-A +A
عبده خال
كسلوك فطري وعفوي، أرفع الكلافة بيني وبين من أحب، مهما كان منصبة الوظيفي، أو درجته العلمية، تجدني أناديه باسمه المجرد، أكرر بأني أمارس هذا العفوية مع من أحب، هناك من يستوعب (وهم الواثقون من أنفسهم) تصرفي هذا، وهناك من يتمرغ وجهه بأصناف التذمر، لو ناديت عليه باسمه (حاف)؛ وخاصة أولئك الذين اشتروا (حرف الدال) أو من يرى أن اللقب الأكاديمي أو الوظيفي مكتسب من المكتسبات الشخصية، وأن لا وجود له من غير ذلك اللقب، هؤلاء أعرف حساسيتهم، فأسبق النداء عليه باللقب الذي يستأنس به، أعلم جيداً أن من اللياقة والأدب (الاجتماعي) أن تنادي الإنسان بأحب الأسماء أو (الألقاب) إلى نفسه، والذي أعلمه في تصرفي أن حبي له يجرده من كل الألقاب ويتوجه بحبي له، أذكر أن صاحب السمو الأمير المبدع خالد الفيصل زارنا في جريدة «عكاظ»، بعد أن عاد أميراً لمنطقة مكة، يومها جاءت كلمتي فبدأت باسمه مجرداً تماماً، قائلاً:

- أنا أحبك يا خالد، ولا يسبق الحب أي لقب.


وكان رده حميمياً حين قال: وأنا أحبك يا عبده.

لفترة، وجدت اعوجاج مزاج من أناديه باسمه، فأردت الاحتماء بأي ذريعة لإسقاط الألقاب، فاللقب ليس اسماً حقيقياً، وأرى أن اسم الفرد منَّا، هو أجمل الألقاب، وفي هذا السياق أجد أن الله -عز وجل- نادى أنبياءه بأسمائهم كتبجيل لأسمائهم وتأكيد حبه لهم، وفي سير النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة أيضاً، كانت أسماؤهم هي الحاضرة، من غير زوائد الألقاب التي تراكمت وجعلت من اللقب فاتحة السورة، وربما أجد متحذلقاً في هذه النقطة، ليدلل بأحداث كثيرة على وجود اللقب كمسألة جوهرية، أو جعل الكنية جسر تواصل ومناداة، ولأني أيضاً لا أحب الكنية كأبي محمد أو أبي مشعل، أو أبي وشل، أرى أن الكنية حجاب يغطي على وجودي، باستحضار اسم ابني، بينما أنا الوجود الحاضر أمام المتحدث.

اسمك هو أجمل لقب تحمله في الدنيا والآخرة، فلن تُنادى يوم المحشر بالألقاب التي حصدتها في دنياك.

كل الكلام الذي سبق، أجيز صوابه مع من أحب، أي لو كان الحب جامعاً بين الناس، أو جامعاً بيني وبين أصدقائي يكون ذلك الحب هو قلبي الذي أسبقه على اسمك مجرداً، أما إذا غاب الحب، يسقط الكلام السابق جملة وتفصيلاً، فمن لا أستلطفه يجب أن يسبق حديثه معي بلقب يا أستاذ، وأستاذ مفخمة؛ تقديراً وتبجيلاً، هكذا أتعامل مع الناس، وهذا ليس شرحاً وإنما توصيفاً لما أعيش من حب بيني وبين الناس.. ومع غياب الحب يصبح اللقب الفخم مفتاحاً لفتح أقفال الكلام معي.

هي كذا من غير زيادة أو نقصان، قاعدة خاصة بي، أنا فقط، فلا يطلع لي واحد من تحت القش مستعيداً حكايات ما أنزل الله بها من سلطان ليقنعني، إذا أوفر عليه وعلى نفسي (منهادة) الكلام.