معضلة القوة الأساسية: استسهال اللجوء إليها خارج إمكانات الردع التي تمتلكها. القوة تفشل، عندما يُستخف بقدرات ردعها. هذا يقود للوقوع ضحية إغوائها. اللعب بالقوة، كاللعب بالنار، تختلف سهولة إشعالها عن احتمال السيطرة عليها، دعك من إخمادها. القوة، أيضاً، عندما تكون أداة في حركة الصراع على السلطة، بعيداً عن حسابات تكلفتها الحقيقية وصعوبة توقع خدمتها للهدف الذي أُفلتت من عقالها لأجله، ليست بالضرورة أن تصب في مصلحة من اتخذ قرار اللجوء إليها، بل قد تأتي على مستقبله السياسي.
الولايات المتحدة الأمريكية، يوم الجمعة الماضي، شنّت هجوماً جوياً وصاروخياً بعيد المدى على مواقع من تتهمهم وراء الهجوم بمسيرة على قاعدة لهم على الحدود الأردنية السورية، يوم الأحد قبل الماضي. ذهب ضحية ذلك الهجوم ثلاثة جنود وأربعون جريحاً. فشلت وسائل الدفاع المعقدة والمتقدمة في صد ذلك الهجوم، في منطقة صاخبة بعوامل عدم الاستقرار والتوتر، بلغت ذروتها بحرب مشتعلة في غزة. هجومٌ يعكس خللاً استخباراتياً واستخفافاً خطيراً، في المنظومة الدفاعية لتلك القاعدة، قد يصل التحقيق فيه إلى البنتاغون، نفسه.
الأولوية في البيت الأبيض كانت لحتمية الرد، حفاظاً على صورة من يسكن ويتخذ من ذلك المكان مقراً لممارسة صلاحياته الرئاسية، في الدفاع عن أمن ومصالح الولايات المتحدة، ومكانة وهيبة الدولة الأعظم الأولى، بالذات في نظر المواطن الأمريكي، الذي يُرجع إليه لاستجداء صوته، نوفمبر القادم، لتحديد اسم وحزب مَنْ يحكم أمريكا لأربع سنوات قادمة.
هذا الضغط الداخلي، الذي يفرضه موسم الانتخابات الرئاسية والتشريعية الخريف القادم، زاد من احتمالات لجوء البيت الأبيض لخيار القوة، ضرورة مواجهة ضغط المعارضة الجمهورية، التي يحظى إلى الآن مرشحها الوحيد المحتمل (دونالد ترمب)، بتقدم في استطلاعات الرأي، بما يعنيه ذلك من احتمالات عودته للبيت الأبيض، لو نجا من قضايا قانونية، عليه أن يتجاوزها قبل الانتخابات.
كان متوقعاً جداً، إذن: أن يرد الرئيس بايدن بعنف، بما يفوق مستويات الانتقام المتناسبة للخسائر البشرية، وبما قد تفرضه حسابات المحافظة على هيبة قوة الردع الهائلة لدى الولايات المتحدة. من ضمن حسابات حتمية الرد السريع والعنيف، الخوف من اتساع نطاق الحرب المشتعلة في غزة. طوال فترة الأربعة شهور الماضية، كانت واشنطن تسعى لاحتواء مسرح عمليات الحرب في غزة، ضمن نطاق مساحتها الجغرافية الضيق، خوفاً من اتساع الحرب خارج تلك الحدود، مما قد يطيل أمد الحرب، مع احتمال دفع واشنطن دفعاً الاشتراك فيها، بكل ما يعنيه ذلك من احتمالات وقوع خسائر في صفوف الجيش الأمريكي لا يرغب أي نزيل في البيت الأبيض العمل تحت وطأة ضغطها، خاصةً في موسم انتخابات.
لكن الرئيس بايدن الذي يأمل في انتصار يحققه على الجبهة الأوكرانية الروسية وتجاوز جبهة الحرب في غزة، الاستسلام لإغراء التدخل في صراع عنيف آخر، تُجر إليه واشنطن جراً، قد يكلفه وحزبه انتخابات نوفمبر القادم، خاصةً أن الرئيس بايدن تتراجع شعبيته، مقارنة بالعودة القوية لمنافسه اللدود (دونالد ترمب).
ظروف كثيرة، تصل لمستويات الظروف القاهرة، دفعت الرئيس بايدن وإدارته الدخول لـ«عش الدبابير» في منطقة مشتعلة، تتزايد وتيرة العنف فيها يومياً، مما يوفر الأجواء للتورط في معمعتها، حيث تتوارى قدرات ردع القوة، ليُفسح المجال لإغواء استخدامها. صحيح أن القوة وجدت أصلاً لكي تُستخدم، وليس بالضرورة الركون لردعها، لكن صحيحٌ أيضاً أن الاستسلام لإغراء القوة وغوايتها، مهما كانت دقة حسابات تكلفتها وبلغت طمأنينة الارتياح لعائدها، تظل القوة متى أُفلتت من عقالها تصعب السيطرة عليها، وقد تخرج عن إرادة الضاغط على زناد إطلاق نارها.
القوة عفريت متى أُخرج من قمقمه، تصعب إعادته إليه. قد يحقق بعض أمنيات محرره، إلا أن تلك الأمنيات قد تنفذ كماً وكيفاً، ليرتد غضب العفريت على من أطلق سراحه.. أو لم يعد ذا نفعٍ له. القوة سهلٌ الوقوع في غوايتها.. وصعبٌ الركون لردعها، دوماً.
الولايات المتحدة الأمريكية، يوم الجمعة الماضي، شنّت هجوماً جوياً وصاروخياً بعيد المدى على مواقع من تتهمهم وراء الهجوم بمسيرة على قاعدة لهم على الحدود الأردنية السورية، يوم الأحد قبل الماضي. ذهب ضحية ذلك الهجوم ثلاثة جنود وأربعون جريحاً. فشلت وسائل الدفاع المعقدة والمتقدمة في صد ذلك الهجوم، في منطقة صاخبة بعوامل عدم الاستقرار والتوتر، بلغت ذروتها بحرب مشتعلة في غزة. هجومٌ يعكس خللاً استخباراتياً واستخفافاً خطيراً، في المنظومة الدفاعية لتلك القاعدة، قد يصل التحقيق فيه إلى البنتاغون، نفسه.
الأولوية في البيت الأبيض كانت لحتمية الرد، حفاظاً على صورة من يسكن ويتخذ من ذلك المكان مقراً لممارسة صلاحياته الرئاسية، في الدفاع عن أمن ومصالح الولايات المتحدة، ومكانة وهيبة الدولة الأعظم الأولى، بالذات في نظر المواطن الأمريكي، الذي يُرجع إليه لاستجداء صوته، نوفمبر القادم، لتحديد اسم وحزب مَنْ يحكم أمريكا لأربع سنوات قادمة.
هذا الضغط الداخلي، الذي يفرضه موسم الانتخابات الرئاسية والتشريعية الخريف القادم، زاد من احتمالات لجوء البيت الأبيض لخيار القوة، ضرورة مواجهة ضغط المعارضة الجمهورية، التي يحظى إلى الآن مرشحها الوحيد المحتمل (دونالد ترمب)، بتقدم في استطلاعات الرأي، بما يعنيه ذلك من احتمالات عودته للبيت الأبيض، لو نجا من قضايا قانونية، عليه أن يتجاوزها قبل الانتخابات.
كان متوقعاً جداً، إذن: أن يرد الرئيس بايدن بعنف، بما يفوق مستويات الانتقام المتناسبة للخسائر البشرية، وبما قد تفرضه حسابات المحافظة على هيبة قوة الردع الهائلة لدى الولايات المتحدة. من ضمن حسابات حتمية الرد السريع والعنيف، الخوف من اتساع نطاق الحرب المشتعلة في غزة. طوال فترة الأربعة شهور الماضية، كانت واشنطن تسعى لاحتواء مسرح عمليات الحرب في غزة، ضمن نطاق مساحتها الجغرافية الضيق، خوفاً من اتساع الحرب خارج تلك الحدود، مما قد يطيل أمد الحرب، مع احتمال دفع واشنطن دفعاً الاشتراك فيها، بكل ما يعنيه ذلك من احتمالات وقوع خسائر في صفوف الجيش الأمريكي لا يرغب أي نزيل في البيت الأبيض العمل تحت وطأة ضغطها، خاصةً في موسم انتخابات.
لكن الرئيس بايدن الذي يأمل في انتصار يحققه على الجبهة الأوكرانية الروسية وتجاوز جبهة الحرب في غزة، الاستسلام لإغراء التدخل في صراع عنيف آخر، تُجر إليه واشنطن جراً، قد يكلفه وحزبه انتخابات نوفمبر القادم، خاصةً أن الرئيس بايدن تتراجع شعبيته، مقارنة بالعودة القوية لمنافسه اللدود (دونالد ترمب).
ظروف كثيرة، تصل لمستويات الظروف القاهرة، دفعت الرئيس بايدن وإدارته الدخول لـ«عش الدبابير» في منطقة مشتعلة، تتزايد وتيرة العنف فيها يومياً، مما يوفر الأجواء للتورط في معمعتها، حيث تتوارى قدرات ردع القوة، ليُفسح المجال لإغواء استخدامها. صحيح أن القوة وجدت أصلاً لكي تُستخدم، وليس بالضرورة الركون لردعها، لكن صحيحٌ أيضاً أن الاستسلام لإغراء القوة وغوايتها، مهما كانت دقة حسابات تكلفتها وبلغت طمأنينة الارتياح لعائدها، تظل القوة متى أُفلتت من عقالها تصعب السيطرة عليها، وقد تخرج عن إرادة الضاغط على زناد إطلاق نارها.
القوة عفريت متى أُخرج من قمقمه، تصعب إعادته إليه. قد يحقق بعض أمنيات محرره، إلا أن تلك الأمنيات قد تنفذ كماً وكيفاً، ليرتد غضب العفريت على من أطلق سراحه.. أو لم يعد ذا نفعٍ له. القوة سهلٌ الوقوع في غوايتها.. وصعبٌ الركون لردعها، دوماً.