-A +A
بشرى فيصل السباعي
من أدل العلامات على أن الكثيرين يستخدمون الدين لأهوائهم ولا يخدمونه كما يزعمون أن كل المتحاربين في الحروب الأهلية العربية يستعملون عبارة «الله أكبر» ويزعمون أن الله معهم وناصرهم، وهذه المسحة الدينية تضلل الذين ليس لديهم تمييز بين الذهب الحقيقي وبين الطلاء الذهبي الذي يصنع منه الذهب الزائف، فما هو الفيصل الذي يمكن به تمييز الجانب الذي يؤيده الله بحق؟ الجواب؛ (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله)، فالجانب الذي يؤيده الله في كل الحروب كما تقول الآية هو الجانب الذي يحاول إطفاءها، أما الأطراف المتقاتلة فموقف الله منهم هو كما روى البخاري «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قلت: يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه». وكل من يساهم ولو بكلمة في إشعال الحروب عليه وزر ما سيقع ضمنها من جرائم ومظالم وشرور؛ «إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها -وقال مرة؛ أنكرها- كان كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها» أبو داود. (يا أيها الذين آمنوا أدخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان) الآية. وصفت ما يضاد السلم بخطوات الشيطان، وللأسف رغم أن منطقتنا موبوءة بالحروب لكن لا يوجد مفكرون برزوا في التنظير لفكر السلم مع العلم أنه تخصص أكاديمي، ولأن الثقافة السائدة ثقافة دينية فمما سيجعل فكر السلم يلقى قبولاً وينتشر هو جعل مرجعيته دينية وهناك أدلة من القرآن والسنّة تملؤا كتباً عن الحث على السلم والتحذير من الحروب، وأبرز مفكر إسلامي أثبت أن السلم سنّة الإسلام الحقيقية وأن الحروب مضادة لإرادة الله هو «جودت سعيد» الذي يلقب بغاندي العرب والمسلمين، ومصدر آخر لفكر السلم شهادات من عاشوا خبرة الموت المؤقت «NDE» أي توقفت قلوبهم وأدمغتهم عن العمل وخرجت أرواحهم من أجسادهم قبل أن يتم إنعاشهم وعادوا برسائل من الله حول مجريات الواقع المعاصر، وأبرز شهادة تدور حول موضوع موقف الله من الحروب هي للبروفيسور الأمريكي «Howard Storm» وسجل ما قيل له بالعالم الروحي في كتابه ومما ورد فيه التالي «لن تكون هناك حرب عالمية ثالثة والله سيمنع أي حرب نووية، والله سيغير قلوب الناس لإنهاء الحرب الباردة، وأمريكا إن لم تغير نهجها في استغلال شعوب العالم وتصدير العنف للعالم سيسحب الله نعمته منها وستحصل فيها انهيارات اقتصادية وفوضى أهلية، والله يدين كل استخدام للدين لتبرير الفرقة والعنف، وسئل لماذا لا يقوم الله بشيء ظاهر يدل بشكل مباشر على حقيقة وجود الله؟ فكان الرد أن هذا سيكون من قبيل الإكراه، والله لا يقبل الإكراه، وقيل له الله يكره الحرب، والله أثر على البشر عبر التاريخ ليحلوا مشاكلهم بشكل سلمي، ويجب على البشر تعلم التناغم مع بعضهم، والله يشعر بالألم لمعاناة الناس جراء الحروب، والله يريد انتهاء الحروب والعنف والقتل والهيمنة، والله غير راض عن رغبة البشر بالحروب، والله يلحق الهزيمة بالنهاية بأي شعب يحاول فرض السيطرة على شعب آخر، والله يريد البشر أن يحلوا مشاكلهم بالدعم والحب، والحرب تحصل بسبب المرض الروحي للناس، وسبب الحروب إرادة الاستئثار الحصري بالموارد، والسماوات مفجوعة من استخدام اسم الله لتبربر أذية الناس لبعضهم، والله غير راضٍ عن مسار البشرية، والله تدخّل عدة مرات لتغيير مسار البشرية، والله يحب العالم ولن يسمح بتدميره، والذين تستبد بهم البغضاء يذهبون إلى الجحيم، والذين يسودهم الحب يذهبون إلى الله والجنة».