منذ أن تقدمت جنوب أفريقيا بطلب لمحاكمة إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا بتهمة ارتكابها لجريمة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، لم يتوقف سيل الانتقادات والتعليقات في بعض المنصات على ذلك الأمر، وقد تمثلت الكثير من التعليقات والانتقادات حول: «لماذا جنوب أفريقيا؟ وأين الدول العربية؟»، ولعل هناك العديد من الأسباب التي أعلنتها جنوب أفريقيا عن سبب قيامها بهذا الأمر، لعل أهمها هو التشابه الذي شعر به قادة جنوب أفريقيا تجاه ما يحدث بالأراضي الفلسطينية الحالية وبين التاريخ الطويل الحالك الذي عانت خلاله جنوب أفريقيا من الحكم العنصري.
لا أفهم في الحقيقة سبب نقمة «فرسان الظل» من قيام جنوب أفريقيا بمقاضاة إسرائيل دون أي دولة أخرى، فمن المؤكد أن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني ليستا فقط شأناً عربياً، ومن الملاحظ أنهما تكتسبان مؤيدين حول العالم يوماً بعد يوم كما تكتسبان صلابة كلما مر الوقت، وبخلاف ذلك ما الفرق الذي سيحدثه قيام جنوب أفريقيا أو حتى غيرها من أي بلد من بلدان العالم برفع القضية دولياً؟ أليس من المهم أن تتعاضد الجهود الدبلوماسية والقضائية لوضع القضية الفلسطينية في صدارة القضايا الدولية؟
بعيداً عن المزايدات الرخيصة والتعليقات الساخرة، فإن قضية الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة قضية مهمة يجب أن تتعاضد لحلها القوى الإعلامية والدبلوماسية والقضائية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال إنكار الجهود العربية والإسلامية (والخليجية على وجه التحديد) الهادفة لتحقيق ذلك، فالحملة الإعلامية المكثفة الهادفة لتغطية جرائم إسرائيل كانت سبباً مباشراً في توثيق جرائمها وإيصال القضية لأروقة المنظمات الدولية، وهو ما يفسر بدوره سبب استهداف إسرائيل للإعلاميين وقتل العديد منهم بلا هوادة، فالعديد من القنوات الخليجية مثل العربية وإم بي سي وكذلك قناة الجزيرة لم تتوقف عن بث المجازر والمذابح التي يتم ارتكابها بحق المدنيين في الأراضي الفلسطينية، ومرافقة ذلك بالتقارير المفصلة والتحليلات المعمقة التي غطت الأحداث من كافة جوانبها.
أما الجهود الدبلوماسية التي قامت بها دول الخليج، وخاصة السعودية، لحل الأزمة على المستوى السياسي فلم تتوقف منذ لحظة اندلاعها وحتى يومنا هذا، وهذا ما يؤكده باستمرار وزير الخارجية الأمريكي بلينكن والذي كثيراً ما يصرح بوجود ضغوط من المملكة العربية السعودية خلال زيارته لها لبذل المزيد من الجهود للضغط على إسرائيل لوقف الحرب.
وبخلاف الجهود الإعلامية والدبلوماسية التي بذلتها السعودية على هذا الصعيد، قامت المملكة بجهود مماثلة حثيثة للتقليل من تداعيات الوضع الإنساني المأساوي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد قدمت الكثير من المساعدات العينية لقطاع غزة في صورة ألوف الأطنان من المساعدات الغذائية والطبية، ومن المسلم به أنه لا يمكن حل النزاع بين الفلسطينيين وإسرائيل بين عشية وضحاها، فالقضية معقدة ومعلقة منذ ما يقرب من العقود الثمانية، وما قامت به جنوب أفريقيا ليس إلا جهداً رمزياً ومعنوياً.
لا يمكننا أن ننكر أن ما قامت به جنوب أفريقيا هو جهد رائع بدون جدال، فهذه هي أول مرة تتعرض فيها إسرائيل لمثل هذا النوع من المحاكمة ولاسيما وأن السخط العالمي تجاهها يزداد يوماً بعد يوم، ولكن.. حتى لو أصدرت المحكمة الدولية قراراً بإدانة إسرائيل وطالبتها بوقف الحرب وامتنعت الأخيرة عن تنفيذه، فإن القرار سيحال لمجلس الأمن للبت فيه، وهو ما يعني أنه سيمر على الفيتو الأمريكي الذي سيعيد كل هذه الجهود المتواصلة لمربع الصفر.
لقد استبقت الولايات المتحدة الحكم النهائي لمحكمة العدل الدولية بتصريح وزير خارجيتها بأن الدعوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا ليس لها أساس، ولذلك فإن قرارات محكمة العدل الدولية على الرغم من أنها نهائية وغير قابلة للاستئناف إلا أنها غير ملزمة، وهو ما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لاستباق قرار المحكمة بقوله «لا لاهاي ولا غيرها ستمنع إسرائيل عن مواصلة الحرب».
إن أقصى ما يمكن أن يؤدي إليه قرار المحكمة الدولية بإدانة إسرائيل هو أن يحرج حلفاءها كالولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية فحسب، على الرغم من أن تلك الدول اعتادت اللامبالاة وعدم الاكتراث بالرأي العام العالمي، لأن ما يربطها بإسرائيل علاقات مصالح قوية وعميقة؛ فإسرائيل هي شوكة الغرب في خاصرة الوطن العربي وذراعها الطولى التي تصل الشرق بالغرب، لذلك فالتعامل مع الواقع يتطلب وعياً وحكمة وعدم اندفاع، وذلك حتى لا تنزلق المنطقة -والتي تعيش في الأساس على صفيح ساخن- لحرب لا يعلم مداها إلا الله عز وجل.
لا أفهم في الحقيقة سبب نقمة «فرسان الظل» من قيام جنوب أفريقيا بمقاضاة إسرائيل دون أي دولة أخرى، فمن المؤكد أن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني ليستا فقط شأناً عربياً، ومن الملاحظ أنهما تكتسبان مؤيدين حول العالم يوماً بعد يوم كما تكتسبان صلابة كلما مر الوقت، وبخلاف ذلك ما الفرق الذي سيحدثه قيام جنوب أفريقيا أو حتى غيرها من أي بلد من بلدان العالم برفع القضية دولياً؟ أليس من المهم أن تتعاضد الجهود الدبلوماسية والقضائية لوضع القضية الفلسطينية في صدارة القضايا الدولية؟
بعيداً عن المزايدات الرخيصة والتعليقات الساخرة، فإن قضية الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة قضية مهمة يجب أن تتعاضد لحلها القوى الإعلامية والدبلوماسية والقضائية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال إنكار الجهود العربية والإسلامية (والخليجية على وجه التحديد) الهادفة لتحقيق ذلك، فالحملة الإعلامية المكثفة الهادفة لتغطية جرائم إسرائيل كانت سبباً مباشراً في توثيق جرائمها وإيصال القضية لأروقة المنظمات الدولية، وهو ما يفسر بدوره سبب استهداف إسرائيل للإعلاميين وقتل العديد منهم بلا هوادة، فالعديد من القنوات الخليجية مثل العربية وإم بي سي وكذلك قناة الجزيرة لم تتوقف عن بث المجازر والمذابح التي يتم ارتكابها بحق المدنيين في الأراضي الفلسطينية، ومرافقة ذلك بالتقارير المفصلة والتحليلات المعمقة التي غطت الأحداث من كافة جوانبها.
أما الجهود الدبلوماسية التي قامت بها دول الخليج، وخاصة السعودية، لحل الأزمة على المستوى السياسي فلم تتوقف منذ لحظة اندلاعها وحتى يومنا هذا، وهذا ما يؤكده باستمرار وزير الخارجية الأمريكي بلينكن والذي كثيراً ما يصرح بوجود ضغوط من المملكة العربية السعودية خلال زيارته لها لبذل المزيد من الجهود للضغط على إسرائيل لوقف الحرب.
وبخلاف الجهود الإعلامية والدبلوماسية التي بذلتها السعودية على هذا الصعيد، قامت المملكة بجهود مماثلة حثيثة للتقليل من تداعيات الوضع الإنساني المأساوي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد قدمت الكثير من المساعدات العينية لقطاع غزة في صورة ألوف الأطنان من المساعدات الغذائية والطبية، ومن المسلم به أنه لا يمكن حل النزاع بين الفلسطينيين وإسرائيل بين عشية وضحاها، فالقضية معقدة ومعلقة منذ ما يقرب من العقود الثمانية، وما قامت به جنوب أفريقيا ليس إلا جهداً رمزياً ومعنوياً.
لا يمكننا أن ننكر أن ما قامت به جنوب أفريقيا هو جهد رائع بدون جدال، فهذه هي أول مرة تتعرض فيها إسرائيل لمثل هذا النوع من المحاكمة ولاسيما وأن السخط العالمي تجاهها يزداد يوماً بعد يوم، ولكن.. حتى لو أصدرت المحكمة الدولية قراراً بإدانة إسرائيل وطالبتها بوقف الحرب وامتنعت الأخيرة عن تنفيذه، فإن القرار سيحال لمجلس الأمن للبت فيه، وهو ما يعني أنه سيمر على الفيتو الأمريكي الذي سيعيد كل هذه الجهود المتواصلة لمربع الصفر.
لقد استبقت الولايات المتحدة الحكم النهائي لمحكمة العدل الدولية بتصريح وزير خارجيتها بأن الدعوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا ليس لها أساس، ولذلك فإن قرارات محكمة العدل الدولية على الرغم من أنها نهائية وغير قابلة للاستئناف إلا أنها غير ملزمة، وهو ما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لاستباق قرار المحكمة بقوله «لا لاهاي ولا غيرها ستمنع إسرائيل عن مواصلة الحرب».
إن أقصى ما يمكن أن يؤدي إليه قرار المحكمة الدولية بإدانة إسرائيل هو أن يحرج حلفاءها كالولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية فحسب، على الرغم من أن تلك الدول اعتادت اللامبالاة وعدم الاكتراث بالرأي العام العالمي، لأن ما يربطها بإسرائيل علاقات مصالح قوية وعميقة؛ فإسرائيل هي شوكة الغرب في خاصرة الوطن العربي وذراعها الطولى التي تصل الشرق بالغرب، لذلك فالتعامل مع الواقع يتطلب وعياً وحكمة وعدم اندفاع، وذلك حتى لا تنزلق المنطقة -والتي تعيش في الأساس على صفيح ساخن- لحرب لا يعلم مداها إلا الله عز وجل.