قبل عام مضى، وفي مثل هذه الأيام كتبت مقالا بعنوان (تنظيف سيرة) حين طرأ في بالي مشروعاً كتابياً، واستبقت في اختيار اسم له (تنظيف سيرة) قبل أن أكتبه.
ومفردة (تنظيف) ربما تُدخل القارئ أو تحيله للتفكير بمعجنة الغسيل، وأي غسيل لقطعة قماشية، أو سيرة ذاتية ما هي إلا محاولة لإزالة ما علق بها من أوساخ (وليس وسخاً)، فعدد مرات التمسيح تجاوزت الحد المعقول القابل للتنظيف وإزالة ما علق بها.
وتكاد جل سير الأشخاص الذين مروا بالحياة تاركين آثارهم، وبصماتهم، قد نالهم من التشوهات (الأذى)، ما جعل سيرة الفرد منهم بحاجة لكل أدوات التنظيف الحديثة، بنيّة الكشف عن الحقيقة أو على الأقل الإمساك بسيرة مقبولة منطقيا وفق ظرف الشخصية زمانياً وثقافياً.
والشخصيات التي ملأت الكتب والحياة معاً نادراً ما تجد (ويكاد معدوما أن تكون سيرة خالصة من الأذى).
ولكي تكون عملية التنظيف بارعة، ومتقنة عليك غسل السيرة (وجه وقفى)، وتمحيص كل بقعة وضعت زيادة أو تحبيراً أو انتقاصاً.
فالشخصيات التاريخية هي على حالتين: حالة تقصد فيها الإيذاء، وحالة تقصد فيها المديح، والحالتان بحاجة إلى تنظيف سيرة.
وأي شخصية تجول الآن في بالك، تأكد أن سيرته (ملعوب فيها) زيادةً أو نقصاناً.
والأذى الذي لحق بالسير لم يعد بالإمكان إعادة قطعة القماش ناصعة كما كانت عليه، (والنصاعة المقصودة هي حقيقة ما كانت عليه الشخصية).
عزيزي القارئ: دعنا نجرب.. اذكر شخصية في بالك، وما ترسخ في وجدانك عنها: حباً أو كرهاً، وقم بالبحث الجاد عما كتب وقيل عن تلك الشخصية (ستحتاج لوقت وجهد كبيرين للاقتراب من الواقع الحقيقي لتلك الشخصية)، فسيرة كل إنسان (سواء مكتوبة أو مروي عنها) لا تتطابق حرفياً مع ما كان عليه صاحب الشخصية.
والقصد من هذا القول بأن لا تسلم بما وصلك من معلومات عن أي شخصية، فهي قد مرت (عبر التاريخ) بمغالطات وزوائد بحاجة لتحرير وليس مهماً إقناع الآخرين بما وجدت من تدليس كذباً أو تبجيلاً، وإنما القصد تنظيف داخلك مما رسخ في وجدانك على أنه حقيقة، فالتاريخ يكتب بعشرات الأقلام، وكل قلم له محفز أثناء كتابته عن سيرة أو حدث.
وقد انتدبت نفسي -طوال العام- لقراءة كتب أو مشاهدة أفلام وثائقية تتحدث عن شخصيات أحدثت أثراً في حياة مجتمعاتها، وكم كانت الدهشة حاضرة في عدم تطابق المكتوب مع المترسخ في الذاكرة الجمعية، عشرات الشخصيات ترسخت في البال ناصعة، فإذا بتقلب الكتب ينتج عنه غبار كثيف عن تلك الشخصيات، وليس هناك شخصية إلا وبها جراح، والجراح كثيرة بحيث تربكك، وليس لك من منجا سوى مواصلة البحث بين الكتب المادحة والذامة لكي تأخذ لنفسك طريقا تأمن فيه على سلامة حكمك في كل ما يقال.
نعم، ليست هناك شخصية تعتد بها أو تبخس حقها خرجت من مشرحة السير سليمة.
ولهذا لن يستطيع أحد إيجاد شخصية لم يتقول عنها وفيها، وكل الشخصيات نالها التشويه حتى إن كانت شخصية من المصطفين، ويبدو أننا شخصيات آكلة للحوم البشر.. ربما أنهي هذه المقالة بالإيمان بأن من يصنع التاريخ هم من يتم تجريحهم وأكلهم أكلاً لمّاً..
ومفردة (تنظيف) ربما تُدخل القارئ أو تحيله للتفكير بمعجنة الغسيل، وأي غسيل لقطعة قماشية، أو سيرة ذاتية ما هي إلا محاولة لإزالة ما علق بها من أوساخ (وليس وسخاً)، فعدد مرات التمسيح تجاوزت الحد المعقول القابل للتنظيف وإزالة ما علق بها.
وتكاد جل سير الأشخاص الذين مروا بالحياة تاركين آثارهم، وبصماتهم، قد نالهم من التشوهات (الأذى)، ما جعل سيرة الفرد منهم بحاجة لكل أدوات التنظيف الحديثة، بنيّة الكشف عن الحقيقة أو على الأقل الإمساك بسيرة مقبولة منطقيا وفق ظرف الشخصية زمانياً وثقافياً.
والشخصيات التي ملأت الكتب والحياة معاً نادراً ما تجد (ويكاد معدوما أن تكون سيرة خالصة من الأذى).
ولكي تكون عملية التنظيف بارعة، ومتقنة عليك غسل السيرة (وجه وقفى)، وتمحيص كل بقعة وضعت زيادة أو تحبيراً أو انتقاصاً.
فالشخصيات التاريخية هي على حالتين: حالة تقصد فيها الإيذاء، وحالة تقصد فيها المديح، والحالتان بحاجة إلى تنظيف سيرة.
وأي شخصية تجول الآن في بالك، تأكد أن سيرته (ملعوب فيها) زيادةً أو نقصاناً.
والأذى الذي لحق بالسير لم يعد بالإمكان إعادة قطعة القماش ناصعة كما كانت عليه، (والنصاعة المقصودة هي حقيقة ما كانت عليه الشخصية).
عزيزي القارئ: دعنا نجرب.. اذكر شخصية في بالك، وما ترسخ في وجدانك عنها: حباً أو كرهاً، وقم بالبحث الجاد عما كتب وقيل عن تلك الشخصية (ستحتاج لوقت وجهد كبيرين للاقتراب من الواقع الحقيقي لتلك الشخصية)، فسيرة كل إنسان (سواء مكتوبة أو مروي عنها) لا تتطابق حرفياً مع ما كان عليه صاحب الشخصية.
والقصد من هذا القول بأن لا تسلم بما وصلك من معلومات عن أي شخصية، فهي قد مرت (عبر التاريخ) بمغالطات وزوائد بحاجة لتحرير وليس مهماً إقناع الآخرين بما وجدت من تدليس كذباً أو تبجيلاً، وإنما القصد تنظيف داخلك مما رسخ في وجدانك على أنه حقيقة، فالتاريخ يكتب بعشرات الأقلام، وكل قلم له محفز أثناء كتابته عن سيرة أو حدث.
وقد انتدبت نفسي -طوال العام- لقراءة كتب أو مشاهدة أفلام وثائقية تتحدث عن شخصيات أحدثت أثراً في حياة مجتمعاتها، وكم كانت الدهشة حاضرة في عدم تطابق المكتوب مع المترسخ في الذاكرة الجمعية، عشرات الشخصيات ترسخت في البال ناصعة، فإذا بتقلب الكتب ينتج عنه غبار كثيف عن تلك الشخصيات، وليس هناك شخصية إلا وبها جراح، والجراح كثيرة بحيث تربكك، وليس لك من منجا سوى مواصلة البحث بين الكتب المادحة والذامة لكي تأخذ لنفسك طريقا تأمن فيه على سلامة حكمك في كل ما يقال.
نعم، ليست هناك شخصية تعتد بها أو تبخس حقها خرجت من مشرحة السير سليمة.
ولهذا لن يستطيع أحد إيجاد شخصية لم يتقول عنها وفيها، وكل الشخصيات نالها التشويه حتى إن كانت شخصية من المصطفين، ويبدو أننا شخصيات آكلة للحوم البشر.. ربما أنهي هذه المقالة بالإيمان بأن من يصنع التاريخ هم من يتم تجريحهم وأكلهم أكلاً لمّاً..