قست عليه الحياة، وتطاول عليه الأحياء في طفولته، فانتقم منهم في شبابه وكهولته وشيخوخته، لم يكن يشتكي من الظلم، ولا يتبرم من الجور، وشعاره (بحول الله لأصُرّ لكل عين كُحلتها)، زهد أبوه في والدته لكثرة غلبتها، وهاجر لمصوّع؛ ولم يترك لهما ما يستر الحال؛ عن ذُلّ السؤال، ما تحمّلت (أمه) شقاوته، فارتبطت بزوج رفض أن يتبناه؛ وقال للأم: إنتي وحدك ويا الله الخراج، أزيد أتحمّل (مطقّع البعارين) واحطه بين بناتي.
ما ذَكَر الجماعة (مطقّع البعارين) بخير، حطّ في صدر كل من عرفه أو تعامل معه مُحقرة؛ يحول الحول؛ وتزول الجبال الطول؛ ومحاقره، لا تحيل ولا تزول؛ يناغش بين الأخوان، ويحشر ذمته بالأيمان، ويعسّر على الديّان، ويتسبب في طلاق النسوان، ويتحوّق من الحلال والبيوت والوديان؛ ولسانه ما يفتر من تسبيح واستغفار الرحمن.
يردد على مسامع كل من يستقزه: تراك ما تعرف (مطقع البعارين، ومحنّك الجعارين) مير لقّها المسبولة، وتوفّر صحتك المعلولة، ويفخر أنه (ولد نفسه) ربّته الليالي، ودرّسته الأيام، و كان هلعة يسوط ويضوط، ويكوي فوق العضروط؛ خذ جماعته بالهيب والريب، كل ما قال الفقيه قدام العريفة: الله يعفي عنا وعنه! يردّ عليه: الله لا يعفي لا عنك ولا عنه.
عمل في كل المهن؛ يزرع ويقلع؛ ويشيل وينقل، وإذا مشى يفزر صدره، وجيبه مليان فلوس معدن ومفاتيح؛ عشان تقلقل وتلفت انتباه الصبايا، وفي ليلة ما ينخرج فيها ولا يندرج، احتزم بجنبيّة أبوه، وقصد بيت الشاعر؛ فتح له، وساعة ما شاف الجنبية خرع، فنشده: عسى ما شر؟ فجاوبه: قاصد خير، قال: زِلّ.. حياك الله.
انبسط من سيرته الشاعر، وقال محلى الشبا لو كان تقطع في جنبي؛ هذا يحمى نفسه وبنتي ويحماني، فانكتب النصيب، والنصيب غصيب، وصار الشاعر حلّال مشاكل، بين رحيمه وبين جماعته، وبعضهم أقسم أن الشاعر (أبو نيّتين) يحرّشه، ليصفي حساباته على يد (مطقّع البعارين) رزقه الله بذريّة، وهابوه أهل القُرى، وكان يعرف لكل لحية قدْرها، يرفع النشمي، ويتوطّى الرخمة، وتوسّعت أملاكه، وقُصف خاطره، بعد ما تقدم به العمر.
أنكرته زوجته، ولاحظته قبل رمضان بليلتين يتقلّب في الفراش، ويتزوّى من بطنه، فقامت، وغلت له سنوت في براد، وصبت له في زبدية، ومدت بها؛ فأبى يتناولها؛ وقال بضيقه: اشربيه انتي، وكعادته في المكابرة، قال: ما حد يداوي العافية؛ علّقت: يمكن (مِسْكَة) لا تنفقع في بطنك، اشرب السنوت، فحسّ في بطنه كما السكاكين؛ فاستعاد حكاية موت بعض جماعته من المسكة، فلقط زبدية السنوت وما فكها وفيها قطرة.
أمضى بقية ليله، يونّ ويدعي من يوّن؛ ويكلّم نفسه؛ قائلاً: أظنها قرّبت المنيّة، وأحسن شيء أصلح النيّة، وأتسامح من الناس، وأرد المظالم لأهلها، كمّن يغفر لي! ثمّ يسترجع، صفحته السوداء؛ ويقول: وش يغفر وش يخلي، من يوم عرفت نفسي وأنا مبتلي خلقه، واستعاد قصة سرقته حوكة الميّتم ورميها فوق جناح العريفة؛ ليطعن في شرفها، ويتهم العريفة وعياله ويفضّح بهم، وأضاف: لو سامحوني الأوادم ما سامحتني البهائم، وختم هواجسه؛ بقوله: وش احصي وش اخلّي لكنه ما تنطلع دراجه.
تذكّر أن حرمة الشاعر؛ والدة زوجته؛ مدّت له بلبزة قُرّاص، فاطمأن، وقال: (عمي الدناع عينه فيه الله يجعل عيونه بالفقع) وكأن المغص سكن، فتناول الإبريق ولفّ عمامته على فمه، وأدخل قدميه في الزنوبة، وخرج يطهر ليدرك صلاة الفجر، فتخنطل في عطفة الهدم، وتمالك نفسه قبل ما يزلق، ونفر في مرته؛ وشبك تخلين الهِدم في طريقي يا مخورة، وأضاف: ما قمتي بي وأنا أعبّي واثبّي؛ خلي بتزيدين تقومين بي وأنا حاسر؛ علّقت: يا الله صبّحنا رضاك، ورحمة سماك.
طلبت منه يسمح لها بالحمارة؛ تستقي فوقها، فردّ عليها: فوق كتفك ولا معونة؛ ظهرك أشحم من فطحة أربعة خرفان؛ الله لا يشدّ في قواك ما عاد إلا حمارتي، ومن الصوت استيقظ أصغر أبنائه يصيح؛ فانقطعت الخصومة؛ مسكه بالثوب من كتفه؛ وسأله: وشبك تجغر يا جغّار؛ فأجابه: تحت أصابعي (ذنبوح)، فقال: سواة اللي يشخشخ في طريق الناس، ألجغ لك عثرب؛ ولفّ عليه طمرة.
عادت زوجته بقربتها؛ وهي في الدرجة سمعت صوت (البدوية الخطاطة) خبيرة التنجيم؛ فأشارت لها بكفها لكي تبتعد وتعوّد على وراها؛ وإذا بمطقّع البعارين يطلّ عليهن من الخلف؛ فسألها: مع من تتحكوين؟ بغت تجحد، فأتبعها: من هي تامعك العِرْبِيّة؟ فجاوبته: (شطّة الخطاطة) فانفرجت أساريره، وقال: خليها تطلع أبغاها؛ فرحّب وفرش لها حنبل عماني، ووسّد لها؛ وطلب القهوة، فيما طلبت طحيناً، وبدأت تخطّ، وتقصّد؛
القارح اللي سرى بالليل
ورمى العفيفين بالحوكة
الله يا ويلته بالويل
يموت من خزة الشوكة
فسحب الصحن من قُدامها، ونثر طحينها وخرزها؛ وقال: قومي انقلعي يا (أم دعبين) بغينا نكرمك على بشارات تفرح قلبي، ولا ونّك تخثردين في الهروج، وتنبشين الروايا (دبّو من ذنبك)، تضاحكوا أولاده وبناته.
طلب من عياله ما ينقلون الشوك للبيت؛ وبدأ يتوقى إن قام وإن قعد، وكلفهم ينظفون السفل والحوش من الحطب المشوّك، ومنع احتطاب الطلح، وفي يوم أول جمعة بعد العيد عمّت (الدَّيْنَه) وجه السماء، وعقب الفراغ من الصلاة أقبل إخوانه من أمه؛ يعيّدون عليه؛ فحلف (مطقّع البعارين) ما يغدون لين يأكلون واجبهم؛ وطلب من ابنه البكر يختار طلي من أسمن الغنم، وعاتبه أمام أعمامه، ما ضريت يا خطل إلا بالمزاري، وأنا ما أقلّط أخواني إلا على كثيرة الشحم؛ وأوصاه قبل ما يذكّيه يمرّ به عليه يغبّطه، كان صوف الخروف ملبّد؛ وبمجرد مرر يده على ظهره (طزته) شوكة من شوك (شجر السّلَم) فطقته الحمى، وقام يردد: (صدقت منعونة الوالدين)، ويضيف: حانت ساعة مفقّع الكَرَدْ. وخلال أسبوع هدأت القرية؛ ودام هطول الأمطار شهراً.
ما ذَكَر الجماعة (مطقّع البعارين) بخير، حطّ في صدر كل من عرفه أو تعامل معه مُحقرة؛ يحول الحول؛ وتزول الجبال الطول؛ ومحاقره، لا تحيل ولا تزول؛ يناغش بين الأخوان، ويحشر ذمته بالأيمان، ويعسّر على الديّان، ويتسبب في طلاق النسوان، ويتحوّق من الحلال والبيوت والوديان؛ ولسانه ما يفتر من تسبيح واستغفار الرحمن.
يردد على مسامع كل من يستقزه: تراك ما تعرف (مطقع البعارين، ومحنّك الجعارين) مير لقّها المسبولة، وتوفّر صحتك المعلولة، ويفخر أنه (ولد نفسه) ربّته الليالي، ودرّسته الأيام، و كان هلعة يسوط ويضوط، ويكوي فوق العضروط؛ خذ جماعته بالهيب والريب، كل ما قال الفقيه قدام العريفة: الله يعفي عنا وعنه! يردّ عليه: الله لا يعفي لا عنك ولا عنه.
عمل في كل المهن؛ يزرع ويقلع؛ ويشيل وينقل، وإذا مشى يفزر صدره، وجيبه مليان فلوس معدن ومفاتيح؛ عشان تقلقل وتلفت انتباه الصبايا، وفي ليلة ما ينخرج فيها ولا يندرج، احتزم بجنبيّة أبوه، وقصد بيت الشاعر؛ فتح له، وساعة ما شاف الجنبية خرع، فنشده: عسى ما شر؟ فجاوبه: قاصد خير، قال: زِلّ.. حياك الله.
انبسط من سيرته الشاعر، وقال محلى الشبا لو كان تقطع في جنبي؛ هذا يحمى نفسه وبنتي ويحماني، فانكتب النصيب، والنصيب غصيب، وصار الشاعر حلّال مشاكل، بين رحيمه وبين جماعته، وبعضهم أقسم أن الشاعر (أبو نيّتين) يحرّشه، ليصفي حساباته على يد (مطقّع البعارين) رزقه الله بذريّة، وهابوه أهل القُرى، وكان يعرف لكل لحية قدْرها، يرفع النشمي، ويتوطّى الرخمة، وتوسّعت أملاكه، وقُصف خاطره، بعد ما تقدم به العمر.
أنكرته زوجته، ولاحظته قبل رمضان بليلتين يتقلّب في الفراش، ويتزوّى من بطنه، فقامت، وغلت له سنوت في براد، وصبت له في زبدية، ومدت بها؛ فأبى يتناولها؛ وقال بضيقه: اشربيه انتي، وكعادته في المكابرة، قال: ما حد يداوي العافية؛ علّقت: يمكن (مِسْكَة) لا تنفقع في بطنك، اشرب السنوت، فحسّ في بطنه كما السكاكين؛ فاستعاد حكاية موت بعض جماعته من المسكة، فلقط زبدية السنوت وما فكها وفيها قطرة.
أمضى بقية ليله، يونّ ويدعي من يوّن؛ ويكلّم نفسه؛ قائلاً: أظنها قرّبت المنيّة، وأحسن شيء أصلح النيّة، وأتسامح من الناس، وأرد المظالم لأهلها، كمّن يغفر لي! ثمّ يسترجع، صفحته السوداء؛ ويقول: وش يغفر وش يخلي، من يوم عرفت نفسي وأنا مبتلي خلقه، واستعاد قصة سرقته حوكة الميّتم ورميها فوق جناح العريفة؛ ليطعن في شرفها، ويتهم العريفة وعياله ويفضّح بهم، وأضاف: لو سامحوني الأوادم ما سامحتني البهائم، وختم هواجسه؛ بقوله: وش احصي وش اخلّي لكنه ما تنطلع دراجه.
تذكّر أن حرمة الشاعر؛ والدة زوجته؛ مدّت له بلبزة قُرّاص، فاطمأن، وقال: (عمي الدناع عينه فيه الله يجعل عيونه بالفقع) وكأن المغص سكن، فتناول الإبريق ولفّ عمامته على فمه، وأدخل قدميه في الزنوبة، وخرج يطهر ليدرك صلاة الفجر، فتخنطل في عطفة الهدم، وتمالك نفسه قبل ما يزلق، ونفر في مرته؛ وشبك تخلين الهِدم في طريقي يا مخورة، وأضاف: ما قمتي بي وأنا أعبّي واثبّي؛ خلي بتزيدين تقومين بي وأنا حاسر؛ علّقت: يا الله صبّحنا رضاك، ورحمة سماك.
طلبت منه يسمح لها بالحمارة؛ تستقي فوقها، فردّ عليها: فوق كتفك ولا معونة؛ ظهرك أشحم من فطحة أربعة خرفان؛ الله لا يشدّ في قواك ما عاد إلا حمارتي، ومن الصوت استيقظ أصغر أبنائه يصيح؛ فانقطعت الخصومة؛ مسكه بالثوب من كتفه؛ وسأله: وشبك تجغر يا جغّار؛ فأجابه: تحت أصابعي (ذنبوح)، فقال: سواة اللي يشخشخ في طريق الناس، ألجغ لك عثرب؛ ولفّ عليه طمرة.
عادت زوجته بقربتها؛ وهي في الدرجة سمعت صوت (البدوية الخطاطة) خبيرة التنجيم؛ فأشارت لها بكفها لكي تبتعد وتعوّد على وراها؛ وإذا بمطقّع البعارين يطلّ عليهن من الخلف؛ فسألها: مع من تتحكوين؟ بغت تجحد، فأتبعها: من هي تامعك العِرْبِيّة؟ فجاوبته: (شطّة الخطاطة) فانفرجت أساريره، وقال: خليها تطلع أبغاها؛ فرحّب وفرش لها حنبل عماني، ووسّد لها؛ وطلب القهوة، فيما طلبت طحيناً، وبدأت تخطّ، وتقصّد؛
القارح اللي سرى بالليل
ورمى العفيفين بالحوكة
الله يا ويلته بالويل
يموت من خزة الشوكة
فسحب الصحن من قُدامها، ونثر طحينها وخرزها؛ وقال: قومي انقلعي يا (أم دعبين) بغينا نكرمك على بشارات تفرح قلبي، ولا ونّك تخثردين في الهروج، وتنبشين الروايا (دبّو من ذنبك)، تضاحكوا أولاده وبناته.
طلب من عياله ما ينقلون الشوك للبيت؛ وبدأ يتوقى إن قام وإن قعد، وكلفهم ينظفون السفل والحوش من الحطب المشوّك، ومنع احتطاب الطلح، وفي يوم أول جمعة بعد العيد عمّت (الدَّيْنَه) وجه السماء، وعقب الفراغ من الصلاة أقبل إخوانه من أمه؛ يعيّدون عليه؛ فحلف (مطقّع البعارين) ما يغدون لين يأكلون واجبهم؛ وطلب من ابنه البكر يختار طلي من أسمن الغنم، وعاتبه أمام أعمامه، ما ضريت يا خطل إلا بالمزاري، وأنا ما أقلّط أخواني إلا على كثيرة الشحم؛ وأوصاه قبل ما يذكّيه يمرّ به عليه يغبّطه، كان صوف الخروف ملبّد؛ وبمجرد مرر يده على ظهره (طزته) شوكة من شوك (شجر السّلَم) فطقته الحمى، وقام يردد: (صدقت منعونة الوالدين)، ويضيف: حانت ساعة مفقّع الكَرَدْ. وخلال أسبوع هدأت القرية؛ ودام هطول الأمطار شهراً.