-A +A
أسامة يماني
الكثير في عالمنا العربي والإسلامي يشعر بأن لا وجود للعدل والإنصاف في هذا العالم، وأن القانون المطبق هو قانون الغاب، وأن الغرب قد خذل الجميع وضحّى بكل المبادئ والقيم الأخلاقية في تعاملهم مع الأزمة الإنسانية التي تحدث في الأراضي المحتلة سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة. حتى القانون الطبيعي الذي يمكن تعريفه بأنه مجموعة القواعد الثابتة وغير المكتوبة والواجبة الانطباق على كافة الأفراد في كل المجتمعات نظراً لأنها تجد مصدرها في الطبيعة ذاتها. فهو نوع من الأخلاقية الواجبة الانطباق في كل مكان وزمان مثل أفكار العدالة والمساواة، أصبح لا وجود له في عالمنا.

لا أعرف كيف يطالب الغرب بحرية الملاحة وهم يرعون انتهاك حرية الحياة والأكل والشرب والحركة للبشر في فلسطين المحتلة؟!. القوة والغطرسة التي تزاول منهم تشعر بأن القانون الوحيد الموجود هو القانون الذي يطبق بحقهم ولمصلحتهم. لهذا نجد أن نتنياهو مستمر في جرائمه ولن يوقف إبادته الجماعية في غزة واضطهاد فلسطين الضفة الغربية حتى لو تسبب ذلك في خسارة نصف جيشه وحتى لو انقلبت الشعوب الغربية على حكوماتهم بسبب دعمهم اللامحدود. كيف يسمح العالم لحكومة صهيونية أن تمارس تطرفها وتكسر كل القانون الإنساني وترتكب كل جرائم الحرب؟ هذه الحكومة التي وصفها حليفها الرئيس الأمريكي بايدن بأنها حكومة نتنياهو الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل. حكومة صهيونية تصرح بأن سكان قطاع غزة حيوانات بشرية وأنها سوف تقتل قيادات المقاومة في الخارج، مما يجعل المرء يسأل ما الفرق بين المليشيات وبين دولة الاحتلال؟


وعلى الجانب العربي والإسلامي نجد قلة من الإعلاميين الذين يمارسون الشماتة والفرح بمعاناة الآخرين. إن الشماتة والانتقام عبر وسائل إعلامية حديثة، فإن خلق الشماتة يقوم في النفس حين تخلو من المودة والحب والعطف، وتمتلئ بالكراهية والحقد والبغض، لأنها في الواقع ممارسة سيكولوجية لا أخلاقية، تكشف عن عقليات لا تمتلك الصلاحية للعيش والتعاطف والشراكة وذكر المعروف، والتسامح، وفقدت حيوية البقاء والتعايش مع بعضها الآخر، وفهمها للقانون الطبيعي الذي يرتبط تاريخياً بمفهوم القانون الأخلاقي وما له من تأثير ديني. إن مجتمعاتنا تحتاج إلى ثورة قيمية وتربوية وأخلاقية وحضارية، لكي تزيح العقليات والأمراض التي تفتك بها.

في ظل غياب ما يدور خلف الكواليس والقهر والطغيان والحروب غير المتكافئة يشعر

المرء بأن القوانين وجدت لخدمة جانب واحد وهي القوى الاستعمارية، وأنه لا وجود للأخلاق لدى القوى الاستعمارية في هذا العالم، الذي يدعي الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة. كل هذه الشعارات هي لخدمة الهيمنة والسيطرة ولصالحه ولصالح أهدافه.

إن ما يحدث في غزة أثبتت أن العرب يملكون الكثير من أوراق الضغط والقوة التي يخاف الغرب من توظيفها ضد سطوته وهيمنته، وأن كان المشهد يبدو فيه ضعفاً شديداً وفقدان القدرة عن الدفاع عن الحقوق المشروعة. ومن الواجب التذكير بالمواقف السعودية التي كان لها أكبر الأثر في استعادة الحقوق العربية المغصوبة ومنها موقفها المشهود في حرب ١٩٧٣ وغيرها من المواقف المشرفة والقوية بالحق والقدرة.

الرأسمالية الغربية المتوحشة يجب الوقوف أمامها لأنها في أضعف أوقاتها وأفول سطوتها حتى لا نفقد القانون الطبيعي.