ليس كل العاطلين هم من ذوي التخصصات الدقيقة النادرة، وليس كلهم من خريجي هارفارد أو معهد ماساتشوستس أو ممن يحملون رُخصاً مهنية في المحاسبة والقانون والهندسة، ولا ينحدرون من عائلات متمرسة في التجارة والأعمال، فمعظم العاطلين بسطاء ينحدرون من مجتمعات ريفية بسيطة ومن عائلات محدودة الإمكانات الريف، رغم أنهم يدفعون ثمن عيشهم في المدينة وثمن عيشهم في مجتمع استهلاكي، هؤلاء أعدادهم كبيرة ويمثلون قطاعاً واسعاً وعريضاً ممن هم خارج سوق العمل.
يمكن القول إن هؤلاء هم نتاج ظروف مرحلة مضت أو هم ضحايا اشتراطات سوق عمل جديد، بسبب انتمائهم لسوق عمل لم يعد موجوداً حالياً. هؤلاء لا حيلة ولا تدبير لهم بما هم فيه من ظروف ولا تأثير لهم على مجرياتها... بعضهم يحمل تخصصاً جامعياً أو دبلوماً لم يعد له وجود في سوق العمل الحالي لأسباب إما محلية أو عالمية، بعض العاطلين ينتمون لمجتمعات ريفية شهدت مرحلتين من التحول:
1- من المجتمع الحرفي إلى المجتمع الاستهلاكي.
2- من الثقافة الاستهلاكية إلى سوق العمل المهني.
لقد تخلت المجتمعات الريفية عن الإنتاج، وتحولت إلى مجتمعات استهلاكية 100% نتيجة للطفرة التي مرت بها سائر المجتمعات السعودية وبعض المجتمعات العربية. حيث تراجعت قوى الإنتاج المحلية وانحسرت إلى أضيق نطاق، وهي الآن في عودة مهن وحرف مختلفة ومنافسة سوقية عالية.
كما أن أحد أوجه البطالة والعاطلين قد يكون ناتجاً عن تأثير الثقافة المحلية الخاصة بكل مجتمع محلي على حدة. ويتضح تأثير الثقافة المحلية في مجال ممارسات الأعمال الحرة والتجارة المتواضعة نوعاً وكمّاً، التي تتجلى في بعض المجتمعات وبين بعض الفئات دون سواها ومنها المناطق الطرفية حيث تتدنى القدرة الشرائية.
كثيراً ما يكون العيش في المدينة المكتظة مدرسة من مدارس التجار والأعمال الملهمة منذ الصغر، مثلما أن الأزمات هي الأخرى مدرسة من مدارس التجارة والأعمال بصرف النظر عن الجوانب الاجتماعية والمعيشية. كثيرون في طابور البطالة من البسطاء والبسيطين بتنشئتهم الريفية وتعليمهم التقليدي، الذين ينتمون لسوق عمل لم يعد موجوداً! هؤلاء معلَّقون بين زمنين وبين ثقافتين، لا يستطيعون أن يكملوا ويعمّقوا ما بدأوه مهنياً، ناهيك عن أن البداية الجديدة ليست سهلة ولا مفروشاً طريقها بالسجاد.. بجانب فئات كثيرة من المتقاعدين محدودي أو منخفضي الدخل، الذين لا يستطيعون مواكبة ارتفاع الأسعار وثبات الدخول.
هؤلاء وأولئك من العاطلين بحاجة إلى وقفة جادة من وزارة الموارد والتنمية الاجتماعية وقطاعات الموارد البشرية المختلفة لمراجعة النظم والمعايير وتشريع ما يكفي من أنظمة تعيدهم للسوق، ليس على حساب الكفاءات والقدرات الفذة التي يتطلبها سوق العمل من المنافسة والحوكمة والاستدامة والرقمنة وغيرها من المعايير المحلية والعالمية، إنما لإيجاد موطئ قدم لهؤلاء بجانب أولئك.
هناك خيارات مطروحة لإتاحة فرصة توظيفية لأكبر عدد من العاطلين من بينها إصدار تشريع يسمح بالتوظيف وممارسة الأعمال الحرة والتجارة وفقاً لشروط إنسانية واجتماعية، بجانب الأنظمة والقوانين المعمول بها، التي ترتكز على شروط عالية ومواصفات منافسة قد لا تتوفر في كثير من فئات العاطلين سابقة الذكر ومن في حكمهم.
من المستغرب غياب أو شبه غياب دور التعاونيات في معادلة خلق فرص العمل والمساهمة بالتصدي لغول البطالة، ففي كثير من الدول تعد التعاونيات واحدة من أمضى الأسلحة في محاربة البطالة، لأسباب عديدة. فالتعاونيات أفضل حاضنة للعمل التضامني، ولديها القدرة على تحفيز الجهود الفردية المبعثرة وتوحيدها في أعمال جماعية مبنية على الثقة التي كثيراً ما يحتاجها المبتدئون في التجارة والأعمال، فتلعب التعاونيات دور تنسيق وتكامل بين الجهود والإمكانات الفردية في المجتمع، بجانب قدرة التعاونيات على ابتكار أنشطة غير تقليدية ومواكبة لحاجة السوق، وتزدهر التعاونيات بشكل واسع في المجتمعات الزراعية من خلال الصناعات الغذائية التحويلية والصناعات الحرفية، بجانب عملها منافذ لبيع الأعمال الناشئة وحضانة المنصات الرقمية، تعد التعاونيات من الحاضنات الصحية للصغار الأعمال ومتوسطة الأعمال، كما تتميز التعاونيات بقدرتها على العمل بتكاليف أقل، بجانب ما توفره التعاونيات من غطاء رسمي وتضامني للأعضاء. والأهم هو أن التعاونيات في كثير من الحالات تضع قبعتين في نشاطها: 1- قبعة المشتري، و2- قبعة البائع، أي أنها تراعي المستهلك من حيث الأسعار خاصة الجمعيات الاستهلاكية، بقدر ما تراعي صغار ومتوسطي الأعمال.
أتمنى أن يجد هذا المقترح ما يستحق من دراسة ومراجعة وصولاً إلى دور فاعل للتعاونيات في سوق العمل خاصة في المجتمعات النائية والزراعية التي تتسم بضعف القدرة الشرائية وفقر التجارب التجارية.
يمكن القول إن هؤلاء هم نتاج ظروف مرحلة مضت أو هم ضحايا اشتراطات سوق عمل جديد، بسبب انتمائهم لسوق عمل لم يعد موجوداً حالياً. هؤلاء لا حيلة ولا تدبير لهم بما هم فيه من ظروف ولا تأثير لهم على مجرياتها... بعضهم يحمل تخصصاً جامعياً أو دبلوماً لم يعد له وجود في سوق العمل الحالي لأسباب إما محلية أو عالمية، بعض العاطلين ينتمون لمجتمعات ريفية شهدت مرحلتين من التحول:
1- من المجتمع الحرفي إلى المجتمع الاستهلاكي.
2- من الثقافة الاستهلاكية إلى سوق العمل المهني.
لقد تخلت المجتمعات الريفية عن الإنتاج، وتحولت إلى مجتمعات استهلاكية 100% نتيجة للطفرة التي مرت بها سائر المجتمعات السعودية وبعض المجتمعات العربية. حيث تراجعت قوى الإنتاج المحلية وانحسرت إلى أضيق نطاق، وهي الآن في عودة مهن وحرف مختلفة ومنافسة سوقية عالية.
كما أن أحد أوجه البطالة والعاطلين قد يكون ناتجاً عن تأثير الثقافة المحلية الخاصة بكل مجتمع محلي على حدة. ويتضح تأثير الثقافة المحلية في مجال ممارسات الأعمال الحرة والتجارة المتواضعة نوعاً وكمّاً، التي تتجلى في بعض المجتمعات وبين بعض الفئات دون سواها ومنها المناطق الطرفية حيث تتدنى القدرة الشرائية.
كثيراً ما يكون العيش في المدينة المكتظة مدرسة من مدارس التجار والأعمال الملهمة منذ الصغر، مثلما أن الأزمات هي الأخرى مدرسة من مدارس التجارة والأعمال بصرف النظر عن الجوانب الاجتماعية والمعيشية. كثيرون في طابور البطالة من البسطاء والبسيطين بتنشئتهم الريفية وتعليمهم التقليدي، الذين ينتمون لسوق عمل لم يعد موجوداً! هؤلاء معلَّقون بين زمنين وبين ثقافتين، لا يستطيعون أن يكملوا ويعمّقوا ما بدأوه مهنياً، ناهيك عن أن البداية الجديدة ليست سهلة ولا مفروشاً طريقها بالسجاد.. بجانب فئات كثيرة من المتقاعدين محدودي أو منخفضي الدخل، الذين لا يستطيعون مواكبة ارتفاع الأسعار وثبات الدخول.
هؤلاء وأولئك من العاطلين بحاجة إلى وقفة جادة من وزارة الموارد والتنمية الاجتماعية وقطاعات الموارد البشرية المختلفة لمراجعة النظم والمعايير وتشريع ما يكفي من أنظمة تعيدهم للسوق، ليس على حساب الكفاءات والقدرات الفذة التي يتطلبها سوق العمل من المنافسة والحوكمة والاستدامة والرقمنة وغيرها من المعايير المحلية والعالمية، إنما لإيجاد موطئ قدم لهؤلاء بجانب أولئك.
هناك خيارات مطروحة لإتاحة فرصة توظيفية لأكبر عدد من العاطلين من بينها إصدار تشريع يسمح بالتوظيف وممارسة الأعمال الحرة والتجارة وفقاً لشروط إنسانية واجتماعية، بجانب الأنظمة والقوانين المعمول بها، التي ترتكز على شروط عالية ومواصفات منافسة قد لا تتوفر في كثير من فئات العاطلين سابقة الذكر ومن في حكمهم.
من المستغرب غياب أو شبه غياب دور التعاونيات في معادلة خلق فرص العمل والمساهمة بالتصدي لغول البطالة، ففي كثير من الدول تعد التعاونيات واحدة من أمضى الأسلحة في محاربة البطالة، لأسباب عديدة. فالتعاونيات أفضل حاضنة للعمل التضامني، ولديها القدرة على تحفيز الجهود الفردية المبعثرة وتوحيدها في أعمال جماعية مبنية على الثقة التي كثيراً ما يحتاجها المبتدئون في التجارة والأعمال، فتلعب التعاونيات دور تنسيق وتكامل بين الجهود والإمكانات الفردية في المجتمع، بجانب قدرة التعاونيات على ابتكار أنشطة غير تقليدية ومواكبة لحاجة السوق، وتزدهر التعاونيات بشكل واسع في المجتمعات الزراعية من خلال الصناعات الغذائية التحويلية والصناعات الحرفية، بجانب عملها منافذ لبيع الأعمال الناشئة وحضانة المنصات الرقمية، تعد التعاونيات من الحاضنات الصحية للصغار الأعمال ومتوسطة الأعمال، كما تتميز التعاونيات بقدرتها على العمل بتكاليف أقل، بجانب ما توفره التعاونيات من غطاء رسمي وتضامني للأعضاء. والأهم هو أن التعاونيات في كثير من الحالات تضع قبعتين في نشاطها: 1- قبعة المشتري، و2- قبعة البائع، أي أنها تراعي المستهلك من حيث الأسعار خاصة الجمعيات الاستهلاكية، بقدر ما تراعي صغار ومتوسطي الأعمال.
أتمنى أن يجد هذا المقترح ما يستحق من دراسة ومراجعة وصولاً إلى دور فاعل للتعاونيات في سوق العمل خاصة في المجتمعات النائية والزراعية التي تتسم بضعف القدرة الشرائية وفقر التجارب التجارية.