-A +A
رامي الخليفة العلي
حاسوب فرونتير هو كومبيوتر فائق السرعة ويُعتبر أول وأسرع حاسوب عملاق في العالم، وهو موجود في ولاية تنسي في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد اشتغل للمرة الأولى في العام 2022. ومع كل الإمكانيات الجبارة التي يتمتع بها هذا الكومبيوتر، إلا أن إمكانياته تعتبر محدودة بالمقارنة مع الحواسيب الكوانتية التي يجري العمل عليها في أكثر من دولة، وقد تحولت من دراسات علمية إلى أهداف استراتيجية تتسابق الدول فيما بينها للوصول إليها. ووضع العراقيل أمام الدول الأخرى حتى لا تسبقها في هذا المجال. فعلى سبيل المثال، فإن الولايات المتحدة الأمريكية منعت تصدير أجهزة التبريد التي تستخدم في صناعة هذه الحواسيب إلى الصين، هذه الأخيرة بدورها أعلنت في شهر يونيو الماضي بأنها أنتجت أول جهاز كومبيوتر كمومي في العالم، في جامعة العلوم والتكنولوجيا. الاتحاد الأوروبي، بدوره، خصص ميزانية للبحث العلمي في هذا الإطار، وكذلك كبريات الشركات في الولايات المتحدة الأمريكية، كشركة IBM ومايكروسوفت وجوجل وغيرها من الشركات.

لكي نعلم حجم التغيير والثورة القادمة، يمكن أن نضرب مثالاً في معادلة رياضية تحتاج ملياري سنة لحلها في حاسوب فرونتير، فإنه يمكن حلها في حاسوب كوانتي في أجزاء من الثانية. من الزاوية الإيجابية، فإن كثيراً من المشكلات التي تبدو الآن مستعصية على الحل، ستصبح قابلة للحل في هذا الكومبيوتر. خذ على سبيل المثال معالجة البيانات المناخية، في الكمبيوترات التقليدية الموجودة حالياً، هي مسألة في غاية الصعوبة وليست بالدقة الكافية، لأن هناك الكثير من البيانات والمعطيات ويصعب التعامل معها وفقاً للتقنية الموجودة، ولكن سيصبح ذلك سهلاً للغاية مع الحواسيب الكوانتية، عندما يتم إنتاجها على نطاق واسع. هذا، فضلاً عن مجالات أخرى كثيرة، سواء مناخية أو متعلقة بإنتاج الغذاء وإنتاج الدواء، وكل المشكلات التي تعترض سبيل الجنس البشري. ولكننا، في المقابل، أمام منعطف خطير للغاية، ولا نستطيع، وفقاً لقدراتنا البشرية، أن نتخيل التداعيات المستقبلية لهذه الثورة العلمية.


إذا كانت التخوفات، قائمة من الذكاء الاصطناعي، الذي هو في طور الإنتاج، بسبب قدرات عقلية وفكرية تتفوق على الإنسان بشكل كبير، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا الذكاء الاصطناعي يقوم على قدرات الحواسيب التقليدية. لكن ماذا إذا تلاقت ثورة الذكاء الاصطناعي مع ثورة الحواسيب الكوانتية؟ فإن النتائج بالتأكيد ستكون كارثية. ندرك أن كلامنا يبدو كخيال علمي أكثر منه حقيقة واقعة، ولكن إذا بالنظر إلى السباق الدولي للوصول إلى امتلاك هاتين الثورتين وتحوّل هذا السباق إلى حرب باردة، وهناك خطر أن تتحوّل إلى حرب ساخنة. كل ذلك يجعل مستقبل العالم، بل والجنس البشري، على المحك، خصوصاً أن الأهداف العسكرية تبدو هي المحرك لهذه الأبحاث والتطورات. بل إن إسرائيل استخدمت الذكاء الاصطناعي لاختيار الأهداف العسكرية في قطاع غزة، والنتيجة التي نراها ماثلة أمامنا تعطينا صورة عن الجحيم الذي يمكن أن ينتظر بني البشر.