-A +A
خالد السليمان
يبدو أن السعي وراء السلام في العالم ضرب من الخيال، ولا يملك البشر سوى إدارة علاقاتهم وصراعاتهم وخلافاتهم وحروبهم، ومن يتفاءل أن يعم السلام بين دول العالم في المستقبل عليه أن ينظر إلى الماضي ليجد أن التاريخ لم يخلُ في أي عصر من الصراعات والحروب والقتل والتدمير، مما يدفع للتساؤل حول طبيعة الإنسان ودوره في هذا الكون !

خلق الله الإنسان ليعبده، ومنحه العقل ليفكر ويختار، فالحياة اختبار، والأصل أن يعمر الإنسان الأرض ويبنيها، فلماذا يدمرها بالحروب ؟! لماذا تتشكل دوائر الفروقات العرقية والدينية والطائفية والاجتماعية التي تصنع الخلافات وتؤسس الصراعات ؟! خلافات وصراعات تتغلغل حتى داخل هذه الدوائر لتصل إلى أدق تفاصيل الاختلاف، وتصنع أسباباً للفرقة والعداوة.. دول تتصارع، وداخل هذه الدول قبائل وطوائف تتصارع، وداخل هذه القبائل والطوائف عشائر ومذاهب تتصارع، إلى أن تصل إلى الصراع الداخلي لدى الإنسان الفرد !


ما يثير الدهشة أن الإنسان لا يعتبر من التاريخ، ولا يتعلم من دروس مآسي صراعاته وحروبه، فلا هي دامت لمنتصر ولا هي قضت على منهزم، فالأيام دول، والمنتصرون يسقطون، والمنهزمون ينهضون، والخرائط تتغير، والحروب تتكرر، وإن تغيرت أطرافها وأدواتها !

هل نتخلى عن حلم السلام ونتعايش مع واقع الحياة ؟! يسعد من يحظى بسلامها وأمانها، ويشقى من يكتوي بصراعاتها وحروبها، فالتفاؤل بالسلام العالمي يكاد يكون هدراً للأحلام وتبذيراً للأفكار، وتعلّقاً بالوهم !