منذ البدايات الأولى كنا - أنا، وعبدالمحسن يوسف - في دروب لهفة الكتابة سائرين، جمعتنا تلك اللهفة، والسير اليومي إلى حديقة الكتابة، عرفت عبدالمحسن إبداعاً، ومزاجاً، وطفولة، والزمن الممتد بيننا مكّنني من معرفته جيداً.
قضينا سنوات في جريدة عكاظ، نتقاسم طاولة واحدة، وحبراً واحداً،
وورقاً واحداً.
ومع الأيام صنع الدكتور هاشم عبده هاشم خيطاً بين روحينا، (الرئيس والمرؤوس) هذا الخيط هو الذي استنزف الكنز الإبداعي لعبدالمحسن، وهو نفس الخيط الذي استنزف الدكتور سعيد السريحي، وهاشم الجحدلي، نهب منهم لمعان إبداعهم، واستباح تلك الجواهر بنثرها على أعمدة الصحف كمواد صحفية، وأكثرهم استنزافاً كان عبدالمحسن، كان يحرر ملحقاً ثقافياً كاملاً، وقد استهوته اللعبة، وكنت متخوفاً على استنزاف ملكته الإبداعية، ومعرفتي بنفسية عبدالمحسن كنت أشير له بأن هذا العمل الصحفي الهالك يسرق عبدالمحسن المبدع من نفسه، ومن الإشارة أدركت أن اللعبة راقت له، وأي ملاحظة سوف تعكر مزاجه.
عبدالمحسن طفل لا يقبل النصح، فواصَل لعبته، وكانت شاهداً على وأد، الوأد.
متأخراً أفاق الشاعر المسروق، فجمع قصائد تم إنهاكها زمنياً حين كانت - في زمنها - برقاً إبداعاً لا يشبه أحداً.
ما الذي يمكن قوله لشقيق روح، كنت أراه يخنق نفسه بالالتزام الصحفي المبالغ فيه، مستخدماً لغته العذراء في لف حبال تلك المشنقة التي سوف تُلف على رقبة إبداعه.
ولو تنبه عبدالمحسن للغته الآسرة لما غامر بدلق رحيقها في صحيفة تموت بموت يومها.
في زمنية انطلاق إبداع عبدالمحسن كانت الساحة الأدبية مجتمعة تراهن على لغة وشاعرية الكلمة عنده، بينما كان هو يغامر بلغته في صالة قمار صحفي، وكانت المؤشرات تؤكد أن من يلعب فيها خاسر، خاسر.
أنا حزين جداً لخروج دواوين عبدالمحسن يوسف متأخرة عن وقتها حتى لو تعلل بأنها طازجة، وخرجت من مداد روحه حديثاً، فهذا العذر، يزيد صب الحسرات على تأخره جداً في إصدار دواوينه متأخرة، فمن يقرأ قصائده الآن ربما يتصور أن لغتها استجلاب لما سبق من تجارب شعرية لدى كبار الشعراء، بينما قصائده كانت المصطفاة في زمنها، التأخر أضر كثيراً ببريق ورعد الشعر عند عبدالمحسن.
آه يا عبدالمحسن، وأدت نفسك بنفسك، ماذا يقال الآن بعد كل هذا التأخر؟
هل أقول مبدع، وأنت مبدع في الأساس، وإذا قلتها الآن هل أجد في مفردة واحدة احتواء فضاء كان فيها عبدالمحسن فضاءً ووعداً وبرقاً متفرداً.
يا عبد المحسن، هل تذكر مقولة سلفادور دالي:
-الذباب التهم الزمن وانتهى كل شيء.. هي مقولة حارقة، الآن سيظن من جاء بعدك بأنك تستجلب تجارب شعراء سابقين، ولا يعرفون أنك كنت أنت من يشكّل أو يجسّد من صخور الكلام تمثالاً بديعاً.
الاحتفال الآن بديوانك (مطر كسول على الباب) يُنقِصك حقك القديم الجديد.
لقد سرقوا لغتك، فمن جايلك سرق كثيراً من صورك الشعرية، ولغتك البديعة، سرقوا، ونشروا، فالسراق لا يحتفظون بنسب المسروق.
الآن ومتأخر أعلق الحسرة، والتمني: لو أنك تخلصت من استعباد الصحافة من زمن بعيد لكنت أنت المنارة لمن عبرك، ولم يتنبه بأنه عابر لمبدع ظل في صالة قمار الصحافة.. سأقول بما أشعر به يا عبدالمحسن، لاغياً حساسيتك اتجاه ما يقال لك أو عنك، فلن احتاط من رهافة حساسيتك، ومهما قيل عن إبداعك فلن يعرفوك كما عرفتك أنا، داخلياً وخارجياً، فأنت شقيق الروح، وسوف تظل كما عرفتك، وقد صارحتك بحقيقتك كما أشعر بها أنا، فعلت ذلك منذ البديات، هل تذكر قصتي (في انتظار سيدة الماضي)، ففي تلك القصة المنشورة بمجموعة (لا أحد) ذكرت أن عبدالمحسن قد وضع أعصابه على عيون بوتجاز، فهي قابلة للاشتعال في كل حين.
والآن - يا عبدالمحسن - أشعل غضبك على شقيق الروح الذي يتحسّر، حسرة كبيرة على ظهورك المتأخر.
كنت أنت المطر الكسول الذي يدق على البال في ليل مضى ثلاثة أرباع وقته.
كيف فعلت بنا، وبك ما لم يكن في الحسبان، بأن يأتي برقك وغيثك متأخراً لهذا الحد.
قضينا سنوات في جريدة عكاظ، نتقاسم طاولة واحدة، وحبراً واحداً،
وورقاً واحداً.
ومع الأيام صنع الدكتور هاشم عبده هاشم خيطاً بين روحينا، (الرئيس والمرؤوس) هذا الخيط هو الذي استنزف الكنز الإبداعي لعبدالمحسن، وهو نفس الخيط الذي استنزف الدكتور سعيد السريحي، وهاشم الجحدلي، نهب منهم لمعان إبداعهم، واستباح تلك الجواهر بنثرها على أعمدة الصحف كمواد صحفية، وأكثرهم استنزافاً كان عبدالمحسن، كان يحرر ملحقاً ثقافياً كاملاً، وقد استهوته اللعبة، وكنت متخوفاً على استنزاف ملكته الإبداعية، ومعرفتي بنفسية عبدالمحسن كنت أشير له بأن هذا العمل الصحفي الهالك يسرق عبدالمحسن المبدع من نفسه، ومن الإشارة أدركت أن اللعبة راقت له، وأي ملاحظة سوف تعكر مزاجه.
عبدالمحسن طفل لا يقبل النصح، فواصَل لعبته، وكانت شاهداً على وأد، الوأد.
متأخراً أفاق الشاعر المسروق، فجمع قصائد تم إنهاكها زمنياً حين كانت - في زمنها - برقاً إبداعاً لا يشبه أحداً.
ما الذي يمكن قوله لشقيق روح، كنت أراه يخنق نفسه بالالتزام الصحفي المبالغ فيه، مستخدماً لغته العذراء في لف حبال تلك المشنقة التي سوف تُلف على رقبة إبداعه.
ولو تنبه عبدالمحسن للغته الآسرة لما غامر بدلق رحيقها في صحيفة تموت بموت يومها.
في زمنية انطلاق إبداع عبدالمحسن كانت الساحة الأدبية مجتمعة تراهن على لغة وشاعرية الكلمة عنده، بينما كان هو يغامر بلغته في صالة قمار صحفي، وكانت المؤشرات تؤكد أن من يلعب فيها خاسر، خاسر.
أنا حزين جداً لخروج دواوين عبدالمحسن يوسف متأخرة عن وقتها حتى لو تعلل بأنها طازجة، وخرجت من مداد روحه حديثاً، فهذا العذر، يزيد صب الحسرات على تأخره جداً في إصدار دواوينه متأخرة، فمن يقرأ قصائده الآن ربما يتصور أن لغتها استجلاب لما سبق من تجارب شعرية لدى كبار الشعراء، بينما قصائده كانت المصطفاة في زمنها، التأخر أضر كثيراً ببريق ورعد الشعر عند عبدالمحسن.
آه يا عبدالمحسن، وأدت نفسك بنفسك، ماذا يقال الآن بعد كل هذا التأخر؟
هل أقول مبدع، وأنت مبدع في الأساس، وإذا قلتها الآن هل أجد في مفردة واحدة احتواء فضاء كان فيها عبدالمحسن فضاءً ووعداً وبرقاً متفرداً.
يا عبد المحسن، هل تذكر مقولة سلفادور دالي:
-الذباب التهم الزمن وانتهى كل شيء.. هي مقولة حارقة، الآن سيظن من جاء بعدك بأنك تستجلب تجارب شعراء سابقين، ولا يعرفون أنك كنت أنت من يشكّل أو يجسّد من صخور الكلام تمثالاً بديعاً.
الاحتفال الآن بديوانك (مطر كسول على الباب) يُنقِصك حقك القديم الجديد.
لقد سرقوا لغتك، فمن جايلك سرق كثيراً من صورك الشعرية، ولغتك البديعة، سرقوا، ونشروا، فالسراق لا يحتفظون بنسب المسروق.
الآن ومتأخر أعلق الحسرة، والتمني: لو أنك تخلصت من استعباد الصحافة من زمن بعيد لكنت أنت المنارة لمن عبرك، ولم يتنبه بأنه عابر لمبدع ظل في صالة قمار الصحافة.. سأقول بما أشعر به يا عبدالمحسن، لاغياً حساسيتك اتجاه ما يقال لك أو عنك، فلن احتاط من رهافة حساسيتك، ومهما قيل عن إبداعك فلن يعرفوك كما عرفتك أنا، داخلياً وخارجياً، فأنت شقيق الروح، وسوف تظل كما عرفتك، وقد صارحتك بحقيقتك كما أشعر بها أنا، فعلت ذلك منذ البديات، هل تذكر قصتي (في انتظار سيدة الماضي)، ففي تلك القصة المنشورة بمجموعة (لا أحد) ذكرت أن عبدالمحسن قد وضع أعصابه على عيون بوتجاز، فهي قابلة للاشتعال في كل حين.
والآن - يا عبدالمحسن - أشعل غضبك على شقيق الروح الذي يتحسّر، حسرة كبيرة على ظهورك المتأخر.
كنت أنت المطر الكسول الذي يدق على البال في ليل مضى ثلاثة أرباع وقته.
كيف فعلت بنا، وبك ما لم يكن في الحسبان، بأن يأتي برقك وغيثك متأخراً لهذا الحد.