أحياناً تلجمك الحيرة إذا ناقضت معطيات الواقع إيمانك بما تحمله من آراء، ويصبح حكمك على الواقع غير متزن، والحروب عادة تكون الخلاط الضخم الذي يقلب القناعات وتنتج مواقف لا تستطيع الارتهان لها، فتظل داخل ذلك الخلاط حاملاً حيرتك المتقلبة في كل حين.
والحرب نزاع بين رغبات غير منسجمة تستهدف إعادة تنظيم الجغرافية السياسية وحتى إذا لم تحدث تنظيماً جغرافياً إلا أن المفاوضات تبقي أخاديدَ تحمل بذرة حرب قادمة، وبين آلة الحرب تنضج الفنون بمختلف تنوعاتها، وهي نتاج للمتغيرات السياسية بغض النظر عما تنتجه تلك الحرب.
والحروب الكبيرة هي الخندق الإنساني الذي تلجأ إليه البشرية كندابة تبكي على ما تم تقويضه من حياة سابقة؛ ولذا يطلق على المنتج الأدبي (أو الفني) الخارج من رماد أنقاض الحروب بأدب الأطلال، وقد تعددت مصطلحات ومسميات أدب الحرب.
ولأن الرغبة صفة ملازمة للإنسان فهي تتغير وتتبدل وفق ظرفية المكان والأفكار، وكل أيديولوجيا سادت كان رحمها الأول حرباً، فالرغبات مطيتها الحروب لتغير القيم السائدة وإعادة التشكل سياسياً واقتصادياً، واجتماعياً، ذلك التغير يحدث للمتحاربين ومن هم على هوامش القوى المتحاربة.
نحن أشبه بالبطل الأسطوري سيزيف وصخرته المعذب بها، نحن نسير بثقل الخطيئة، ومن باب المواربة ندعي تجسيد الآلام الإنسانية بواسطة الفنون، ونتناسى حصيلة تلك الحروب، فخلال سنوات من الحروب تم تدمير آثار إنسانية وسرقتها، وليس ببعيد ما حدث في أفغانستان أو العراق أو سوريا من سرقات مهولة للإرث الإنساني. الحرب ليست تدمير الحاضر، بل هي تدمير للمنجز الإنساني عبر امتداد الزمن.
ولو كانت الفنون مجسدة لواقع كوارث الحرب فهي لا تتنبه لسرقة حضارات البلدان. تجار ولصوص الحروب نهبوا كنوز ما بين الرافدين كمثال صارخ لدمار الماضي والحاضر معاً.
نحن نبكي على الأثر الأول من موت وتشريد الإنسان، ولا نبكي ضياع الأثر الحضاري للإنسان الأول.
ونحن شهود عصر، فالحرب السوفيتية الأوكرانية يجاورها عشرات الحروب في أماكن مختلفة، وكل منها ينتج ويلات إنسانية حقيقية، بينما المنتج الفني لا يوازي فواجع تلك الحروب.
حروب تستخدم فيها أسلحة نارية وبيولوجية لإنهاء البعض، وفي زمنية الحروب تتعافى الأخبار والتقارير التلفزيونية، وأعتقد أن منتج القنوات غدا أدباً رفيعاً، خاصة تلك التقارير ذات البنية الرصينة والأسلوب اللغوي الرفيع، فهل هذا يعني أن التقارير التلفزيونية غدت أدباً يوازي الحرب ويلتحم بها مباشرة؟
فتلك القنوات تتغذى على كوارث العالم، فلهيب الحروب استوطنت أماكنَ عديدة، وضحايا الموت والتهجير ملايين الملايين، وكل بقعة بها كتاب وفنانون وإعلاميون ينتجون أعمالاً كردة فعل لذلك الدمار، ونتواطأ معهم ومع أنفسنا بأنهم جسدوا المأساة الإنسانية، وفي اللب نجد أنهم عمدوا إلى تضخيم ذواتهم من خلال الاستزادة من قضم الإنسان في أدنى وأعلى حقوقه.
التاريخ حمل لنا وهماً بأن شكل الماضي كان جوهرة لم تخدشها الحروب في وقتها، بينما الأعمال المكتوبة هي فتفتة تلك الجوهرة وإظهار جزء منها فنصف المنتج الأدبي والفني بالجمال، وهذا الجمال هو جمال القبح، فالثنائية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً، وكل منهما يعمل لإنهاء الآخر، ومن بين الصراع الثنائي تتولد كل المجالات، فالخط الإنساني الفردي يبدأ بالولادة وينتهي بالموت، وبين المسافات تتولد الجماليات التي نتناسى بها النهاية، وليس في هذا تشاؤم أو إحباط وإنما استدراك لحقيقة نغطيها بتفاصيل حياتية مسربلة الأردية.
والفنون هي أرديتنا القشيبة لنتحمل بشاعة تعاضد الرغبات لشن حروب شاملة.
الثنائية هي قبلة الوجود التي توصلنا إلى حالة التشهد وقلب رؤوسنا يميناً وشمالاً للتسليم.
والحرب نزاع بين رغبات غير منسجمة تستهدف إعادة تنظيم الجغرافية السياسية وحتى إذا لم تحدث تنظيماً جغرافياً إلا أن المفاوضات تبقي أخاديدَ تحمل بذرة حرب قادمة، وبين آلة الحرب تنضج الفنون بمختلف تنوعاتها، وهي نتاج للمتغيرات السياسية بغض النظر عما تنتجه تلك الحرب.
والحروب الكبيرة هي الخندق الإنساني الذي تلجأ إليه البشرية كندابة تبكي على ما تم تقويضه من حياة سابقة؛ ولذا يطلق على المنتج الأدبي (أو الفني) الخارج من رماد أنقاض الحروب بأدب الأطلال، وقد تعددت مصطلحات ومسميات أدب الحرب.
ولأن الرغبة صفة ملازمة للإنسان فهي تتغير وتتبدل وفق ظرفية المكان والأفكار، وكل أيديولوجيا سادت كان رحمها الأول حرباً، فالرغبات مطيتها الحروب لتغير القيم السائدة وإعادة التشكل سياسياً واقتصادياً، واجتماعياً، ذلك التغير يحدث للمتحاربين ومن هم على هوامش القوى المتحاربة.
نحن أشبه بالبطل الأسطوري سيزيف وصخرته المعذب بها، نحن نسير بثقل الخطيئة، ومن باب المواربة ندعي تجسيد الآلام الإنسانية بواسطة الفنون، ونتناسى حصيلة تلك الحروب، فخلال سنوات من الحروب تم تدمير آثار إنسانية وسرقتها، وليس ببعيد ما حدث في أفغانستان أو العراق أو سوريا من سرقات مهولة للإرث الإنساني. الحرب ليست تدمير الحاضر، بل هي تدمير للمنجز الإنساني عبر امتداد الزمن.
ولو كانت الفنون مجسدة لواقع كوارث الحرب فهي لا تتنبه لسرقة حضارات البلدان. تجار ولصوص الحروب نهبوا كنوز ما بين الرافدين كمثال صارخ لدمار الماضي والحاضر معاً.
نحن نبكي على الأثر الأول من موت وتشريد الإنسان، ولا نبكي ضياع الأثر الحضاري للإنسان الأول.
ونحن شهود عصر، فالحرب السوفيتية الأوكرانية يجاورها عشرات الحروب في أماكن مختلفة، وكل منها ينتج ويلات إنسانية حقيقية، بينما المنتج الفني لا يوازي فواجع تلك الحروب.
حروب تستخدم فيها أسلحة نارية وبيولوجية لإنهاء البعض، وفي زمنية الحروب تتعافى الأخبار والتقارير التلفزيونية، وأعتقد أن منتج القنوات غدا أدباً رفيعاً، خاصة تلك التقارير ذات البنية الرصينة والأسلوب اللغوي الرفيع، فهل هذا يعني أن التقارير التلفزيونية غدت أدباً يوازي الحرب ويلتحم بها مباشرة؟
فتلك القنوات تتغذى على كوارث العالم، فلهيب الحروب استوطنت أماكنَ عديدة، وضحايا الموت والتهجير ملايين الملايين، وكل بقعة بها كتاب وفنانون وإعلاميون ينتجون أعمالاً كردة فعل لذلك الدمار، ونتواطأ معهم ومع أنفسنا بأنهم جسدوا المأساة الإنسانية، وفي اللب نجد أنهم عمدوا إلى تضخيم ذواتهم من خلال الاستزادة من قضم الإنسان في أدنى وأعلى حقوقه.
التاريخ حمل لنا وهماً بأن شكل الماضي كان جوهرة لم تخدشها الحروب في وقتها، بينما الأعمال المكتوبة هي فتفتة تلك الجوهرة وإظهار جزء منها فنصف المنتج الأدبي والفني بالجمال، وهذا الجمال هو جمال القبح، فالثنائية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً، وكل منهما يعمل لإنهاء الآخر، ومن بين الصراع الثنائي تتولد كل المجالات، فالخط الإنساني الفردي يبدأ بالولادة وينتهي بالموت، وبين المسافات تتولد الجماليات التي نتناسى بها النهاية، وليس في هذا تشاؤم أو إحباط وإنما استدراك لحقيقة نغطيها بتفاصيل حياتية مسربلة الأردية.
والفنون هي أرديتنا القشيبة لنتحمل بشاعة تعاضد الرغبات لشن حروب شاملة.
الثنائية هي قبلة الوجود التي توصلنا إلى حالة التشهد وقلب رؤوسنا يميناً وشمالاً للتسليم.