن ويقف وراءهم إن أمن البحار والمضائق مسؤولية دولية، لكنهم لم ولن يسألوا أنفسهم من فرّط في ذلك بمزايداته وصواريخه.