-A +A
نجيب يماني
في المؤتمر الدولي لسوق العمل؛ الذي انطلق الأسبوع الفارط في الرياض، بتنظيم وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وبالشراكة مع منظمة العمل الدولية والبنك الدولي، وحضور 6000 مشارك من 40 دولة، وعدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين، ومجموعة من قادة ورؤساء المنظمات الدولية والمهنية، وممثلين من الأوساط الأكاديمية.. تم الكشف عن توقيع 26 اتفاقية داعمة لتمكين وتدريب المرأة في الكثير من القطاعات الواعدة.

وقد ذكرت الدكتورة هنادي الحكير مدير عام إدارة تمكين المرأة بالوزارة، أن نسبة النساء في المناصب الإدارية المتوسطة والعليا بلغت 42.5 في المائة، خلال الربع الثاني لعام 2023، بعدما زادت النسبة الفعلية من 17 إلى 35.3 في المائة، متجاوزةً الهدف الذي حدّدته (رؤية 2030) عند 30 في المائة، إضافةً إلى أكثر من 155 ألف عقد للمرأة في العمل المرن، وإلى وجود 120 ألف سيدة تعمل عن بُعد.


هذه الارقام وغيرها من الحقائق على أرض الواقع كانّ وراءها رجل قيادي عظيم وإرادة صلبة قُوامها حزم وعزم، يوم أعلنها الأمير محمد بن سلمان في (مجلة ذا أتلانتك الأمريكية) أنه يدعم المرأة لأنها نصف سكان المملكة وأنه في الإسلام لا يوجد فرق بين النساء والرجال، فارضاً عدة إصلاحات تتعلق بالمرأة وحراكها، مصدراً العديد من القرارات التي تعزز حقوقها، مقرراً بأن تكون رقماً مهماً في عملية التنمية والبناء وشريكاً رئيسياً في حراك المجتمع، محطماً بيد من حديد كل المعوقات التي وضعت أمامها على مدى 30 عاماً هو عمر (الصحوة) التي نكدت عليها حياتها وتحكمت في نواياها وضيقت عليها معاشها ورزقها الذي أمرها الله بتحصيله، واعتبروها منكراً يجب إزالته ولو بالقوة.

كان رجال الصحوة يسعون في كل محفل إلى تجريم المرأة وأنهن أصل الفتنة ورأس البلاء، فحرموا عليهن العمل في أي مكان وطاردوهن في كل رزق وفرضوا عليهن مجموعة أنظمة وأحكاماً لا تقل في غرابتها عن ما كان يصدره الحاكم بأمر الله من أحكام.

فتحوّلت المرأة في خطابهم إلى كائن يستوجب الحذر، وفتنة لا بد من إدراجها تحت غطاء السواد الحالك، وحجبها ومطاردتها في الأسواق وتعنيفها وإذلالها وفرض عقوبات على كل من يفسح لها مجال عمل شريف، مع اشتراطات مبكية مضحكة بأن يكون لها مدخل خاص وسلالم لا يراها الرجال، وأن تحجب المحلات التي يعمل فيها النساء، وأن يأتين بمحارمهن إلى الدوام في حركات صحوية مفضوحة ممنهجة.

فكان «وأداً معنوياً» بمعنى الكلمة، فعشنا حقبة من الزمن بـ(نصف معطّل)، وعقل ناقص، ورؤية معطوبة، وبات خطابنا الدعوي مركّزاً على المرأة، مستهدفاً جسدها بوصفه محرك الغرائز، ومثير الشهوات، وباعث الفتن، اعتماداً على تأويلات وآراء وتفاسير لا تخلو من تطرف وغلو.

كان هذا حال المرأة أيام الصحوة السوداء حتى أتى العهد الميمون؛ فكانت الرؤية من سعة الإلهام بيد مهندس المستقبل على إيقاع التحول الوطني ولي العهد الأمين المؤتمن محمد الخير، فانسل من شمس الرؤية شعاع باهر سكن الوطن وغطى بهالته كل من يعيش على أرضه،
عهد جديد مكّن المرأة وعوضها عن سنوات القهر، فزادت نسبة النساء في المناصب الإدارية المتوسطة والعليا؛ حيث كان لمبادرة التدريب القيادي للنساء السعوديات دور كبير في هذه الزيادة.

كما تم تخصيص مبادرات أخرى تدعم تمكين المرأة، من أهمها:

طرح أنماط العمل الحديثة التي تشمل العمل المرن، حيث وصل عدد المستفيدات من هذا النمط إلى 13 ألف مستفيدة.

كما أطلقت الوزارة مبادرة العمل الحر، إذ وصل عدد المستفيدات من هذا النمط، إلى ما يزيد على مليون مستفيدة.

تم إطلاق برنامج (قرة) بهدف تمكين المرأة العاملة للالتحاق بسوق العمل، عبر توفير دعم مالي لخدمات رعاية الأطفال يخدم أكثر من 25 ألف مستفيدة سعودية.

كما تم تطوير برامج تدريبية؛ وفق احتياج سوق العمل السعودية لدعم وتمكين المرأة السعودية في أكثر من 50 كلية ومعهداً وأكاديمية.

فكان عهد تمكين المرأة وإخراج أبدع ما فيها من إمكانيات، فأظهرن براعة في كل مجال، وقدرة في كل موقع؛
عهد أتاح للمرأة بحقها المشروع أن تدلي برأيها في كل شيء؛ صوت في الشورى، ومقعد في المناصب العليا.. وزيرة، وسفيرة، ومديرة ومشاركة في أمن الوطن وحمايته..

إلى كثير من الوظائف التي احتكرها الرجل لنفسه زمناً، بغير مسوّغ سوى (السطوة الذكورية) بمباركة الصحوة،

فالحمدلله الذي فتح الأبواب الموصدة، وحطم الأقفال الصدئة، وتجاوز ركام الخوف حيال المرأة وعالمها.

وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.