أكتب بتثاقل وكأنما العالم بكل ما فيه يضغط على ذهني ويخنق الكلمات داخله، الحقيقة أنه ليس ثمة كلام، بل غمامات من الحزن المُر، والأسى الكثيف، والوجع الهائل، تجتاحني بضراوة منذ تأكد الخبر أن محمد زايد الألمعي لن يكون بيننا. المفارقة أنني تلقيت خبر رحيله وأنا في نفس المكان البعيد ونفس الفصل الذي تعوي رياح صقيعه، عندما توعك محمد قبل أربع سنوات، لحظة خانه قلبه ودخل المستشفى في غربته، كتبت حينها مقالاً عنونته: «الشعراء يتعبون، لكن لا يموتون»، وهم فعلاً كذلك، يرحلون جسداً عندما يجف زيت الخلايا، لكنهم يبقون أحياءً، يصدحون في الزمن، بوهج شعرهم، وحضور أرواحهم بيننا. هل غاب شاعر وإنسان حقيقي كما محمد زايد؟ كلا.
لكن مأساتي ليس في رحيل شاعر فذ، وإنسان نبيل، وقلب نقي فحسب، مأساتي الموجعة هي فقدي لأخ حقيقي، عشنا الحياة معاً بكل ما فيها، وعبرناها معاً بكل أفراحها وأوجاعها، مررنا بكل محطاتها وقلوبنا متشابكة قبل أيدينا. ضحكنا كثيراً، وبكينا كثيراً، وسخرنا من كل شيء معاً مثلما ابتهجنا بأشياء كثيرة.
حتماً لست وحدي الذي يعتبر محمد زايد من قدحَ عقله بأفكار كبرى، فهناك جيل بأكمله استنار بها. لا يستطيع أحد إنكار ما كان لضوئه من فضل في إنارة دروب بدت معتمة، واستجلاء آفاق بعيدة كان يستجلبها بفكره العميق الدقيق فلا يخطئ حدسه ولا تخيب توقعاته. ومحمد الشاعر الفخم لم يكن يصفُّ القصائد، ولم يكن يطاوع أي نازع شعري إذا لم يكن مفعماً ومثقلاً بحمولات فلسفية ورؤى بعيدة، وأفكار إنسانية عميقة المعاني والدلالات، دون تكلف أو تصنع، إنه فقط يهز شجرة الشعر في روحه لينهال جناها الاستثنائي العذب العميق. ورغم كل ذلك، فإن فقدي لمحمد أكبر وأكثر من فقدي لشاعر ومفكر وصديق، أكبر وأكثر من ذلك بكثير.
منذ تأكد رحيله، وأنا أستعرض فصولاً من تلك الحياة الطويلة التي عشناها معاً، وأسأل نفسي هل فعلاً انتهت معه تلك الفصول الصاخبة، كيف ستكون الحياة دون وجودك يا محمد؟.
رحمك الله. رحمك الله.
لكن مأساتي ليس في رحيل شاعر فذ، وإنسان نبيل، وقلب نقي فحسب، مأساتي الموجعة هي فقدي لأخ حقيقي، عشنا الحياة معاً بكل ما فيها، وعبرناها معاً بكل أفراحها وأوجاعها، مررنا بكل محطاتها وقلوبنا متشابكة قبل أيدينا. ضحكنا كثيراً، وبكينا كثيراً، وسخرنا من كل شيء معاً مثلما ابتهجنا بأشياء كثيرة.
حتماً لست وحدي الذي يعتبر محمد زايد من قدحَ عقله بأفكار كبرى، فهناك جيل بأكمله استنار بها. لا يستطيع أحد إنكار ما كان لضوئه من فضل في إنارة دروب بدت معتمة، واستجلاء آفاق بعيدة كان يستجلبها بفكره العميق الدقيق فلا يخطئ حدسه ولا تخيب توقعاته. ومحمد الشاعر الفخم لم يكن يصفُّ القصائد، ولم يكن يطاوع أي نازع شعري إذا لم يكن مفعماً ومثقلاً بحمولات فلسفية ورؤى بعيدة، وأفكار إنسانية عميقة المعاني والدلالات، دون تكلف أو تصنع، إنه فقط يهز شجرة الشعر في روحه لينهال جناها الاستثنائي العذب العميق. ورغم كل ذلك، فإن فقدي لمحمد أكبر وأكثر من فقدي لشاعر ومفكر وصديق، أكبر وأكثر من ذلك بكثير.
منذ تأكد رحيله، وأنا أستعرض فصولاً من تلك الحياة الطويلة التي عشناها معاً، وأسأل نفسي هل فعلاً انتهت معه تلك الفصول الصاخبة، كيف ستكون الحياة دون وجودك يا محمد؟.
رحمك الله. رحمك الله.